المحتوى الرئيسى

د. أمير هاني يكتب: شر البلية في زرع الخرافة الكورية وأخطاؤنا الفكرية

09/06 10:17

كوريا الشمالية هي دولة شيوعية دكتاتورية عسكرية. تأسست في منتصف القرن الماضي بمساعدة الاتحاد السوفييتي، بعد أن كانت طوال تاريخها دولة متحدة واحدة مع مثيلتها الجنوبية.

يحظر بها ممارسة أي من الأديان، فيما عدا تقديس زعمائها الأخيرين “كيم جونج أون” الحفيد ومن قبله “كيم جونج إل” الأب. و”كيم إل سونج” الجد.

يعيش شعبها خانعا راضيا في فقر مدقع وجهل بشع وتحتل المركز الأخير على العالم في الحريات. بينما تعيش نخبتها السياسية بأفضل حال.

يحظر بها الإنترنت والقنوات الأجنبية والمكالمات الدولية والسفر منها أو إليها. ويحظر بها أي معارضة أو حتى محاولة للتشكيك.

يتم تعليم أطفالها منذ نعومة اظافرهم بالمدارس كما مدهشا من الخرافات. وتتناقلها الثقافة الكورية أبا عن جد كمسلمات بها. ويغسل الإعلام بها عقول مواطنيه يوميا، خصوصا وفي ظل إغلاق الحكومة الكورية الشمالية لجميع المنافذ الفكرية الخارجية عن شعبها، والتي من الممكن أن يتسرب منها أي معلومات واقعية تدحض خرافات غريبة كتلك العشرة خرافات (على سبيل المثال) الآتي ذكرها والتي يؤمن بها معظم الكوريين:

١- سلالة مختارة من السماء لخلاص كوريا الشمالية:

يؤمن الكوريون الشماليون بأن “أون” هو حفيد سلالة مختارة أرسلتها السماء لإنقاذ كوريا الشمالية.

فيتعلمون أن الجد “سونج” ولد على قمة جبل مقدس بعدما ظهر نجم بالسماء إشارة إلى مولده، وأنه ولد في فصل الشتاء، وبعدما ولد مباشرة تحول الشتاء الى ربيع، وظهر قوس قزح. احتفاءا من السماء بقدوم “مخلص” كوريا الشمالية!

الجد “سونج” هو مخترع ساندويتش “الهامبرجر” المحبوب في كوريا. وتآمر عليه العالم كله ليسرقها منه بعد ذلك!

٣- مواهب “فوق بشرية” منذ الطفولة:

الحفيد “أون” يستطيع قيادة السيارات منذ عمر الثالثة. كما أنه يمتلك مواهب “غير عادية” في الإبحار بالسفن منذ مراهقته مكنته من أن يقود قباطنة قدماء. بالإضافة إلى مواهب موسيقية جبارة!

٤- أمعاء طاهرة ومثانة لا تمتليء:

العائلة لقدسيتها ودونا عن باقي عموم البشر لا تحتاج إلى دخول حمامات أو مراحيض إطلاقا!

٥- رداء وقصة شعر ملائكيين:

ملابس الأب “جونج إل” الرمادية المعتادة كانت نقلة جديدة في عالم الموضة العالمية، حتى إنها أصبحت في عذوبيتها الرداء الخاص بالجيش الكوري الشمالي فيما بعد.

كما أن الابن بقصة شعره الشهيرة الخلابة هو أكثر الرجال إثارة في العالم وتعشقه بسببها جميع سيدات الكوكب!

وهي من أغرب النقاط التي يؤمن بها الكوريون الشماليون. حيث إنهم يؤمنون بأنه تمت سرقة “الوقت” من الشعب الكوري الشمالي عن طريق اليابان في أوائل القرن الماضي. وعندما تولى “أون” مسئولية البلاد والعباد، أعاد للكوريين الشماليين “الوقت” المسروق منهم!

توضع صور أفراد العائلة في المدارس والجامعات والشوارع ومكاتب العمل الحكومية بل وفي البيوت. مما يزيد من الإحساس (الزائف) بالقداسة والعظمة والتبجيل لدى العامة!

٨- آلهة الخير ومؤامرات شيطانية:

يتم نسب أقل إنجاز أو حتى نجاح شخصي لمواطن كوري شمالي إلى رضا قادته عنه، الأحياء منهم والأموات (آلهة الخير). بينما جميع المشاكل هناك والمهولة في حجمها، (وحتى الشخصي منها) يتم نسبه إلى المؤامرات الشيطانية للدول المعادية لكوريا الشمالية!

بعدما تولى الحفيد “أون” السلطة، قرر أن يقوم بعمل إنتخابات ديمقراطية يترشح بها مع آخرين، ليظهر لشعبه وللعالم ديمقراطيته. (وللمفارقة الغريبة لم يكن مسموحا للكوريين بتلك الإنتخابات اختيار مرشح آخر عداه، وبالتالي كانت نتيجتها فوزه بـ 99.9%)!

١٠- الميلاد الذي قسم التاريخ:

يؤمن الكوريون الشماليون أن تاريخ مولد الحفيد “أون” هو الحدث الذي قسم التاريخ والزمان إلى ما قبله وما بعده. وأن جميع شعوب العالم تعشقه وربما تقدسه أيضا وتحسدهم عليه!

– شر البلية ما يضحك. فعلى قدر سخافة وغرابة وبلاهة وطفولية وكوميدية ما يؤمن به شعب كامل تعداده ٢٥ مليونا، على قدر حزننا مما يدور بعقولهم.

– الفارق الفكري بين الليبرالية والعلمانية الكورية الجنوبية وما بين الشيوعية الكورية الشمالية، لنفس شعب شبه جزيرة كوريا بقسميه الجنوبي والشمالي. هو نفس الفارق المهول بين البلدين على جميع الأصعدة.

وما يمكن استخلاصه من المقال السابق (وهو الأهم من وجهة نظري):

هو أن عدد معتنقي فكرة معينة ليس دلالة على صحتها إطلاقا.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل