المحتوى الرئيسى

الشيخ زايد ومؤسسة قيم الخير والعطاء

08/22 10:14

خبر سار استيقظ عليه الجميع في دولة الإمارات مؤخرًا، بإعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله، أن عام 2018 في دولة الإمارات العربية المتحدة سيحمل شعار "عام زايد"، ليكون مناسبة وطنية تقام للاحتفاء بالقائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، بمناسبة ذكرى مرور مائة سنة على ميلاده، وذلك لإبراز دور المغفور له في تأسيس وبناء دولة الإمارات، بجانب إنجازاته المحلية والعالمية. وجاء الإعلان تزامنًا مع ذكرى يوم جلوس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، في 6 أغسطس 1966 عندما تولى مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي.

هذا الإعلان يعني تواصل "الخير"في دولة الإمارات، فبعد انتهاء "عام الخير"، الذي خصص له العام الجاري، وما يشهده من مبادرات إنسانية وخيرية خلاقة، سيعيش الجميع هنا عامًا آخر للخير، من خلال الاحتفاء بذكرى رمز الخير وقدوته على هذه الأرض الطيبة.

تخصيص عام للاحتفاء بذكرى ميلاد زايد الخير، طيب الله ثراه، ينطوي على رسائل عدة أولها تعميق معنى الولاء والوفاء لمن أسس هذا البناء الاتحادي الشامخ، من خلال إبراز دور المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيَّب الله ثراه، في تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، ووضع وترسيخ أسس نهضتها الحديثة، وإنجازاتها على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.

والمعنى الثاني تعميق القيم المجتمعية الأصيلة التي غرسها زايد الخير في مجتمعنا، مثل قيم التسامح والاعتدال والانفتاح وقبول الآخر والتعايش، وغيرها من قيم كانت الركيزة الأولى للبناء الذي ارتقى وارتفع بارتكازه على منظومة قيم إنسانية رائعة، باتت تشكل في مجملها الآن الأساس لتطور المجتمعات وتحضرها، ووضعت لها التقارير الدولية التي تقيس مؤشراتها ومعايير تحققها في الدول والمجتمعات كافة، بعد أن كانت، ولا تزال، هذه المنظومة القيمية الأساس في بناء دولة الاتحاد في الثاني من ديسمبر عام 1971.

لا يمكن الحديث عن تأثير شخصية الشيخ زايد، طيب الله ثراه، في مقال أو سلسلة مقالات، فما أحدثته هذه الشخصية التاريخية الفريدة في المحيط الإقليمي والعالمي، يصعب حصره أو حتى الإشارة إليه كله في مساحة ضيقة، فمن جغرافيا الصحراء التي استقى منها القائد المؤسس القوة والصلابة وبعد النظر، ولدت دولة الإمارات التي باتت نموذجًا يحتذى في التجارب السياسية الوحدوية عالميًا. ومن قيم الصحراء ومبادئها صيغت العلاقة الفريدة بين الشعب والقائد، فأنتجت مدرسة في القيادة السياسية والاستراتيجية يشار إليها بالبنان.

إن إرث الشيخ زايد، طيب الله ثراه، لا يتمثل فقط في البناء السياسي والعمراني، بل في البناء الأخلاقي والمعنوي لشعب دولة الإمارات، حيث لا تزال قيم زايد الخير تمشي على الأرض، ولا يزال الجميع يمضي على خطاه ويتتبع الأثر التاريخي الفريد الذي يمثل الاستثمار الحقيقي للإمارات في مناطق العالم جميعها، فلا تزال شعوب العالم كلها تتذكر أيادي زايد الخير البيضاء ومساعداته الإنسانية والخيرية التي لم تكن تفرق بين لون وعرق وجنس، وكانت تتطلع إلى الإنسان في كل مكان وتمنحه ما يستحق من قدر ومكانة إنسانية، ليضع بذلك الخطوط العريضة الأولى التي تحاول الأمم المتحضرة الآن السير عليها وإقناع الآخرين بتطبيقها.

إن تخصيص عام للاحتفاء بذكرى زايد الخير، طيب الله ثراه، تعني في أحد جوانبها حرصًا على تواصل الأجيال، وتعزيز الموروث الحضاري والإنساني، وتعميق الجوانب القيمية والأخلاقية في مجتمعنا، حيث تظل "قيم زايد" رمزًا للتحضر والرقي الإنساني في مختلف الأزمان والعصور.

إن مختلف الأجيال الإماراتية تدين للقائد المؤسس بكل الفضل في ما تتمتع به، فهو من استشرف مبكرًا دور المرأة الإماراتية وأهمية الاعتماد عليها في مسيرة التنمية، في وقت كان مثل هذا التفكير يبدو خارج نطاق المألوف وما اعتادت عليها المجتمعات الخليجية، فكان التحدي الأبرز: أن تتعلم المرأة وترتقي وتحصل على دورها في عملية التنمية مع الحفاظ على هويتها وتقاليدها الأصيلة، فتحقق هذا المزج الفريد وحافظت المرأة الإماراتية على هويتها وحققت في الوقت ذاته الكثير من الإنجازات والنجاحات المتميزة، التي أثبتت للجميع صواب الثقة في قدراتها وإمكانياتها.

إن القائد المؤسس عندما قال "إن ما تفعله دولة الاتحاد وتسعى لتحقيقه لبنت الإمارات، هو في الحقيقة تعويض عما فاتها، وتكريم للأمهات والجدات في شخصها، إنه واجب يلزمنا به الدين، وضرورة تفرضها طبيعة العصر، واحتياج تؤكده متطلبات التنمية، فلن نحقق آمال الشعب ونصفه مكبل بقيود المفاهيم البالية، أو معطل عن المشاركة بدعوى تقاليد واتجاهات تتعارض مع جوهر الدين، وفلسفة التراث ودروسه، ومنهج العصر في تفسير قانون الحياة"كان يعكس رؤية حضارية مبكرة للتطور والحداثة ومتطلبات بناء الدول والأمم المتقدمة، فقد سبق بتفكيره الاستراتيجي ثوابت عصره وزمانه بعقود طويلة، ليثبت أن القيادة الحقيقية يجب أن تكون قادرة على استشراف المستقبل وتحليل معطيات الحاضر وفق رؤية تستوعب الماضي وتنظر إلى المستقبل من دون أن تستسلم لواقع الحال، بل تمتلك من الطموح ما يزودها بالقدرة على العمل والهام الآخرين.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل