المحتوى الرئيسى

المساعـدات لمـن؟! | المصري اليوم

09/10 02:49

كشفت مناقشات الكونجرس الأمريكى أن المساعدات، سواء كانت اقتصادية أم عسكرية، يتم منحها للأقوياء، وليس للضعفاء أو الفقراء، ذلك أن مسألة تدهور حقوق الإنسان فى مصر كانت بمثابة اللافتة، التى تم من خلالها الإعلان عن خفض قيمة المساعدات بمقدار ٣٣٧ مليون دولار، من بينها ٣٠٠ مليون مساعدات عسكرية، والباقى مساعدات اقتصادية، أما السبب الرئيسى فقد شرحه أكثر من سيناتور، حينما أكدوا أن المساعدات المستمرة على مدى ما يقرب من ٤٠ عاماً، كانت تذهب إلى دولة مصر الفاعلة فى المنطقة، القوية والكبيرة، ولها دور مؤثر فى المحيط الإقليمى والمحيط العربى بصفة خاصة، أما وقد تراجع هذا الدور، فلم يعد هناك مبرر لمثل هذه المساعدات.

هناك من المتحدثين من شكك فى مجريات الحرب على الإرهاب فى شبه جزيرة سيناء، ومن شكك فى نجاح المسار الاقتصادى، ومن أفاض فى ارتباك العملية السياسية، وسط إجماع فيما يتعلق بتراجع حقوق الإنسان عن ذى قبل، إلا أن الحديث عن تراجع الدور المصرى فى المنطقة كان مؤثراً ومقنعاً فيما يبدو للمواطن الأمريكى دافع الضرائب، ذلك أن السياسة الأمريكية ككل لم تنطلق يوماً ما من قيم إنسانية أو أخلاقية، وإلا لما كان كل هذا القتل من الوريد إلى الوريد فى صفوف الملايين من الهنود الحمر، أو العبيد الأفارقة، أو المواطنين الفيتناميين، أو استخدام القنبلة النووية فى هيروشيما وناجازاكى، ثم بعد ذلك الغزو والقتل فى أفغانستان والعراق، والقصف على ليبيا والصومال واليمن، إلى غير ذلك من كثير يتناقض مع أى شعارات أمريكية تتعلق بحقوق البشر أو حتى الحيوانات.

المناقشات الأمريكية تكشف، بما لا يدع مجالاً للشك، أن المساعدات يجب أن تذهب إلى مصر القوية، وليست مصر الضعيفة، مصر الزعيمة فى المحيط العربى والفاعلة فى المحيط الأفريقى، مصر المتحدة شعباً وقيادة وليست المنقسمة أو المهترئة، من هنا يأتى أهمية لم الشمل الداخلى بانتخابات رئاسية حقيقية، بحكومة قوية، ببرلمان على مستوى المرحلة، بإعلام حقيقى وفاعل، بسياسة خارجية بحجم الدولة المصرية، باختصار: يحتاج الأمر إلى إعادة صياغة شاملة تتعامل مع المتغيرات الجديدة بمحمل الجد، وليس بالمكابرة والعناد.

الموقف الأمريكى تجاه هذه القضية يجب أن يكون بمثابة جرس إنذار، لا يجب أن نتوقف أبداً أمام المساعدات فى حد ذاتها، ذلك أن أى اقتصاد يقوم على المساعدات، أو يعتمد عليها ولو جزئياً، لن ينهض بالقدر الذى ينشده المواطن، وربما كانت هذه المساعدات وغيرها من نظيرتها الأوروبية سبباً رئيسياً فى حالة الاتكالية التى بدت واضحة فى مسيرتنا الاقتصادية تحديداً خلال كل تلك السنوات المشار إليها، وكم كنا نود أن نشهد ذلك اليوم الذى نعلن فيه من طرف واحد عدم حاجتنا إلى مثل هذه المساعدات، أو الاستغناء عنها بكرامة وعن طيب خاطر.

هذا الموقف الأمريكى، كما موقف الابتزاز الروسى فيما يتعلق بعودة السياحة، أو بحتمية التوقيع على عقد إنشاء مفاعل الضبعة، أو غيرها من المواقف الأوروبية التى استدعت إبرام العديد من العقود، خاصة فيما يتعلق بمجال التسليح، علّ وعسى نحصل على تأييد من هنا أو هناك، جميعها تؤكد أهمية الاصطفاف الداخلى بإنهاء سياسة الاستقطاب الشائعة حالياً، ومن ليس معنا فليس منا، وتؤكد فى الوقت نفسه أهمية العودة بالدور المصرى الخارجى إلى سابق عهده من كل الوجوه، بعد أن سطا عليه المتكالبون، حتى فى أخص خصوصيات أمننا القومى.

أى منصف وأى عاقل لا يقبل ولا يجب أن يقبل بأن يكون الشطر الآخر من الجمهورية العربية المتحدة، المعروف بسوريا، شأناً خليجياً أو إيرانياً أو إسرائيليا أو فرنسياً، أو حتى روسياً وأمريكياً، أى عاقل وأى منصف لا يقبل ولا يجب أن يقبل بأن يكون العراق أو اليمن أو السودان خارج العباءة المصرية، فن السياسة وعلم المنطق يحتمان احتواء الدول المارقة وليس تجنبها أو توقيع عقوبات عليها، باختصار: لم الشمل العربى يجب أن يكون مهمة مصرية، فى مواجهة من دأبوا على التفتيت والتقسيم، ودعم التنظيمات الإرهابية، تنفيذاً لأجندات أجنبية، وسط موقف مصرى أقل ما يوصف به أنه الصمت.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل