المحتوى الرئيسى

المؤتمر الثاني للاتحاد العالمي لبيت العائلة المصرية '٣'

09/06 18:02

يقينا لا يعلم أحد اسم من كان أغنى رجل في اليونان القديمة أيام الفيلسوف الشهير الخالد سقراط، وربما لا يعلم الغالبية الساحقة حاكم اليونان في ذلك العصر، كما لم يعرف التاريخ "لارشوفوكو " لكونه أحد الأثرياء وأحد النبلاء الفرنسيين في عصر لويس الرابع عشر؛ بل خُلِّد اسمه لتلك النظرة الكلبية التي نظرها للنفس البشرية وحولها حبر قلمه إلى حكم وأمثال في مقطوعات أدبية يزهو بها الأدب الفرنسي.

وليس لدي أدنى شك أن "عمنا" نجيب محفوظ، الذي عاش موظفا محدود الدخل، ولم يقدم لمصر مشروعات اقتصادية تعود بمليارات ولا حتى ملايين الدولارات أو الجنيهات، سيخلد وسيظل حيا في قاعات الدرس، ليس في مصر أو العالم العربي فحسب، بل في العالم كله، سيخلد حين يواري الثرى "مليارديرات" لن يبقى لهم أثر، على الأقل في المدى المتوسط.

وسيظل نجيب محفوظ يضيف لمصر، كما للإنسانية، ما ظل هناك من ينظر في أدبه، على مر العصور، دارسا ومحللا، وناقدا، وينسحب ما نذكره على أديبنا، كما انسحب على المتنبي ونظرائه من العباقرة، في كل الأمم، على قامات مصرية من أمثال: طه حسين وعباس العقاد وأحمد شوقي وزويل ومحمود الخطيب، الذين جميعهم لم يقدموا شيئا ذا بال من الناحية الاقتصادية، ولكنهم منحوا لمصر خلودا مضافا لخلودها الأبدي، ذلك الخلود الذي لا يصنعه المال، فكم من دول من الثراء بمكان مكين، لم تستطع ولن تصنع مجدا لأنها تفتقر للعقول والمواهب التي يقوم المجد عليها وتشيَّد الحضارات بها.

مقدمة طالت للولوج إلى الجانب الاقتصادي الذي يمثل الهاجس الأكبر لدى المصريين جميعا؛ يشترك في ذلك من يطلق عليهم النخبة مع عوام الشعب، وإني أرى أنه هاجس ضاغط، ويفرض نفسه فرضا؛ لما تمر به البلاد من أزمة اقتصادية طاحنة؛ هي الشغل الشاغل للقائمين على الأمر، وهو أمر طبيعي، فحينما تكون البطون خاوية والأفواه مفتوحة على مصاريعها، لا يكون هناك ما هو على رأس الأولويات سوى محاولة سد رمق هؤلاء الذين يعانون جوعا.

لم يخل وفاض المؤتمر الثاني للاتحاد العالمي لبيت العائلة المصرية من مشاريع اقتصادية، ولم يكن له ذلك، حيث أننا نعلم أن ذلك منتظر، ليس منا فحسب، بل من المصريين في الخارج جميعا - الذي أكرر أننا لا نمثلهم جميعا ولم نعلن ذلك ابدا.

لا يمكن أن نعقد مؤتمرا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة الراهنة في مصر ونغفل هذا المحور الذي لم نخرج في الأساس من أجله فقط، بل خرجنا لنضيف لمصر في كافة المناحي، تلك الإضافة التي مثلتها أوضح ما يكون التمثيل تلك المقدمة الطويلة، التي نزعم أننا - أعني المصريين بالخارج - يلعبون دورا هاما يضاف ويتسق مع قوى مصر الناعمة التي ضربت لها الأمثلة في المقدمة، ومع ذلك يظل العامل الاقتصادي أحد أسباب إنشاء اتحادنا.

إن المثل الصيني الشهير يقول: لا تمنح المحتاج سمكة بل علمه الصيد، هذا المثل الذي يدفع تلك الخزعبلات التي أطلقها البعض، فليس كل ما يمكن أن يقدمه المصريون في الخارج، الذين نحن منهم جزءا، لمصر هو التبرع، الذي حدث بالفعل، فهذا أقل ما يمكن أن يُؤدَّى، ولكن المؤتمر الذي قام عليه بعض من هؤلاء المصريين جاء، وكان في حوزته مشروع متكامل يؤكد القائم عليه، وهو المهندس عبد الجليل دويب خبير التنمية المستدامة بهولندا، أن فيه خلاص مصر من الناحية الاقتصادية، ولا يقول الخبير المصري المقيم بهولندا ذلك نتيجة لتصورات عقلية نظرية على الورق فحسب، ولكن للرجل تجربة عملية ماثلة للأعين في مصر، يستطيع المسؤولون الوقوف عليها وتقييمها تقييما موضوعيا ومناقشة الرجل في مشروعه مناقشة مستفيضة.

بَذَلْتُ جهدا قبل المؤتمر في محاولة لتحديد ميعاد لقاء للمهندس عبد الجليل دويب مع السفيرة نبيلة مكرم عبد الشهيد وزيرة الهجرة وشؤون المصريين بالخارج من خلال التواصل مع مكتبها الذي رحب برقة معهودة، حيث أوضحت الهدف من اللقاء للسيدة دعاء مسؤولة مكتب الوزيرة، التي تتواصل معنا بصفة دائمة، ولكن لم يتم تحديد موعد، ربما لانشغال الوزيرة!!، فما كان إلا أن تعاون كل من الدكتور محمود السلاموني رئيس بيت العائلة المصرية بهولندا والذي شارك في المؤتمر والمهندس عبد الجليل دويب لإعداد ملف لتقديمه للمسؤولين وعلى رأسهم الوزيرة في مؤتمرنا الثاني، الذي لم تحضره، لأسباب لديها، ربما تكون موضوعية، تلك الأسباب التي مازلنا في انتظار إعلانها حيث كانت مادة للقيل والقال، والذي منه ما يطلقون عليه إضفاء الشرعية على كياننا، الذي نؤمن أنه ليس في حاجة إلى وزير أو مسؤول لإضفائها علينا، حيث إنها واقعة لا محالة، من خلال تمثيلنا للروابط المنضوية تحت سقف اتحادنا، وكذلك قوانين الدولة التي نشأت بها وسجلت فيها، ومن ثم فإن تلك المقولة مردودة ردا، أما عملنا ودورنا فهو ما يؤكد تلك الشرعية، وليس حضور أو رأي الوزيرة من عدمه.

لم يقتصر ما كان مُعَدًا في الناحية الاقتصادية على ذلك المشروع، الذي هو كاف لاهتمام المسؤولين وعلى رأسهم السيدة الوزيرة، بل وُجِدَتْ أيضا دراسة لتحفيز الصادرات المصرية للخارج، دولة الكويت نموذجا، قام على إعدادها بيت العائلة المصرية بالكويت برئاسة الزميل محمود عشيش بالتعاون مع مبادرة "بالشباب نقدر" للتنمية المستدامة بتنسيق من الدكتورة مي مجاهد، وهي دراسة بها عديد الأفكار يستطيع تقييم جدواها أيضا المسؤولون.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل