المحتوى الرئيسى

راح زمن المونولوج.. نجوم استعراضات الضحك:«احنا فى عصر المهرجانات»

08/22 07:18

حين صعد المونولوجست «صلاح وردة» على خشبة المسرح فى فيلم «الفرح»، كى يقدم فقرته، توقع ترحيبًا حارًا من الجالسين، بمجرد أن يُنطق اسمه لكنه صُدم بصمت تام ونظرات سخرية، فى هذا المشهد استطاع الفنان صلاح عبدالله، تلخيص حال «المونولوجست» فى مصر.

كما عبر عن مواصفاته بدءًا من ملابسه وطريقة أدائه على المسرح، وإيمانه بأنه يقدم فنًا له قيمة للمجتمع، لكنه يكتشف لحظة صعوده على المسرح أن المجتمع تغير وثقافة الشباب اختلفت، وتبين هذا عندما سأل الفرقة عن بعض أعماله فلم يعرفوها، وانتهى من مونولوج «المريلة» وبدأ فى إلقاء بعض «النكت»، لكنه فوجئ بسخرية الناس منه.. «يا وردة انزل أمك بتدور عليك»، وقال آخر «يا عم انزل بقى مش نقصاك»، وثالث «قديمة أوى يا جدو».

التقت «الدستور» أشهر فنانى المونولوج فى مصر، لتعرف كيف يقضون حياتهم بعد حالة التدهور التى يمر بها هذا الفن، كيف بدأوا مشوارهم وإلى أين انتهى بهم المطاف؟، هل اتجهوا إلى مهن أخرى؟، أم حاولوا تقديم ما يتماشى مع العصر الحالى، ليكونوا الأقرب إلى عقول الشباب.

عادل الفار.. حفر تاريخه بـ«هوبا تيتو مامبو»

عشقه لـ«إسماعيل ياسين» و«شكوكو» جعله ينخرط فى عالم «المونولوج»، بدأ مشواره بالظهور فى الأفراح إلى أن التقى بأحد المنتجين وسجل أول شريط له عام ١٩٨٠، أحب الجمهور حضوره وحفظوا موضوعاته عن ظهر قلب، قرر المونولوجست «عادل الفار» أن يضع بصمته ويطور من فن المونولوج ويدمجه مع الغناء.

حصل «عادل» على دبلوم صنايع ثم تفرغ إلى عمله الذى بدأه عام ١٩٧٩: «الناس نسيت هذا الفن اللى مصر بتتميز بيه، الجيل بتاعى آخر جيل قدم الفن ده مافيش أجيال تانية طلعت، واللى موجود دلوقتى يا تقليد يا نكت، لكن المونولوج مبقاش موجود»، قدم المونولوجست الستينى موضوعات مختلفة ما زال كثير منها عالقًا بأذهان جماهيره حتى اليوم: «عملت هوبا تيتو مامبو، بيتكلم عن كرة القدم وإن الماتشات بيكون فيها تهريج وضحك ودى اللى اتشهرت بيها وعلقت مع الناس».

عمل «عادل» مدير إدارة فى شركة الكهرباء بالقاهرة، ثم حصل على الدرجة الأولى وبلغ سن المعاش، وأكد أن المونولوج فتح له نافذة جديدة جعلته يدخل عالم التمثيل: «المونولوج هو اللى وصلنى للتمثيل، مثلت فى فيلم الرغبة مع نادية الجندى وإلهام شاهين، وشجيع السيما مع أحمد آدم وعبير صبرى، وهيستريا مع أحمد زكى».

توقفت حفلات المونولوجست عقب ثورة ٢٥ يناير، لذلك اقتصرت حفلات «عادل» على الخارج، وكان آخرها فى لبنان: «عملت شريط من ٢٠ سنة اسمه مين سرق العمود، روحت لبنان لقيت كلهم عارفينه وحافظينه، فرحت جدا، بعد أضواء المدينة وليالى التليفزيون مبقاش فيه حفلات فى مصر»، موضحًا أن فن المونولوج سيعود من جديد إذا اهتم الإعلام بتسليط الضوء عليه، ورغم حزنه الشديد على المرحلة التى وصل لها فن المونولوج لكن هناك مواقف تحدث تذكره بتاريخه وأعماله: «كنت رايح أجيب علاج لابنى، شباب وقفوا بالعربية وقالوا عادل الفار أهو، طلبوا أقولهم آخر نكتة واتصوروا معايا، فى اللحظة دى كنت طاير من الفرحة ونسيت هموم الدنيا».

يقضى يومه بين المكوث مع أسرته، وعمل بروفات فى مسرح البالون، استعدادا لمسرحية «ودنك منين يا جحا» التى يشارك فيها بأحد الأدوار: «عايش مع ابنى وبنتى ومراتى فى عمارة فى وسط البلد، وبحضر البروفات، ياريت المونولوج يرجع تانى لإنه لو اختفى البلد هتخسر كتير أوى».

مسعد المصرى.. «مدرسة المشاغبين».. من هنا انطلق 

اكتشف موهبته بالتزامن مع إذاعة مسرحية «مدرسة المشاغبين»، ذهب إلى المدرسة وقلّد الراحل «يونس شلبى» لأصدقائه، ذاع صيته فى المدرسة وعلم المدير بموهبته، اصطحبه مدرس الموسيقى إلى الأفراح التى كان يحضرها، وهنا اختلط بأصحاب المهنة وعلى رأسهم سيد الملاح، الذى كان له دور كبير فى توجيهه حيث قال له: «طالما غويت التقليد يبقى لازم تقلد الكل».

يحكى «مسعد المصرى» بداياته فى فن المونولوج، قائلًا: «اشتريت وُكمان أسجل عليه الصوت، بدأت أحفظ المونولوج والحركات أقلدها قدام المرايا، عملت إسماعيل ياسين مع الشاويش عطية، وخدتها مهنة، واشتغلت لما اتوجهت صح».

تخرج المونولوجست الأربعينى فى قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة عين شمس، تعليم مفتوح، ثم اتجه إلى العمل كمونتير فى ماسبيرو، بعد أن تراجع معدل الحفلات التى كان يحضرها ويقدم فيها فنه: «آخر حاجة للمونولوج كانت فى نهاية التسعينيات وبعدها الناس نسيت الفرق والنمر وبقى الدى جى اللى موجود، ومن هنا لجأت للوظيفة، لأن الوظيفة هتدوم ليا ولعيالى، والحمد لله جت فى مجال دراستى».

اشتهر «مسعد» بتقليد الدكتور مصطفى محمود فى برنامج العلم والإيمان، وهى الفقرة التى تسببت فى شهرته، مؤكدًا أن المونولوج سيعود فى حالة اهتمام الإعلام به: «الناس كلها متعطشة للضحك، إحنا الشعب الوحيد اللى أى مصيبة أو كارثة نقلبها بضحك، وكل محافظة فيها بدل المونولوجست ٢ و٣»، مشيرًا إلى أن آخر حفلاته كانت منذ شهرين، يقطن «مسعد» فى شبرا الخيمة ولديه ٣ أبناء: «المونولوجست بتاع زمان اللى امتداد لحمادة سلطان جيل التسعينيات اللى يعرفوه، لكن غير كده محدش يعرف حاجة عن المونولوج»، وأوضح أن المنتشر الآن هو «سانتد أب كوميدى»، ويقدم فى الحفلات: «حد بيقف على المسرح بمايك ويحكى مواقف مضحكة».

فيصل خورشيد: المهنة راحت عليها.. ومافيش حد بيسمع 

شغف بتقليد معلميه فى المدرسة والباعة فى الشوارع، أحب غناء «محمد رشدى»، واشتهر بين أقرانه حين قلد معلمته وهى تقص عليهم إحدى الحكايات، ليفوز بلقب أمين الفصل، كما شارك فى الإذاعة المدرسية فى الصف الثانى الابتدائى، وتخصص فى قراءة أخبار الصباح من الصحف، وذاع صيته فى المدرسة.

ثم جاءت نكسة ٦٧ وهو فى المرحلة الإعدادية لينضم إلى معسكر الكشافة، والتحق بالثانوى التجارى ورفض استكمال تعليمه، ليعلن عن رغبته بالتطوع فى القوات المسلحة.

من هنا بدأ مشوار المونولوجست «فيصل خورشيد»، الذى وصف مشاركته فى حرب السادس من أكتوبر بـ«نعمة من الله»، نُقل إلى الجبهة ولم يتبق على الحرب سوى ١٦ يومًا، اشتهر فى الجيش سريعًا بأغانيه المميزة، فكان يرفع من الروح المعنوية للجنود ليستعدوا للحرب: «كنت بقول ليهم مونولوج ونكت عشان نفسيتهم تبقى كويسة، شاركت فى الحرب وشوفت أحلى مشهد فى حياتى، لما علم مصر اترفع على خط بارليف».

عاد المونولوجست من الحرب، واستعان به ضباط الجيش لتقديم فقرة أمام الرئيس الراحل محمد أنورالسادات: «عملت حاجة عسكرية سياسية عن مبادرة السلام فى شكل كوميدى، البروفات كانت كتيرة، والتحذيرات لإنى هقف قدام الرئيس، عدِّت الحفلة وخدت مكافأة من الرئيس واترقيت»، توالت الحفلات التى شارك فيها «فيصل»، ثم قرر الالتحاق بالإذاعة والتليفزيون، واختبره «عزت الجاهلى»، الذى اكتشف «إسماعيل ياسين»، يقول: «توالت النجاحات واشتركت فى أفلام ومسلسلات ومسرحيات».

جاء عام ٢٠١٠ ليحفر تاريخ اعتزال «فيصل» لعالم «المونولوج»، بعد أن تقدمت به السن، فلم تعد لديه قدرة صحية كبيرة على تأليف النكت واختيار الموضوعات الجديدة الملائمة للأحداث ليقدمها لجمهوره: «مطلوب أبقى حافظ اللى بقوله مغلطش خالص، مبقتش أقدر أعمل ده زى زمان، دلوقتى عايش مع عيالى وأحفادى وكل وقتى ليهم».

ذاكرته لا تزال محتفظة بكل ما ألفه وقدمه فى فن «المونولوج»، وأكد أن حديثه عن الفيديو كان جديدًا ومميزًا وأحبه الناس «من يوم ما اخترعوا الفيديو لا ارتاحوا الناس ولا هديوا، والكل أصبح بيصور وعاملى فى بيته استوديو، من يوم ما اخترعوا الفيديو أنا قولت لا بد أجيبه وأعمل فى البيت آرتيست، فى واحد صاحبى نسيبه بيبيعه يا ناس بالقسط».

يرى المونولوجست الستينى أن العائد المادى للمهنة غير ُمجزٍ وهو ما تسبب فى اندثارها، إضافة إلى ظهور الـ«دى جى» والأغانى الشعبية والمهرجانات: «التجديد يعطى استمرارية والمونولوج مافيهوش أى تجديد خالص، مافيش مستمع جيد، وكله بقى يقول بدل ما أطلع أقول نكتة والناس تقولى قديمة أغنى مهرجانات أحسن، ده غير ظروف البلد الاقتصادية والاجتماعية اللى أثرت فى الفن، الشباب عاجبها أغانى التكاتك، زمان كان فى جيل عبدالوهاب، دلوقتى إحنا فى جيل مافيش صاحب بيتصاحب».

وأشار إلى أن فن المونولوج له دور كبير فى المجتمع، فصاحبه ناقد فنى، معارض لكل السلبيات التى تطرأ على المجتمع: «زمان الفرح فيه مطرب وراقصة ومونولوجست، دلوقتى الدى جى اللى مسيطر، عشان كده صعب المونولوج يرجع تانى».

عبقرى الفن الساخر.. والسر «قريب العريس»

أحب «المونولوج» على يد الراحل «حمادة سلطان»، كان شغوفًا بحضور الأفراح منذ طفولته، فيدعى أنه من أقارب العريس ويطلب من صاحب الفرقة تقديم فقرة، يلبس ملابسه البسيطة ويصعد خشبه المسرح ويمسك بالميكرفون ويقلد «شكوكو».

بدأ «عصام بركات» مشواره فى فن «المونولوج» فى أوائل الخمسينيات، حصل على دبلوم تجارة ثم كرَّس وقته وجهده ليحقق حلمه ويصير مونولوجست شهيرًا.

ولد فى محافظة الدقهلية وعاش فيها، والتحق بالفرق الجامعية التى كانت تقيم عروضها فى شارع «صيام»، يقول: «بدأت بتقليد الفنانين مع الفرق الجامعية وقدمنا حفلات عجبت الناس سنة ٨٦، كان معانا خالد عجاج، والدكتور محمد حمام، وعبدالله بشير، وكنت بقول نُكت، وشاركت فى حفلة ليالى الدلتا ودمياط سنة ٩٣، وحفلات فى كل المحافظات»، ثم قرر «عصام» أن يقوم بعمل مميز، فقدم «نوعيات» تشمل مواقف بين النساء والرجال فى الحياة الزوجية.

ومن أبرز المونولوجات التى يتذكرها الرجل الستينى: «أبوركبة يا ناس شادد حيله، مستنى العقد أما يجيله، نادى البرازيل باعت خبرا، اتفقوا هياخدوه بالكيلو» من تأليف عوض الرخاوى وألحان جورج سمير.. وأكد أن موهبته كانت فى الأداء، فكان يطور النكت ويعتمد على فن الإلقاء: «بدأ اسمى يلمع من خلال برنامج ساعة لقلبك، قدمت فيه سكيتشات من الفنانين.. ونكت: «رشحت فى فقرة ليالى أضواء المدينة مع حسن الأسمر، ملك المغرب مات قبل الحفلة بيوم وسجلوها واتذاعت».

يصف «عصام» عام ٢٠٠٠، بأنه «فتحة خير» عليه، فكان المونولوجست الوحيد الذى عمل عامين متواصلين فى مارينا برفقة على الحجار وعاصى الحلانى: «عملت حاجة عن إن ليه الست بتتغير قبل وبعد الجواز، وجابت ٣ ملايين مشاهدة على النت لحد النهارده»، توالت نجاحات المونولوجست الستينى ليتلقى اتصالًا من إذاعة «مونت كارلو» الفرنسية فى برنامج مع الظرفاء: «قعدت ساعة على الهوا، بعدها طلبنى حلمى بكر فى برنامج بين شطين وماية مع فريال صالح، عملت برنامج أنت مين مع فريدة الزمر، عملت برنامج فارس حول العالم على القناة الأولى، فى التسعينيات، مع يونس شلبى، وخدت مركز أول فى مسابقة الأداء الساخر».

ترك «عصام» بصمة كبيرة فى عالم «المونولوج» جعلته يحتفظ برونقه إلى اليوم، لكنه يرى أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين ١٣ و٢٠ عامًا لا يعرفون شيئًا عن المونولوج: «دماغهم مع المهرجانات، لا أنا عارف أنزل لتفكير الشباب ولا هما عارفين يطلعولى فبقيت ماسك العصاية من النص»، يتمنى عودة ليالى التليفزيون وأضواء المدينة من جديد: «ده أكتر وقت محتاجين فيه المونولوج عشان البسمة ترجع»، مؤكدًا أنه لم يعد يظهر إلا فى حفلات الأيتام، وصار يقضى وقته فى وظيفته الأخرى التى التحق بها بعد تدهور فن المونولوج: «شغال إدارى فى جامعة المنصور، وظيفة ثابتة أصرف منها على البيت لإن مبقاش فيه حفلات».

إسلام محيى.. 100 شخصية فى شخص واحد

تعلقت أجيال كثيرة بصوته حين غنى أغنيته الشهيرة «بابا فين» عام ٢٠٠٠، بدأ مشواره من كلية الإعلام جامعة ٦ أكتوبر، التى تخرج فيها، وكان يقلد مطربين وممثلين فى الحفلات، وهنا بدأت جامعات أخرى تستعين به، كثف تدريباته واجتهد إلى أن صار يقلد ١٠٠ شخصية، عمل «إسلام محيى» فويس أوفر، وشارك فى برامج عديدة أبرزها «هذا المساء».

برع الشاب الثلاثينى فى تقليد الفنانين، بأصواتهم وحركاتهم، كما شغف بلعب الأورج والجيتار: «كتبت ولحنت تتر المفتش كرومبو، عملت أغنية اسمها لا تبكى عليها بقلد فيها محمد فؤاد وهانى شاكر، وكانت نوع جديد الناس حبته»، مؤكدا أنه كان يقلد فى البداية ٤٠ شخصية فقط، ثم تطرق إلى تقليد شخصيات جديدة، مشهورة أو مثيرة للجدل: «أى شخصية الناس تتكلم عنها أقلدها».

يحب «إسلام» أن يُلقب بـ«الكوميديان»، نظرًا لتميزه فى أكثر من عمل: «الناس بتقول عليا فنان شامل، ومتأثرتش باندثار فن المونولوج لأن اللى بقدمه نادر، كل عصر وليه أدان، الفن الشعبى مطلوب لكن ماأثرش علينا، الناس بتطلبنى وليا جمهور كبير، ودايما اللى بيجدد وبيطور من نفسه هيفضل ينجح ويستمر»، لدى «إسلام» فرقة كبيرة تشاركه فى الحفلات والأفراح، شارك فى مهرجان الكوميديا الدولى فى السعودية الذى رشحه له حسن حسنى: «ليا فريق عمل بنألف ونقلد مع بعض».

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل