المحتوى الرئيسى

يا وزير التعليم.. هل آن الأوان ليتعرف طلابنا على داروين؟

09/08 22:14

طالب يتخرج من المرحلة الثانوية بدون دراسة نظرية التطور ومعرفة صاحبها تشارلز داروين هو طالب جاهل بعلم البيولوجى، ومثله بالنسبة للعالم المتحضر والمجتمع العلمى الحديث مثل حامل شهادة محو الأمية الجالس فى مدرج كلية العلوم! هذه حقيقة أنقلها إلى د. طارق شوقى، وزير التعليم، الذى ما زلت أراهن عليه رغم أنه ما زال يقف على شاطئ إصلاح حال المعلم لا العلم والتعليم، فإصلاح التعليم هو إصلاح رؤية وترميم منهج أو بالأصح نسف منهج قديم وإحلال آخر مكانه.

إنها فضيحة أن أدرس أنا منذ أكثر من ربع قرن نظرية التطور فى الصف الثالث الثانوى ولا يدرسها ابنى!! فضيحة أن يظل وزراء التعليم راضخين للتيار السلفى المسيطر على مفاصل التعليم المصرى ومنسحقين أمامه مرتعشين من تدريس تلك النظرية التى صارت من أبجديات علم البيولوجى، ولا يوجد مجمع علمى محترم إلا وصارت نظرية التطور هى الأيقونة والحقيقة المدهشة التى تثبت الأيام ويثبت التقدم عبقرية صاحبها، الذى أعتبره من أهم، إن لم يكن أهم، عباقرة العلم على مر التاريخ، لأنه وببساطة وبمجرد نشاط عقلى وخيال جسور وجهد ضخم رهيب يحتاج إلى مؤسسات علمية لا إلى فرد، تمكّن من التوصل إلى تلك النظرية التى كلما اكتُشفت حفرية أو دُرست خريطة جينية أو تقدم علم وراثة ظهر وبرز دليل جديد على صحتها وقوتها ومدى إفحامها وتماسك بنائها العبقرى، بل إن تلك النظرية الآن يعتمد عليها الباحثون فى تطوير صناعات وتفسير ظواهر وتجديد مفاهيم، وتجاوز الأمر علم البيولوجى ليمتد إلى علوم إنسانية أخرى، هل سنجد فى كتاب الأحياء هذا العام فصلاً عن نظرية التطور أم ستكون كسابقيك من وزراء التعليم مرتعشاً تطبق نظرية «برهامى» فى التقهقر وليس نظرية «داروين» فى التطور؟!

كل تصريحاتك عن تطوير التعليم إذا لم تدخل وتقتحم بجرأة حقل ألغام المناهج المحنطة فى مدارسك ستصبح تصريحات «فشنك» وسنعتبرها «طق حنك» واستهلاك وقت وتخدير عقول، أنت رجل لك علاقات بالمحافل العلمية فى الخارج، أرجوك ارفع التليفون لرؤساء أقسام البيولوجى فى كليات العلوم فى العالم واسألهم عن نظرية التطور واسمع منهم وحاول أن تسد أذنيك عمن يعتبر بول البعير علاجاً ويقنع طلابك الغلابة بذلك!! من المؤكد أنك قد زرت لندن مراراً وتكراراً، أرجوك قف فى طابور متحف التاريخ الطبيعى المجانى وتحمل مدة وطول الانتظار، وراقب رحلات المدارس التى تبدأ بتحية داروين الذى يتصدر تمثاله بهو المتحف، وحاول التقاط صورة فى زحام الأطفال الذين يصورون أنفسهم «سيلفى» مع داروين من فرط العشق لعبقرية هذا الرجل العظيم، كنا فى الثانوية العامة ندرس الفرق بين تفسير «داروين» وتفسير «لامارك» لطول عنق الزرافة، وكان شبه سؤال إجبارى فى كل امتحان، لم نكن كفرة ولا ملاحدة ولم يكن معلمونا الأفاضل ينشرون الزندقة فى الفصول وقت أن كانت هناك فصول، ووقت أن كان هناك طلبة ثانوى يحضرون فى تلك الفصول، كنا ندرسها كعلم قبل أن تنتشر الهستيريا الدينية ويطلب كل مدرس فتوى من الكشك: هل تدريس التطور حلال؟!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل