المحتوى الرئيسى

"برلمانى" يخترق مطبخ الإخوان - برلمانى

09/11 12:59

** خطة 11/ 11 تتضمن 3 أهداف و15 إجراء أبرزها التواصل مع القوى القريبة للجماعة

** أوراق الاجتماعات تثبت تورط بنك ضخم فى تحويل أموال لعناصر الإخوان بوساطة شركة إندونيسية

** قيادات إخوانية إندونيسية تسهل تحويل ملايين الدولارات عبر Kesawan ومسؤول مصرفى بالدوحة

فى الحلقة الأولى، استعرضنا قصة اجتماع قيادات الإخوان فى فندق «أكغون إسطنبول» الفاخر، وقصة قضية تبادل الزوجات المتهم فيها القيادى «ع. ع» أمام شرطة تقسيم، وإقحامه اسم السيدة اللبنانية «ف. م» زوجة أحد المقربين من عزام الأيوبى، قائد الفرع اللبنانى للإخوان، وما كشفته لنا السيدة على خلفية القضية من أسرار المكتب الإدارى والمجلس الثورى ومحاضر الاجتماعات ورسائل التكليفات، التى كانت تصل نسخة منها لزوجها، وصولا إلى استعراض تفاصيل التخطيط لتظاهرات 11/ 11 والمشاجرة التى شهدها الاجتماع حولها، وآخر خطط الجماعة وحملاتها للحشد فى مصر.

بدأ اجتماع قيادات الإخوان فى قاعة SURiÇi بفندق «أكغون إسطنبول» هادئا، فرض «م. ح» المتصدر لكرسى الرجل الأول شخصيته على المجتمعين العشرين، وهو هادئ بدرجة ما، أو يجيد اصطناع هذا، لم يبدأ التوتر إلا مع حديث «أ. ع» عن إنجازاته هو والمكتب الإدارى، إذ استطاع الرجل المعروف بغلظته منذ إدارة مكتب الجماعة بإحدى محافظات شمال الصعيد، وبافتقاره للكاريزما والقدرة على الإقناع، تبديد ما حققه «م. ح» من هدوء واتزان لأجواء الاجتماع.

لم يقبل «أ. ع» اتهامات الفساد وتبديد ميزانية الدعوة لـ11 نوفمبر 2016، حاول المناورة أكثر من مرة بتغيير الموضوع أو إثارة أحاديث فرعية، يمتلئ محضر الاجتماع وتسجيلاته بعشرات المقاطعات الاحتجاجية، ومع كل اعتراض أو انتقاد أو همهمة كان يعود لدفاعه الحاد والعاطفى، وحديثه عن المحنة والأزمة المالية والنجاحات الواسعة فى التواصل مع قوى دولية، ولكن كل محاولة من محاولاته كانت تزيد الأمر تعقيدا، وتدفع فى اتجاه الوصول للذروة الدرامية، وبالفعل وصل لها الرجل بإخراج الملف الأحمر المطمور وسط كومة الأوراق الموضوعة أمامه، وقوله بحدّة وكأنه ينطق فصل الخطاب: «إحنا اشتغلنا من 15 سبتمبر لـ15 نوفمبر، شهرين شغل فى كل مكاتب وشُعَب ووحدات مصر بـ3 مليون دولار بس، وإللى مش مصدق الكلام، آدى الأرقام».

يوضح محضر الاجتماع العاصف، المنعقد الخميس 17 أغسطس الماضى، خطة الحشد لتظاهرات 11 نوفمبر من العام المنقضى، والتفاصيل الكاملة للتحرك، وحجم الأموال وآلية نقلها، بحسب الخطوط العريضة التى جرى الاتفاق عليها فى اجتماع للمكتب الإدارى والمجلس الثورى بتاريخ الخميس 21 يوليو 2016.

بحسب نص الخطة، المرفق منه نسخة بمحضر الاجتماع، يمتد مجال عمل الدعوة بين 15 سبتمبر و15 نوفمبر، لتحقيق 3 أهداف أوردتها بالترتيب: رفع مستوى الاحتقان الشعبى، وكسر حاجز الخوف، وتحفيز الشعب على التحرك. تتفرع عن هذه الأهداف قائمة من 15 إجراء، جاءت وفق الترتيب التالى: تفعيل شرائح بعينها «العمال، والحرفيين، والمهنيين، والشباب»، وتمثيل كل المستهدفين وتحديد متطلباتهم ورفع النقاط الحرجة لديهم وتغذية المطالب الفئوية وتحديد الوسائل والمضامين الإعلامية (عبر جلسات استماع داخلية وخارجية تصب لدى لجنة للمتابعة ووضع التكليفات)، وتفعيل التنسيق مع الشرائح والصف، وصناعة حالات اجتماعية وشعبوية تكون الجماعة الفعل فيها لا رد الفعل، وإنشاء منبر إعلامى للحملة مع تفعيل المنابر الموجودة من التابعين والمتحالفين، وتفعيل المناطق العمالية، وتفعيل الإعلام المحلى المعارض وتوظيفه فى خدمة الحملة، والتواصل والتنسيق مع القوى والتجمعات المتقاربة فكريا، وتحديد آليات تفصيلية للاتصال وخطة بتوزيع المهام، وتنشيط الوجوه البارزة عبر «السوشيال ميديا» والصفحات كثيفة التفاعل وتدشين صفحات وحسابات للعمل وفق رؤية الحملة بتفاعل لحظى مع المتابعين، والتنسيق مع قوى ومؤسسات دولية وتنظيم فعاليات أمام المنظمات الحقوقية والعمالية العالمية، وتخصيص ميزانية لإطلاق صفحة على «فيس بوك» والوصول بها لمليون عضو مع إنتاج ملصقات ووسائط مرئية ومسموعة والتركيز على الإعلانات المدفوعة، والتواصل مع الإعلام الدولى والحكومات المتقاربة مع أهداف الحملة، وتكثيف المداخلات التليفزيونية وملصقات الشوارع وطباعة الحوائط، وتوظيف الأحداث والمناسبات للترويج للدعوة ورفع الروح والحماسة لدى الشعب، خاصة الشباب.

اقترحت الخطة 5 وسائل عملية لتنفيذ الأهداف وتدعيم الإجراءات التصاعدية، تمثلت فى: عمل حملات ميدانية لرفع واقع المجتمع، وطباعة آلاف البطاقات بصورة «شجّع فريقك» مع كتابة رسائل مباشرة فى خلفياتها عن الدعوة وأهدافها، والعمل وفق آلية التفكير المضاد (إظهار تأييد النظام ثم انتقاد الأوضاع والحديث عن سوء الإدارة من موقع المؤيد)، واستخدام البالونات السوداء على نطاق واسع مع توظيف بعض العبارات الانتقادية الموجزة لتصعيد حالة الشحن والتأثير النفسى، وإنتاج عشرات الفيديوهات الساخرة وحادة اللهجة لشخصيات شعبية (الأراجوز والراوى)، واختتمت ورقة الخطة بوضع المحاور المطلوب اختبارها فى الاجتماع التالى، كان مقررا له الثلاثاء 13 سبتمبر 2016، قبل موعد انطلاق الحملة بيومين، وضمت هذه المحاور: دراسة المشروع مع المكاتب والوحدات القاعدية وعرض النتائج على الاجتماع، ووضع مقترح باسم الحملة وشعارها مقترحا أن يكون «ثورة الغلابة»، وتحديد المطالب الفئوية والجماهيرية للشرائح المختلفة، وتحديد مهام كل شعبة ووحدة فى الحملة، وكتابة المضامين الإعلامية، وتحديد المناطق العمالية المراد تفعيلها وآلية النفاذ لها، وعمل نموذج محاكاة أوّلى للحملة، وأخيرا وضع جدول تشغيل تفصيلى يغطى فترة العمل.

تقول السيدة «ف. م» إن محضر الاجتماع وتسجيلا صوتيا له، يتضمنان استرسالا من السيد «أ. ع» فى الحديث عن حلقات التمويل والتواصل فى خطة 11/ 11، إذ أكد أن الميزانية المخصصة للإنفاق على الدعوة، وقدرها 3 ملايين دولار من إجمالى 10 ملايين طلبها المكتب الإدارى، جرى تحويلها بالكامل لوحدات وشُعَب مصر، ومن ثمّ فلا وجه للحديث عن فساد أو اختلاس تورط فيه قيادات المكتب.

سألنا عن آلية تحويل هذا المبلغ الضخم، إذ لا يمكن تخيل مرور 3 ملايين دولار عبر القنوات الشرعية دون ملاحظة السلطات المصرفية والجهات الأمنية، فردت السيدة اللبنانية بأنه بحسب الأوراق والتسجيلات، قال «أ. ع» إنهم بذلوا جهودا ضخمة لتمرير المبلغ قبل موعد بدء الحملة بوقت كافٍ، وبالفعل وصل لقائمة المتلقين المحددة فى مصر، بإشراف القيادى الشاب «ع. خ» الذى يتولى التنسيق بين مجموعات محمد كمال والمكاتب الإدارية من جانب، وبعض الجهات التركية والقطرية من جانب آخر، وعاونه فى الأمر «ب. خ» المالك السابق لإحدى قنوات الجماعة، وحليفه الليبرالى «أ. ن» الذى اشترى القناة، وأصبح مؤخرا معبرا من معابر الأموال عبر أصدقائه ومسؤولى حزبه السابقين فى مصر.

يواصل «أ. ع» حديثه عن طريقة إدخال الأموال لمصر، قائلا إن الحقائب الدبلوماسية للسفارة القطرية بالقاهرة كانت واحدة من مسارات تدفق الأموال، وإن هذا المسار كان سابقا على 30 يونيو 2013 كمعبر لجانب من الدعم القطرى، وعقب التحول السياسى ظل الباب مفتوحا ولكن مع قدر من التحفظ والتدقيق، وعلى فترات متباعدة، وفيما يخص ميزانية 11/ 11 فقد نقلت الحقائب القطرية مليون دولار كانت مخصصة للإنفاق المركزى ومجموعة عمل القاهرة الكبرى والقطاع التقنى وخلية النشاط الإلكترونى والوسائط والمنتجات النوعية، أما المليونان الباقيان فقد نُقلا عبر تحويلات بنكية.\

بحسب المعلومات الواردة على لسان «أ. ع»، كان «ع. أ. ك» المدير التنفيذى لأحد أكبر بنوك قطر، أحد أبطال عملية إدخال الأموال، بدأت علاقة الجماعة بالرجل الذى يشغل موقعا قياديا فى البنك منذ 1988 من إندونيسيا، إذ يرأس شركة Kesawan المملوكة للبنك فى جاكرتا، ومن خلال قيادات حزب «العدالة والرفاهية»، الجناح الإخوانى بإندونيسيا، توطدت علاقة الطرفين، وأصبح مسار قطر إندونيسيا مصر أو تركيا إندونيسيا مصر، من مسارات تحويل أموال الجماعة، بدءا من بنوك «تركيا فاينانس» و«زراعة كلتم» و«وقف»، والأخيران حكوميان، أو التجارى القطرى، وقطر الإسلامى، وقطر الدولى الإسلامى، بتحويلات تُستخدم فيها شركات الجماعة بتركيا وأسماء عشرات من عمالة قطر وبعض المقيمين بأوروبا، عبورا إلى بنك إسلام أو بنك معاملات فى ماليزيا، أو بنوك «شريعة مانديرى» و«شريعة معاملات» و«ميجا شريعة» بإندونيسيا، ومنها إلى بنك «ق. ا» الذى يملك 175 فرعا فى مصر.

يحوز حزب العدالة والرفاهية 4 حقائب بالحكومة، فى المركز الثانى بعد الحزب الحاكم الذى يحتفظ بـ6 حقائب، وعبر قياداته لطفى إسحاق، وهدايت نور، والمزمل يوسف، وأنيس ماتا، حصلت شركة Kesawan على تسهيلات كبيرة فى عملها، وفى تلقى وتحويل الأموال بعملات مختلفة، والتحق بها لاحقا فريق من المكتب للإشراف على هذا المعبر المالى.

إضافة للمسار السابق، تحدث «أ. ع» عن المسار «الدائم» بحسب تعبيره، والمتمثل فى مئات العاملين فى قطر، الذين يرسلون أموالا لآلاف الحسابات التى تغطى محافظات مصر، أغلبها عبر بنك «ق. ا»- من جانبنا لا نوجه أى اتهام للبنك وإنما نعرض ما ورد فى أوراق الإخوان- وهذه الحسابات فى الغالب تخص أفراد أسرهم المنظمين، أو قيادات الظل ودوائر المتعاطفين، مشيرا لخضوع هذا المسار لإشراف مجموعة تابعة للأمين العام تضم 100 شاب يعملون بين إسطنبول والدوحة، بدعم مباشر من القطرى «ع. أ. ك»، وأنها وسيلة فعالة لنقل الأموال بسرعة وكفاءة لمجموعات العمل على الأرض، وجرى تحويل عشرات الملايين من الدولارات عبر هذا المسار منذ 2014 حتى الآن، أُنفقت على حملات سياسية وإعلامية وتوفير الدعم لمجموعات الحراك (ربما يقصد ميليشيات حسم ولواء الثورة وغيرهما)، وإعالة أسر المحبوسين.

هذه النقطة تحديدا كانت مثيرة للغاية، ودفعتنا لتتبعها عبر مسار آخر، سألنا أحد المصادر المصرفية- رفض الكشف عن هويته- فقال إن تطورات تحويل الأموال من بعض الدول تقطع بأن هناك طفرة يقف وراءها أمر غير طبيعى، فبحسب تحليله لبيانات رسمية «كان متوسط تحويلات قطر قبل 2013 لا يتجاوز 250 دولارا للفرد شهريا، بإجمالى لا يتعدى 35 مليون دولار، قفز فى 2014 إلى قرابة 500 دولار بإجمالى يتجاوز 100 مليون، إذ قفز عدد الحسابات التى تشهد تحويلات شهرية مع قفزة عدد العمالة من 150 ألفا إلى أكثر من 200 ألف»، وفى وجهة نظره فإن هذه المؤشرات تؤكد أن تحويلات العمالة من قطر جرى توظيفها فى خدمة خطوط تدفق مالى ضخمة وتتجاوز مدخول هذه العمالة نفسها، يُعمق الشكوك أن جانبا كبيرا منها يتم عبر بنك مملوك للنظام القطرى، ما يوفر لها فرصة للهروب من التتبع، أو صنع مسار مركب للتحويل عبر أكثر من فرع أو بلد.

يقول أحد العاملين فى «ق. ا»- رأينا عدم نشر اسمه تأمينا له- إن أرباح البنك السنوية تتجاوز مليارى جنيه، حصة العاملين 10% منها، يُصرف لهم 50 مليونا فقط ولا يعلم أحد أين تذهب النسبة الباقية، وإن البنك يشهد توفير غطاء من السرية لمئات الحسابات، تجرى عبر بعضها تحويلات يومية متكررة بعملات أجنبية، إضافة لتكرار بيع وشراء العملات من أشخاص بعينهم، وتوفير ملاءة ائتمانية ضخمة بشروط ميسرة، كانت بعض ضماناتها محلات وشركات مملوكة للإخوان، وبتتبع الأمر وصلنا إلى عدد من البلاغات المقدمة ضد البنك فى هذا الشأن.

استمر «أ. ع» فى عرض معلوماته عن خطة 11 نوفمبر ومسار دخول الأموال أكثر من نصف الساعة، وبعدما انتهى من ملفه الضخم، نافيا أى شبهة للفساد أو السرقة، لم يترك متسعا للحضور الذين أتعبتهم التفاصيل للمناقشة والتفنيد، كان ذكيا ومراوغا، فانتقل سريعا لمحطة أخرى مليئة بالتفاصيل.

تقول السيدة «ف. م» من واقع المحضر والتسجيلات، إن «أ. ع» أغلق حديثه عن دعوة 11/ 11 وميزانيتها قائلا: «دى الحقيقة كلها بالأسماء والأرقام ومصارف الأموال، ليه اللى انتقد 11/ 11 تجاهل مجهود ذكرى رابعة؟ وليه ما أخدتوش بالكم إننا شغالين على 11/ 11 الجديدة وطلبنا اقتراحاتكم من شهر وبعتنالكم كل المعلومات والتفاصيل؟» أنهى الرجل سؤاله ولم ينتظر ردا، مستكملا حديثه بعرض «التحركات الجبارة للمكتب الإدارى وكوادر الجماعة فى ذكرى رابعة والنتائج المبهرة اللى حققها فريق العمل» بحسب قوله.

تضمنت خريطة النشاطات التى استعرضها «أ. ع» مظاهرة أمام المتحف العلمى بلندن، شملت الحديث مع الحضور وتوزيع شارات رابعة ومطبوعات عنها، وجرت بتنسيق «م. خ» الأستاذ بجامعة ليدز، وإقامة مؤتمر بالإنجليزية فى فندق «هوليداى إن» حضرته «م. ع» نفسها- السيدة التى هاجمت المكتب الإدارى خلال الاجتماع- ونُقل بترجمة فورية عبر قناة الجزيرة مباشر، وغطّاه موقع «ميدل إيست مونيتور»، وتكوين فريق «أطباء من أجل الحرية» من عناصر إنجليزية وأيرلندية لتبنى قضية قيادات الجماعة المحبوسين، وتقديم مذكرة لرئيسة وزراء بريطانيا ضد النظام المصرى، مثنيا على جهود البروفيسور «ط. ر» ودوره فى تعميق روابط الجماعة بالحكومة منذ عمله فى فريقى تونى بلير وديفيد كاميرون.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل