المحتوى الرئيسى

سان سو تشى.. "رسولة السلام" وشريكة المجازر

09/06 19:49

يقول بوذا فى تعاليمه: «القرار الحق أن يكون المرء هادئًا دائمًا لا يفعل أذى بأى مخلوق، والجهد الحق هو السعى دائمًا إلى كل ما هو خير والابتعاد عما هو شر، جنب الإساءة والأذى بالغير، أعرض عن الاحتقار والغضب وسوء النية، لا تحقد على أحد، حتى ولا على الذين يسيئون إليك، ليكن لنا إزاء جميع المخلوقات الحية عواطف حسن المعاملة والنبل والمحبة، وغاية كل عمل أقوم به المخلوقات التى علىّ جعلها تعيش آمنة فى هذه الدنيا».

لكن أون سان سو تشى المؤمنة معتنقة الديانة البوذية، لم تقرأ تعاليم بوذا، وربما قرأتها ولم تفهمها، لذلك لا يمكن لأحد أن يغفر لها قولها بأنه لا توجد حملة تطهير للأقلية المسلمة فى ميانمار.

سان سو تشى.. خريجة المدارس الكاثوليكية ومدرسة يسوع ومريم فى نيودلهى، ابنة جامعة أوكسفورد، التى عملت فى الأمم المتحدة، والحاصلة على جائزة نوبل للسلام، وجائزة سخاروف لحرية الفكر، وجائزة جواهر لال نهرو، وميدالية الكونغرس الذهبية الأمريكية، والتى عاشت حياتها دفاعاً عن الحرية والمساواة عبر النضال السلمى ورفض العنف، قضت 21 من حياتها فى السجون ورهن الإقامة الجبرية فى منزلها، حرمت خلالها من رؤية زوجها وأولادها إلا لماماً، رفضت الإفراج عنها مقابل مغادرتها لبلادها، ومع ذلك اعتبرت أن استخدام عبارة «تطهير عرقى» لوصف وضع مسلمى الروهينجا فى ميانمار «أمرًا مبالغًا فيه»، وتبرر ما يحدث بأن «البوذيين تعرضوا بدورهم للعنف، وأن الخوف منتشر بين الجانبين وهو ما يؤدى إلى كل هذه المشاكل وأن التوترات تفاقمت بسبب رد الفعل الدولى، الذى شعرت به بورما ولأن قوة المسلمين ضخمة جداً».

أيقونة ديمقراطية الغرب تكذب فى بجاحة منقطعة النظير ولا تتجمل فى إخفاء عنصريتها القبيحة، ففى مقابلة مع الصحفية المسلمة مشعل حسين من قناة «البى بى سى»، غضبت من سؤالها عن أعمال العنف المعادية للمسلمين الروهينجا، وقالت: «لم يقل لى أحد إن مسلمة ستجرى مقابلة معى».

لسان سوتشى مؤلفات عديدة عن الديمقراطية والحرية والسلام ومواجهة الاستبداد والقمع منها «صوت الأمل» و«التحرر من الخوف»، لكنها على أرض الواقع لم تمارس سوى أبشع أنواع القمع والاضطهاد والإقصاء، وسقطت فى الهوة السحيقة للقومية البوذية، ولم يفهم الذين غضبوا منها لأنها لم تقدم أى مرشح مسلم للانتخابات التشريعية، أنها من الأصل لا تراهم ولا تعترف بهم لأنهم غير مواطنين، مثلها مثل من سبقوها من المستبدين الذين حكموا قبلها وناضلت لإسقاطهم.

سقطت سان سو تشى فى مستنقع العنصرية والقتل، وتجاهلت وهى المرأة كل جرائم الاغتصاب والتنكيل بالنساء والأطفال الذين صمت أذنها عن صراخهم واستغاثتهم، لذا ربما يحق للجميع أن يتساءل ماذا كانت تفعل فترة إقامتها الجبرية أو خلف قضبان الزنازين فى الحبس الانفرادى، وهى تحصد جائزة تلو أخرى، وتدعو شعبها إلى سياسة اللاعنف، اقتداء بغاندى، بالتأكيد ربما قرأت عن الذين حصدت الجوائز بأسمائهم، فهل بدأت لها تعاليم معلمهما غاندى فى هذا الشأن ضرباً من الوهم، ألم تدرك قوله: «إن اللا عنف لا يعتبر عجزاً أو ضعفاً»، وأنه ضحى بحياته لدعوته لإعادة الوحدة الوطنية بين الهندوس والمسلمين ومطالبته باحترام حقوق الأقلية المسلمة.

قديسة الغرب، التى ساندها العالم وهى تواجه التنكيل، تجاهلت دعوة الرفاق الحائزين على جائزة نوبل للسلام حينما طالبوها بالتدخل لحماية باعتبارهم أكثر الأقليات اضطهاداً فى العالم، وقد ناشدوها أن «تفعل شيئًا باسم القيم الكونية التى جمعتهما فى نفس الصف» وباعتبارها «الزعيمة التى تتحمل المسئولية الأولى فى أن تقود بشجاعة وإنسانية ورحمة»، ولكنهم أدركوا متأخراً بأن هذه المرأة «غير جديرة بالاحترام».

سوف تذهب سان سو تشى، وسيحفظ أطفال الروهينجا أشعار صديقها فى جائزة السلام بابلوا نيرودا، والتى بالتأكيد لم تقرأها: آه! كثير من الدماء هنا! كثير من الحروب!

وكثير من الرعب! وكثير من العذوبة ما الذى تواخيه، الأنهر؟ ثلجًا ودمًا المدن، ماذا كانت؟ رمادًا ودخاناً. لا شىء آخر. مع هذا، ثمن حطامها يقذف الرشاش يرى الأبطال بروقهم.

نرشح لك

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل