المحتوى الرئيسى

مئوية قطر.. العلاقة السرية مع إيران تظهر للعلن

09/11 12:07

أمير قطر تميم بن حمد

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لكي يكتشف العالم الزيف القطري فيما يتعلق بأزمته مع محيطه الخليجي والعربي، فقد تكفلت الدوحة بذاتها في أقل من 100 يوم فقط بتقديم البرهان تلو الآخر لتدلل على صدق الاتهامات العربية لها، وفي مقدمتها علاقاتها الحميمية بإيران، اللاعب الرئيسي في معظم أزمات الشرق الأوسط ووقود النزاعات الطائفية فيه.

نفي قطر لتصريح أميرها تميم بن حمد آل ثاني الذي جاء فيه أن "إيران دولة مهمة لها ثقل إقليمي وإسلامي لا يمكن تجاهله" نهاية مايو/أيار الماضي، بزعم اختراق وكالة الأنباء القطرية، لم يجد ما يدعمه، بل على النقيض بمجرد أن قررت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب قطع علاقاتها بالدوحة مطلع يونيو/حزيران الماضي طفت إلى السطح العلاقات القطرية-الإيرانية "الشاذة عربيا"، وبدا أن الأمر بينهما أكثر من مجرد اعتراف بأهمية إيران الإقليمية.

دخلت إيران على خط الأزمة العربية مع قطر سريعا، عبر بوابة ما أسمته الإغاثة الإنسانية، حين سارعت إلى فتح جسر جوي مع الدوحة، فضلاً عن تخصيص ميناء بحري للغرض ذاته.

فمجرد أن أعلنت الدول الأربع إجراءاتها ضد قطر وطلب الدوحة من حليفتها طهران مساعدتها أقلعت عشرات الرحلات من مطار طهران وشيراز باتجاه الدوحة، محملة بكميات من الأغذية، كما قررت إيران تخصيص ميناء "بوشهر" ليكون مركزاً تجارياً بين طهران والدوحة. وقالت إيران إن سماءها ستكون المنفذ الجوي أمام طائرات الدوحة.

الأمر لم يتوقف على المساعدات الغذائية فقط، ففي خضم الأزمة تذكرت الدوحة مخططاً لديها لزيادة إنتاج الغاز من حقل الشمال، الذي تتقاسمه مع إيران بنسبة 20% وبدأت في تنفيذه.

وقال رضا مصطفوي طبطبائي -رئيس شركة إنيكسد، التي مقرها لندن، وتعمل في مجال معدات النفط والغاز بالشرق الأوسط- "قطر أصبحت في حاجة إلى دعم إيران أكثر من أي وقت مضى.. لا أعتقد أن بوسع قطر زيادة الإنتاج دون التعاون مع إيران إذا استمر الوضع السياسي كما هو الآن في المدى الطويل".

خلال الأزمة انزلقت الدوحة أكثر في الوحل الإيراني، بمساعيها لتسييس الحج، أعظم شعائر المسلمين، ومحاولاتها ربط الحج بخلافها مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب. حيث اتبعت نهج حليفتها إيران التي منعت الإيرانيين من أداء فريضة العام الماضي 2016.

وعرقلت الدوحة وصول الحجاج القطريين إلى المملكة، ورفضت التسهيلات التي قدمتها السعودية لنقل حجاجها وإيوائهم على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بعد وساطة الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني. وزعمت قطر أنها قلقة على سلامة مواطنيها في السعودية.

وكان العاهل السعودي قد أمر بإرسال طائرات خاصة تابعة للخطوط السعودية إلى مطار الدوحة لنقل الحجاج القطريين على نفقته الخاصة لمدينة جدة. وطلبت الخطوط الجوية العربية السعودية الحصول على إذن من قطر لنقل الحجاج القطريين، بجدولة 7 رحلات بطائرات ضخمة لهذا الغرض، كما وجه الملك السعودي بفتح المنفذ سلوى البري بين البلدين أمام الحجاج القطريين.

عندما فشلت قطر في إخفاء علاقاتها الوطيدة والمتواطئة مع إيران -لم تجد دافعا لإخفائها- فقررت في 23 أغسطس/آب الماضي عودة سفيرها لدى طهران لممارسة مهامه الدبلوماسية، وقالت الخارجية القطرية إنها "تتطلع لتعزيز العلاقات الثنائية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المجالات كافة".

وقال مراقبون إن عودة السفير فضحت السياسة القطرية، ودللت على أن انضمامها إلى دول الخليج حينما استدعت سفيرها لدى طهران في يناير/كانون الثاني 2016 بعد هجوم محتجين إيرانيين على سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد، احتجاجاً على إعدام رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر، كان مجرد إجراء شكلي بعيد كل البعد عن المصلحة العربية، ولتصطف قطر مرة أخرى في المربع الإيراني على حساب الأمن القومي العربي والخليجي.

وقد جاءت عودة السفير القطري بعد أسابيع قليلة من قرار الكويت، التي يعوّل القطريون على وساطتها، بإغلاق الملحقية الثقافية الإيرانية والمكتب العسكري وتخفيض عدد الدبلوماسيين بسفارة إيران فيها من 14 إلى 9.

ويقول المراقبون إن إيران ترغب في استغلال قطر في محاولة كسر جدار العزلة المفروضة عليها، فالتقارب بين طهران والدوحة لم يكون وليد اللحظة، فلأزمة الحالية هي حلقة من مراحل متعددة لهذه العلاقة الحميمية، لعل أبرزها مواقف إيران الداعمة لقطر في خلافاتها الحدودية مع السعودية، وإرسال أمير قطر الأسبق خليفة بن حمد آل ثاني رسالة إلى الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني عام 1992 لتقديم شكره على دعم بلاده لقطر في خلافاتها مع السعودية.

وفي عام 1999 قام الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي بزيارة إلى الدوحة، وقد شهدت تلك الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات، أهمها التفاهم حول عدد من القضايا السياسية الإقليمية والدولية، من بينها دعم حركة حماس الفلسطينية، الأمر الذي صار من أقوى نقاط التقارب بين الدولتين في الفترة اللاحقة.

وفي عام 2000 قام أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني بزيارة إلى طهران، وكانت تلك الزيارة هي الأولى التي يقوم بها حاكم دولة خليجية إلى الدولة الفارسية منذ اندلاع الثورة الإسلامية والإطاحة بحكم الشاه.

وبلغ التعاون بين الدولتين ذروته في ديسمبر/كانون الأول 2007، عندما قامت قطر بتوجيه دعوة رسمية للرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد، لحضور القمة الخليجية في الدوحة كضيف شرف، كأول رئيس أجنبي يحضر تلك القمة، ما أثار دهشة بعض الدول الخليجية واستهجانها.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2015 وقع البلدان اتفاقا عسكريا تحت مسمى "مكافحة الإرهاب والتصدي للعناصر المخلة بالأمن في المنطقة"، وقعه كل من قائد حرس الحدود الإيراني قاسم رضائي ومدير أمن السواحل والحدود في قطر علي أحمد سيف البديد، وشهد ذلك الحدث توقيع اتفاقية تعاون لـ"حماية الحدود المشتركة"، كما شمل "إجراء تدريبات عسكرية مشتركة ما بين قوات البلدين".

وفي ديسمبر/كانون الأول 2015 تم اختطاف مجموعة من القطريين في العراق، وبعد احتجاز لمدة تزيد عن العام تم إطلاق سراح المحتجزين، بعدما ترددت بعض الأقاويل عن لقاء وزير الخارجية القطري بقائد فيلق القدس قاسم سليماني، وحدوث اتفاق بينهما يخص المختطفين.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل