المحتوى الرئيسى

اللعب مع الكبار؟! | المصري اليوم

09/10 03:30

مضى سبعة وعشرون عاما وأكثر على مقال نشرته فى صحيفة الأهرام يوم الجمعة ١٦ يناير ١٩٩٠ بعنوان «لماذا لا نفوز بكأس العالم؟!» كانت فيه دعوة لكى نرفع من طموحاتنا بعد أن وصلنا إلى نهائيات كأس العالم التى كانت سوف تجرى فى ذلك العام فى إيطاليا. لم أستسغ أيامها أن يكون أكثر أحلامنا جنوناً هو «التمثيل المشرف» وتعريفه أن نخرج من المسابقة بلا فضيحة؛ وهو ما حدث بالفعل فقد تعادلنا مع هولندا، وكذلك مع أيرلندا، وانهزمنا من إنجلترا بهدف واحد. حققنا هدفنا وبات ذلك هو السقف الذى نسعى إليه على مدى عقود تالية جاءت وذهبت دون أن نذهب مرة أخرى إلى كأس العالم. تغيرت الدنيا بأكثر مما كنا نعتقد أنها يمكن أن تتغير، وكذلك تغيرنا نحن أيضا بأكثر مما توقعنا، وبعد أن كانت الدنيا كلها تسمع دمدمات سقوط الاتحاد السوفييتى بعد سقوط حائط برلين قبل شهور، ولم يمض وقت طويل حتى كان السقوط مدويا، ومعه حلف وارسو، وباختصار لم يعد توازن القوى فى العالم كما كان، أما التطورات التكنولوجية فحدث ولا حرج؛ فلم يكن الكمبيوتر وقتها يمثل أكثر من آلة كاتبة متقدمة، ولم يكن التليفون «الموبايل» سوى مشروع أحلام. بقية القصة فى الدنيا معروفة، أو هكذا نظن، ومهما تقلب العالم فقد ظلت دورات كأس العالم تمضى فى طريقها الموعود؛ أما القصة غير المعروفة فقد كانت قصتنا نحن، ولكن نهاية القصة كانت أننا لم نذهب إلى كأس العالم مرة أخرى. لم نتحرك كثيرا من مكاننا، وفى أوقات رضينا بأن نكون الدولة الموعودة فى أفريقيا، ولكن ذلك، كما يبدو، كان كثيرا علينا، فقمنا بثورات انتهى عندها الوصول إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية على مدى ثلاث دورات متعاقبة جرى فيها لعب كرة القدم المصرية بدون جمهور؛ وكلما حاولنا تجاوز الحال، سقط الكثير من الضحايا، وكأن عدد ضحايا الإرهاب لم يكن كافيا.

كل هذا الاهتمام بكأس العالم يأتى من حقيقة أنها الحالة التى يحدث فيها اللعب مع الكبار فى حالة منافسة محصورة مكانا وزمانا وتحت أنظار العالم كما لا يحدث فى منافسة أخرى. وعندما سألت الأستاذ حسن المستكاوى أثناء مؤتمر الشباب فى شرم الشيخ عما إذا كان ممكنا أن نذهب إلى كأس العالم هذه المرة فى موسكو، قال إن القضية ليست الوصول؛ ولكن ماذا سوف نفعل هناك؟ لم أكمل الحديث، ولم أستفسر عما إذا كان معنى الكلام هو «التمثيل المشرف» مرة أخرى وننتظر ربع قرن آخر حتى نصل إلى كأس العالم، أو أننا سوف نلعب مع الكبار بحيث نبقى داخل دائرة المنافسة فى كل المرات القادمة؟ هذه المرة اختلط فيها القديم بالجديد، فانخرط الجمهور فى كثير من الدعاء، ولم يمانع أحد من ذبح الذبائح تقربا وتوددا إلى الرحمة الإلهية، وفرضت برامج تليفزيونية، ومعها شركة اتصالات، عدم الحديث عن الفوز تحت شعار «ماتقطعش» خوفا من «القر» و«الحسد». ولكن الشباب عالج الموضوع على طريقته بالانتقادات العنيفة لطريقة «كوبر» الدفاعية، فالبعض فى هذه الحالة يريدها هجومية مغامرة فيها الكثير من الجرأة والشجاعة أيا كانت أحوال اللاعبين أو قدراتهم أو حتى إمكانية التمرد على الثقافة التواكلية التى تعرضهم لحالة من انقسام الشخصية بين اللعب فى أوروبا، واللعب مع مصر. بعد واقعة أوغندا فى «كمبالا» تحولت منطقة برج العرب إلى منطقة حجيج لجمهور يريد البركة فى «السيلفى»، ولأعضاء مجلس النواب، وأعضاء اتحاد الكرة، وقيادات الأندية.

مثل كثيرين غيرى تابعت أخبار الجولة الثانية فى المنافسة مع أوغندا؛ وحينما هبطت بى الطائرة فى مطار لوجان بمدينة بوسطن الأمريكية كان أول ما فعلته هو تنشيط تليفونى المحمول بحثا عن النتيجة التى أخرجتنا من المأزق الذى كان، ومن يعلم فربما كانت هى التى تفك عقدة الانتظار على أبواب كأس العالم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل