المحتوى الرئيسى

برنامج تأهيل الشباب المصريين للقيادة... يحلمون بوظيفة والسلطة تحلم بولائهم

09/12 13:10

عام 2010، انضم الشاب المصري محمود حامد إلى جمعية "جيل المستقبل" التابعة لجمال مبارك، نجل الرئيس الأسبق، بغرض الحصول على وظيفة في السلك الدبلوماسي. كان محمود طالباً في السنة الأخرة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ويحمل في الوقت نفسه بطاقة الحزب الوطني، ولكن حلمه بالعمل في وظفية دبلوماسية لم يكتمل بقيام ثورة 25 يناير.

وفي نهاية عام 2015، عندما أعلنت رئاسة الجمهورية "البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة"، وجد في الأمر فرصة للترقي والفوز بمنصب قيادي في وزارة المال أو البنك المركزي، والتخلص من الأعمال الإدارية التي يمارسها في عمله بأحد البنوك الأجنبية بمصر.

قدم محمود، 28 عاماً، أوراقه لمسؤولي البرنامج، لكنه لم ينجح في اجتياز مراحل الانضمام. محاولة جديدة لم تكتمل، إلا أنها لم تنل من إصراره، إذ يسعى حالياً إلى الالتحاق بالدفعة الثالثة من البرنامج والتي يجرى التحضير لها حالياً.

في أكتوبر 2015، أعلنت الرئاسة المصرية "البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة"، الذي ترعاه مؤسسة الرئاسة وتشارك بممثلين منها في مجلس إدارته.

ويشترط البرنامج للانضمام إليه ألا يتجاوز عمر المتقدم 30 عاماً، وأن يكون متفرغاً أو على الأقل قادراً على حضور محاضرات المادة العلمية المقدمة أربع مرات في الأسبوع، خلال مدة البرنامج التي تقترب من ثمانية شهور.

يدرس الشباب في البرنامج العلوم الإدارية والسياسية والتخطيط وغيرها، وبعد التخرج يتم تعيين أغلبهم في وظائف حكومية.

ويهدف البرنامج، بحسب موقعه الرسمي، إلى "إنشاء قاعدة قوية من الكفاءات الشبابية لتكون مؤهلة للعمل السياسي والإداري والمجتمعي بالدولة، من خلال إطلاعها على أحدث نظريات الإدارة والتخطيط العملي والعلمي، وزيادة قدرتها على تطبيق الأساليب الحديثة لمواجهة مشكلات المجتمع".

إلا أن هذه الأهداف المعلنة كانت مثار شك لدى جورج لويس، مهندس بشركة اتصالات. فبعدما سجل بياناته ووصلته رسالة إلى البريد بالقبول طلبت منه استكمال باقي الإجراءات وتقديم الأوراق للالتحاق بالبرنامج، تراجع.

ويوضح سبب ذلك لرصيف22: "بعد أن شاهدت خطابات وأحاديث شباب ودارسي البرنامج على القنوات الفضائية وفي مؤتمرات الرئيس الشهرية، وآخرها مؤتمر الإسكندرية، تبيّن لي أنهم يؤهَّلون ليكون ولاؤهم للنظام".

شارك غردبرامج رئاسية "تؤهل الشباب للقيادة"... وشباب يتحدثون عن استغلالها سياسياً ويتذكرون جمال مبارك

شارك غردالرئيس المصري يرعى برامج لتطوير قدرات الشباب القيادية... ولكن البعض يعتبر هدفها تجميل صورة النظام

يعتقد جورج، 26 عاماً، أن تقلّد منصب قيادي سواء مساعد وزير أو مسؤول في مؤسسة حكومية أو خاصة قبل تجاوز الثلاثين من العمر، أمر مثير، "لكن المقابل كبير، وهو التخلي عن المبادىء والقيم التي آمن بها. هي مغامرة لم أقدر عليها، وسألت نفسي كيف أستطيع أن أعارض قرارات السلطة وأكون في الوقت نفسه واحداً من صانعي سياساتها؟"، قال.

ويربط جورج بين هذا البرنامج وبرامج جمعية "جيل المستقبل"، معلقاً: "الجميعة كانت تقوم بأدوار شبيهة. زملاؤنا في الجامعة كانوا أعضاء فيها وتم استغلالهم من أجل تمرير التوريث من مبارك لابنه".

ويتابع: "لا تعطي السلطة أيّ دور للشباب. إذا كانت تريد صالحهم فلماذا لا تتركهم يعبّرون عن آرائهم وتعيّنهم في وظائف بمؤهلاتهم وليس بناء على ما يقدمونه لها من ولاء؟".

وعلى غرار البرنامج، أعلنت الرئاسة المصرية أيضاً، بدء الدراسة في "أكاديمية الشباب"، وهي أكاديمية لا تختلف كثيراً عن البرنامج ومن المقرر افتتاحها في أكتوبر المقبل.

ويأتي تنفيذها، بحسب المعلن رسمياً، كونها واحدة من توصيات المؤتمر الوطني الأول للشباب الذي عُقد في شرم الشيخ ورعاه السيسي في نوفمبر 2016. وتتبع الأكاديمية رئيس الجمهورية مباشرة أيضاً ومفترض أن يشكَّل لها مجلس أمناء برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية ممثلين عن رئاسة الجمهورية وعدد من الوزارات، بالإضافة إلى شخصيات عامة.

ودعا نواب، بينهم النائبة هالة أبو السعد الأحزاب والقوى السياسية إلى "الوقوف وراء الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتقديم العون لها، وتحفيز الشباب على الالتحاق بها والاستفادة من خدماتها".

يرى الباحث السياسي بمركز الأهرام للدراسات عاطف سعداوي أن أكاديمية الشباب والبرنامج الرئاسي "ما هما إلا أشكال لتجميل صورة النظام، والغرض منها البروباغندا السياسية لتصدير فكرة أن الدولة تهتم بالشباب. ولو أنها تهتم بهم فعلاً وهناك إرادة واضحة لذلك، عليها أن تتخذ قرارات بتعيينهم في الوظائف المختلفة وتوفّر لهم فرص العمل".

ويعيب الباحث على السلطة التركيز على مؤتمرات الشباب دون أن يكون هناك نتيجة ملموسة ومفيدة من ورائها. يقول: "لا بد من رغبة حقيقية في مساعدة الشباب، وذلك من خلال إتاحة الفرصة لهم من أجل التعبير عن رأيهم والتخفيف من الضغوط والأعباء الاقتصادية عليهم وعلى جميع المواطنين".

وينبّه إلى أن السلطة سبق أن فعلت أشياء مشابهة أيام الرئيس الأسبق حسني مبارك، ولم تستفد منها.

لا يؤمن ضاحي سمعان، 25 عاماً، ويعمل في شركة بلاستيك، بهذه البرامج الرئاسية، ويقول: "معروف أن مَن يتم اختيارهم هم المرضي عنهم أو الموصى بهم". ويتابع: "لست من هؤلاء ولا أولئك، ورغم أني خريج كلية التجارة، وأتمنى العمل في وظيفة بالدولة تليق مجال دراستي، فإن ذلك ليس طريقي".

يسعى ضاحي إلى إتقان اللغة الإنكليزية، ويتلقى دورات في مجال المحاسبة على الإنترنت بهدف تطوير قدراته والعمل في شركة كبرى. "بعد أن أكون مؤهلاً سأتقدم للعمل في شركة محترمة أو أسعى للهجرة خارج مصر، أما التعويل على الدولة أو الأحزاب فغير مجدٍ"، برأيه.

ويقول: "منذ كنت في الجامعة وأنا لا أحب التملق، لم أشارك في أي أسرة جامعية ولم يكن لدي تطلع قيادي، كما أني لا أفضل المشاركة في أي عمل سياسي".

و"الأسرة الجامعية" هي الكيان الذي ينضم إليه شباب الجامعات لممارسة أنشطة ثقافية ورياضية وغيرها ويمكنهم من خلالها الترشح لانتخابات اتحاد الطلاب.

وبحسب خ. ر.، أحد مَن تلقوا تعليماً في البرنامج، من غير المسموح للمشاركين عرض أيّة وجهات نظر تعارض مشروعات الدولة وخططها، رغم أن هذه المشروعات ومناقشتها أساس لكثير من المحاضرات التي يتلقاها الدارسون.

ويضيف: "نقوم بزيارات إلى مشروعات تقيمها الدولة، كذلك بعض المؤسسات العسكرية والشرطية. وبالطبع هناك قرارات وخطط أؤيدها، لكن في المقابل هناك قرارات ضعيفة وتضر الشعب، للمثال قرارات البنك المركزي التي تسببت في تضرر الاقتصاد وليس انتعاشه بحسب ما هو معلن".

ويؤكد هذا الشاب أنه لم يحصل على وظيفة بعد انتهاء البرنامج، ويشرح: "آخرون حصلوا على مناصب إما مساعد وزير أو موظفين في مجلس الوزراء، لكنّي بقيت في وظيفتي الحكومية الأساسية ولم أترقَّ".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل