المحتوى الرئيسى

محمد العسيري يكتب: الطريق الأبيض

09/11 19:05

منذ سنوات بعيدة وأنا أبحث عن طريق هادئ إلى راحة البال.. وكلما ارتبكت إشارات المرور فى العاصمة.. و«اتخنقت».. أهرب بجلدى وسيارتى إلى الطريق الصحراوى قاصدًا قريتى فى تلك البلاد التى صارت بعيدة - رغم كل وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعى- ولم يبق لى منها سوى ذكريات الطفولة.. باتشعلق فيها كل عيد وأكاد أصُر عليها فى «منديل أبيض قديم من قطن المحلة» أدفنه منذ سنوات وسط كراكيب هشة وعتيقة فى ركن قصى من الذاكرة التى أصابتها الأمراض.

كثيرًا ما أفعل ذلك.. ويضحك أصحابى الذين يدركون حقيقة أن كل شىء تغير.. ليس فى قريتى فقط ولكن فى تجاعيد أنفسنا أيضًا.. من الآخر «كبرنا».. لكننى أحاول فى كل مرة أن أتعامى عن ذلك «الكشف» الذى لم يعد سرًا بعد أن تسلل الأبيض إلى رءوسنا جميعًا نحن أبناء الأيام الصعبة.

المهم.. كان العيد.. مثل كل مرة.. فرصة جديدة لأن أذهب إلى هناك.. يا دوب يومين.. أضحك على روحى بيهم.

وكنت أظن أن هذه المرة.. مثل كل مرة.. سيسألنى الأصدقاء عن الأحوال.. عن الخليج.. وقطر.. وداعش.. وأحيانًا عمرو دياب وأغنياته الجديدة.

هذه المرة لم يسألنى أحدهم فى ذلك.. بل ولم ينتظر أحدهم أن أسأله عن موعد سَفرته القادمة إلى إحدى دول «النفط».. كان الحديث جديدًا هذه المرة.. عن «العاصمة الإدارية».

آه والله.. عن العاصمة الإدارية! هم الذين يتحدثون.. وبشغف.. عن بناء يشاركون فيه.. لا يشكو أبناء الصعيد أبدًا من «حمولة زائدة».. أو من ساعات عمل إضافية.. أو من طعام جاف.. هم «متعودون».. على تلك العيشة الصعبة.. هم يتحدثون فقط عن «العمل».. عن ضخامة الأسوار التى يشيدونها.. عن المعدات الحديثة والضخمة التى يستعملونها فى العمل.. عن حركة «الطرق الجديدة» التى تصل تلك «العاصمة» بالحياة من حولها. هؤلاء الذين أحكى لكم عنهم.. كانوا يحدثوننى منذ عامين.. عن الحر فى «الكويت».. و«متاعب الكفيل» فى «الدمام».. وخطر الخطف والحرق على يد داعش فى «مصراتة».

لأول مرة منذ سنين طويلة.. أشعر بأن «جسرًا أبيض».. يربط بين «حكاوى» الأبناء الذين صاروا رجالًا فى الثلاثين الآن.. وحكاوى الآباء الذين شاركوا فى بناء «السد العالى».

لا أبالغ.. هناك متعة فى حكاوى الكبار.. فى أمثالهم الشعبية.. فى أغنياتهم الممزوجة بإيقاعات الكف والنميم وأنين «السمسمية».. فيما هناك «جفاف» فى حكايات «الأبناء» الذين لا تبهرهم «المائة جنيه» التى يوفرها الرجل منهم مساء كل يوم.. بعد ١٦ ساعة «شقا».

الإبهار فى حكاوى «الجدود».. ربما صنعه الخيال.. وجوابات «حراجى القط» التى كتبها الأبنودى.. وأذاعتها محطات الراديو.. فيما راحت محطات الراديو الجديدة تتبارى فى ترويج غناء فاسد وحكايات تافهة.. «من الآخر».. هناك سكة جديدة فى حكاية الجيل الجديد من الرجال الذين يبنون ويكملون «سيرة الحلوانى».. لكننا حتى هذه اللحظة لم نشعر بهم جيدًا.. ولم «نسوّق» حكاياتهم البسيطة ونصنع منها «أغنية» و«قصة» و«فيلم» يفتح طريقًا أبيض فى «أدمغة الصغار» الذين منعنا دخولهم إلى صالات عرض الأفلام البذيئة.. لكننا لم نضع لهم أفلامًا بديلة رغم أنها موجودة فى الواقع الآن.

الطريق إلى العاصمة الإدارية.. ومثيلاتها.. هو الطريق «الأبيض» الوحيد الذى يعبر بنا مجددًا.. وهو الطريق الوحيد للكشف عن «الفئران والجرذان» المذعورة التى فجّرت نفسها وأدمغتها العفنة فى «الشقق السوداء» فى إحدى حارات «أرض اللوا».

عاين المهندس شريف حبيب محافظ بني سويف، اليوم الاثنين، أحد العقارات بشارع مقبل بمدينة بني سويف بعد شكوى بعض المواطنين من حالة العقار وخطورته جراء تصدعات وشروخ طرأت عليه. جاء ذلك بحضور مسئولي التخطيط ...

بعد مرور 16 عاما على هجمات «11 سبتمبر» التي أسفرت عن سقوط نحو 3 آلاف قتيل، وإصابة 6 آلاف جريح، وتسببت في إحداث تغيير جذري حول العالم، أفرجت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» عن عدد من الصور غير ...

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل