المحتوى الرئيسى

التوازن فى الاقتصاد يتحقق خلال عامين

09/09 21:32

الهدوء والسلام والثقة من سمات التصالح مع النفس، والوصول إلى درجة الرضا عن الذات لا يمتلكها كثيرون.. محبة الآخرين لا تصدأ ويظل بريقها دائمًا فى النفوس لأنها الراحة الكبرى، على هذا الأساس تكون فلسفته.. فى كلامه وتصرفاته مع الآخرين هو خادم لهم، لهذا كان قراره بدراسة الطب، لكن أرادت له الأقدار غير ذلك.. فما أجمل أن تكون شخصًا كلما يذكرك الآخرون يبتسمون وللمحبة دائماً أساس هذا سر تفوق الرجل.

الدكتور سيد عبدالفضيل، رئيس الإدارة المركزية للتمويل بالرقابة المالية، النجاح فى قاموسه لا يأت مصادفة، وإنما حليفاً للإصرار والجرأة، لم تكن مراحل حياته ربيعاً، بل كادت تتساقط أحلامه، فى أول تجربة عمل، عندما أرسل برقية من كلمتين أنه «الأحق» لتكون بداية الانطلاق والوصول إلى القمة.

أن تحقق ما تريد سعادة، لكن السعادة الكبرى تكمن فى حب واحترام الآخرين، بهذه الكلمات استقبلنى الرجل بابتسامة ارتسمت على ملامح وجهه.. بادرنى متسائلًا هل نحن فى مرحلة التوازن اقتصادياً؟ ليرد مجيباً على سؤاله قائلاً: «لا نحن ما زلنا فى مرحلة اللا توازن، وخلال عامين مع وصول الناتج المحلى الإجمالى إلى نمو 6.5% أو 7% سوف تتحقق نقطة التوازن فى الاقتصاد» من هنا بدأ الحوار.

«نعم التوازن هو الوصول إلى الثبات، والتى تستقر فيها أغلبية المؤشرات خلال فترة معينة عليها يستقر سعر الصرف بين 13 إلى 15 جنيهاً، ومشهد المؤشرات الحالية تدعو إلى التفاؤل، حيث إن معدل الناتج المحلى الإجمالى قفز من 2.5% إلى 4%، وهو ما يؤكد الاستجابة إلى الحركة الإنتاجية فى الاقتصاد، رغم مشكلة التضخم، فإن هناك الدولة تعمل على مواجهة ذلك بالحماية الاجتماعية للطبقات الفقيرة».

للتفاؤل مبررات لدى «عبدالفضيل» رغم أن خطوات الإصلاح الاقتصادى تأخرت 40 عاماً، إلا أن ما تم من تخفيض قيمة العملة الوطنية كانت المحور الرئيسى لنجاح الإصلاح الاقتصادى، واستجابة الإنتاج، وزيادته لتغييرات سعر الصرف، بحيث يتم ربطه بالتصدير هو الأساس، وهذا يتطلب شركات جديدة تعمل على التصدير للخارج فقط.

> أقاطعه قائلًا: إذ كان الهدف الأول التصدير.. كيف تواجه متطلبات السوق المحلى؟

- يجيبنى قائلاً: «من خلال المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بحيث يوجه إنتاج هذه المشروعات إلى السوق المحلية، وهو ما يتطلب الاهتمام من ناحية الدولة بهذا القطاع الحيوى القادر على مواجهة البطالة، وتحقيق الحماية الاجتماعية للعديد من الأسر الفقيرة، ودور الدولة يقتصر فى ذلك على إتاحة وتسهيل عملية التمويل، خاصة أن البنوك لم تقدم التسهيلات اللازمة فى مبادرة الرئيس الخاصة بهذه المشروعات».

الالتزام والدقة فى التحليل مبدأ يحافظ عليه الرجل، حينما يتحدث عن المشهد فى السياسة النقدية، حيث يعتمد لديه المنطق على أن الإجراءات التى شهدها الملف أمر لا مفر منه وسياسة الصدمة الأفضل لما تحققه من ثبات، فالدولة واجهت مطبات صعبة، وتطلب الأمر تخفيض سعر العملة الوطنية ورفع سعر الفائدة خلال فترة معينة، بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية، ومحاربة الدولرة، ونجحت هذه السياسة رغم مرارتها، ولكن لفترة مؤقتة قاربت على الانتهاء.

بعض المراقبين لديهم علامات استفهام حول سياسة ادارة السيولة فى البنوك.. وِ«عبدالفضيل» من أنصار هذه المدرسة، حيث يعتبر أن تكالب البنوك على الاستثمار فى أذون الخزانة والسندات غير منطقى، وعليها توظيف أموال المودعين والسيولة المتوافرة لديها إلى النشاط الإنتاجى، إذ ما أرادت دفع عجلة التنمية الاقتصادية والإنتاج.

نشأته الريفية، وصراحته، وحبه للعلم زادت محبة الناس له، حينما يحلل المشهد فى السياسة المالية يقوم على محور واحد بأن هدف السياسة المالية الحد من العجز، وتحقيق ذلك بمثابة الخروج من عنق الزجاجة، والدولة تقوم بتطبيق الضريبة التصاعدية، ولكن لزيادة الإيراد الضريبى لا بد من ضم القطاع غير الرسمى فى منظومة الاقتصاد الرسمى، مع منح محفزات لتشجيعهم على الانضمام.

> أقاطعه من جديد قائلاً: لكن فريقاً كبيراً من المتخصصين ضد الضرائب السداح مداح، ومنها ضريبة الدمغة التى كان لها التأثير السلبى على سوق المال.

- يرد قائلاً: «إن دراسة الأثر الاقتصادى والضريبى لعملية فرض ضرائب، لا بد من وضعه فى الاعتبار، وهل عند فرض مثل هذه الضرائب ستكون حصيلتها ذات جدوى، أم تضر بالاقتصاد، ومثل هذه الأمور لا بد أن توضع فى الاعتبار، وكذلك لا مفر من ضرورة ترشيد النفقات الحكومية».

> إذن، ما مقترحات دفع عجلة التنمية الاقتصادية؟

- يجيب قائلاً: «لا بديل عن الإنتاج الموجه للتصدير، والذى يتطلب جهداً فى التسويق والترويج عالميًا من خلال فتح أسواق جديدة، وفقًا لمواصفات قياسية وعالمية، مع الاستفادة من سعر الصرف، ودون ذلك لن تتحقق التنمية».

تمنى «عبدالفضيل» دراسة الطب، وكان على بعد خطوات من تحقيق حلمه، إلا أن الاقدار ووالده لعبا دوراً فى تحديد مساره نحو دراسة التجارة، ليكرس كل جهده فى دراسته إلى أن حصل على درجة الدكتوراه، وتكون له رؤية خاصة فى الاستثمار تبنى على خلق بيئة استثمارية قوية من خلال محفزات للمستثمرين، بعيداً عن البيروقراطية، والتعامل بروح القانون، والعمل على تعديل بعض التشريعات، بحيث يكون لكل جهة إدارة قانونية على درجة عالية من الاحترافية لتسهيل الإجراءات.. وحققت الرقابة المالية شوطًا فى ذلك من خلال بروتوكول مع هيئة الاستثمار لتسهيل عمليات تأسيس الشركات وزيادة رؤوس الأموال، وأيضًا تحديد خريطة استثمارية واضحة أمام المستثمرين، فى ظل الانتهاء من قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية التى تتطلب توعية وترويجاً عالمياً.

لا يزال الشغل الشاغل للرجل فى ضرورة الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تحظى بدور اجتماعى وتوظيفى كبير يسهم فى التنمية الاقتصادية لما تحظى به من كثافة عمالية، وهو الدور الذى غفلته الأنظمة السابقة، حيث تحقق النمو، ولم تتحقق العدالة.

فى جعبة «عبدالفضيل» العديد من القطاعات القادرة على قيادة قاطرة النمو، من ضمنها تكنولوجيا المعلومات، حيث بات المحرك الرئيسى لكل القطاعات، وكذلك الغزل والنسيج الذى يعد من أهم القطاعات وبمثابة أمن قومى، وكذلك السياحة التى اتخذت استراتيجية جديدة تقوم على التنوع، وأيضاً قطاع الأدوية الذى صار ضرورة تساهم فى النمو.

لا يزال الاختلاف قائمًا بين المتخصصين والمراقبين حول ملف الطروحات المزمع خلال الفترة المقبلة، إلا أن للرجل وجهة نظر خاصة، إذ يعتبر أن الوقت غير مناسب، فى ظل عدم توافر السيولة، وارتفاع عوائد الشهادات الإدخارية بالبنوك التى تصل إلى 20%.

عندما تخرج «عبدالفضيل» فى كلية التجارة الخارجية، بتفوق وتقدم للعمل بهيئة سوق المال مطلع تسعينات القرن الماضى مر بأحداث مثيرة، رغم مؤهلاته العلمية والعملية ونجاحه فى الاختبارات إلا أنه لم يتم اختياره، بسبب الواسطة وقتها، لم ييأس الرجل وحارب لاسترداد حقه وأرسل تلغرافًا لرئيس سوق المال وقتها محمد فج النور مدونة بكلمات «أنا الأحق.. وعلى استعداد لإجراء مناظرة مع المتقدمين» ليأتى الرد سريعاً ويتصدر قائمة المقبولين.

بدأ رحلة طويلة فى سوق المال الذى يعتبره بيته الأول وانطلق الرجل مكتسباً خبرة طويلة إلى أن ترأس الإدارة المركزية للتمويل، ليواصل فيها النجاح مع زملائه فى العمل ويضع معهم استراتيجية تقوم على 3 محاور تشمل تطوير قاعدة البيانات والعمل على حفظ المعلومات إلكترونياً، والمساهمة فى تشريعات السندات المتنوعة سواء المصنفة أو الإيرادات، وغيرها من الأنواع الأخرى، وكذلك إنشاء إدارة خاصة بالصكوك التى هى شغله الشاغل.

أهم أخبار اقتصاد

Comments

عاجل