المحتوى الرئيسى

هل أهل الكتاب كفار؟

08/22 22:06

الأحد الماضى كتبت عن مشاركتى فى برنامج «كلام ثانى» مع الإعلامية «رشا نبيل» على قناة «دريم»، والتى دارت حول اقتراحات الرئيس التونسى «الباجى قائد السبسى» فيما يتعلق بالمساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث وتفعيل المنشور «73» الذى يسمح بزواج المسلمة من كتابى.. وكلها قرارات «صادمة» للعقل المصرى الذى تم تعطيله «عمداً» عن التفكير، وتحول إلى مجرد إناء مملوء بمغالطات فقهية، معظمها يكرس «الكهنوت الدينى»، ويضفى «قدسية زائفة» على رجال الدين تترجم فى النهاية إلى ثروات هائلة ونفوذ لا حدود له على العباد بشريعة من إعدادهم وإخراجهم وتقديمهم لا علاقة لها بالإسلام!

أعلم أن الحديث عن زواج المسلمة بشخص من أهل الكتاب هو لغم سوف ينفجر مع حبر المطبعة، وأننى أسير فى أرض مفخخة بالتكفير ودعاوى «الحسبة»، لأن «مصالح العمائم» لا ترضى بإرساء صحيح الدين وتكريسه، بل تسعى لنفى رموز الفكر والاستنارة وتصادر الحق فى الاجتهاد لأنه يهدد أشخاصاً تحولوا بفعل الوقت والصمت إلى أنصاف آلهة!

أول من كتب عن زواج المسلمة بكتابى كان الدكتور «محمد الباز»، وقد تعرّض آنذاك لحملة تكفير، وذكر فى مقاله أن «النص القرآنى يحرم زواج المسلمين من المشركين ويفتح الباب أمام الزواج من أهل الكتاب، وعليه إذن حتى يتم تفعيل النص القرآنى أن تتم مساواة الرجل المسيحى بالمرأة المسيحية، وكما من حقها أن تتزوج من مسلم فمن حقه أيضاً أن يتزوج من مسلمة، وإلا يخرج علينا الفقهاء ليقولوا بشكل واضح وصريح إن المسيحيين مشركون ولا يجوز الزواج منهم ويحرمون بالتبعية زواج المسلم من مسيحية».. وقطعاً لم يسلم بعدها «الباز» من «وكلاء الله» على الأرض الذين يلخصون القضية كالتالى:

1- أن المسلم يؤمن بكل الرسل بمن فيهم موسى وعيسى عليهما السلام، وبكل الكتب بما فيها التوراة والإنجيل. بينما لا يؤمن أهل الكتاب إلا برسلهم وكتبهم. وقد أجاز الإسلام لزوجة المسلم الكتابية أن تذهب إلى أماكن عبادتها كالكنيسة والمعبد، بينما لا يجيز هؤلاء الكتابيون للمسلمة لو تزوجوها أن تذهب للمسجد وتُظهر شعائر الإسلام.. وهذا قطعاً تقديرهم القاصر لأهل الكتاب ونمط تفكيرهم العنصرى، فقد ثبت فى «الغرب الكافر» أن أهل الكتاب أكثر قبولاً لاختلاف الدين فى الزواج وحماية حرية العقيدة والعبادة باسم «العلمانية» التى يكرهونها.

2- أن الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه، والزواج ولاية وقوامة، فيمكن أن يكون المسلم ولياً وقواماً على زوجته الكتابية، بينما لا يمكن أن يكون غير المسلم ولياً أو قواماً على المسلمة، فالله تعالى يقول: «وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً». سورة النساء، الآية «141»، فأئمة التشدد والتعصب يرون تعارضاً بين طاعة الزوجة لله وطاعتها لزوجها.

3 - التحريف المتعمد فى تفسير النص، فالآية «5» من سورة المائدة تقول «الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيَّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ»، وهى تبيح زواج الرجل من الكتابية، أى المسيحية أو اليهودية، ولا تتحدث عن تحريم زواج المسلمة نهائياً. وإن كانت هذه الآية قد خاطبت الرجال من المسلمين، حسب ظاهر نصها، فإنها يمكن أن تعمم على كل المسلمين، رجالاً ونساء، وذلك لأنه فى القرآن آيات كثيرة يخاطب فيها القرآن المسلمين بصيغة المذكر (الفرد والجمع)، إلا أنها تخاطب الجميع «يا أيها الذين آمنوا»... إلخ.

فالتحريم لا يأتى إلا بالنص القاطع وفق القاعدة بأن «الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات، فادرأوا الحدود بالشبهات».. ورغم ذلك فلا توجد آية واحدة فى القرآن تحرم زواج المسلمة بكتابى.. ولكن! هل أهل الكتاب كفار؟؟.. هذا هو السؤال الذى يجب أن يجيب عليه علماء الإسلام، لأنهم -ضمنياً- يكفرون الأقباط، ورغم ذلك يحللون الزواج من نسائهم، وتخرس الألسنة عن «التثليث» ويبتلعون اعتراضاتهم حينما يضمنون نسب الأطفال للرجل المسلم وخضوع زوجته القبطية إليه.. حتى ولو عاملها كالمغتصبة!

أما رجال الدين أصحاب الحمية والنخوة فلا يهتمون كثيراً بزواج المسلم من يهودية، رغم علمهم يقيناً أن المولود لأم يهودية يتبع ديانة الأم، وكثير من الشباب المصريين هاجر إلى إسرائيل وتزوجوا من يهوديات عرب.

إن مشكلة الأوصياء على الإسلام هى التشكيك فى عقيدة المسيحيين، واستحلال أعراضهم، وإذلالهم بزعم أنهم خاضعون لحكم إسلامى فى دولة مادتها الثانية تمنح عصمتها لشيخ الأزهر!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل