المحتوى الرئيسى

ركود «التجارة البيضاء».. الدستور تحقق في غلاء «ملابس الإحرام»

08/21 17:01

في هذا التوقيت من كل عام ترتفع أصوات المحرمين في مكة "لبيك اللهم لبيك"، يرتدون جميعًا زيًا واحدًا لا فارق بينهم، اللون الأبيض سيد المكان، وتردد أفواه الطائفين حول الكعبة المشرفة نداءً واحدًا، الجميع متساوون رغم اختلاف جنسياتهم وأعراقهم ولغاتهم وكذلك ثقافاتهم.

يجتمع هؤلاء الحجاج على قلب رجل واحد نساء ورجالا في الحرم المكي الشريف، في زيهم الذي يلتف حول أجسادهم، لم تمسه أدوات الحياكة أو الخيط، هو فقط قطعة من القماش الأبيض، له قصته وسنته التي توارثناها في الحج والعمرة، وتتفاوت أسعاره وتنوعت أشكاله كذلك في الأسواق.

أجرت "الدستور" جولة على محلات لبس الإحرام، وعرض قصة هذا الزي بالتحديد وكيف جاءت فكرته وأبرز مصمموه فى مصر، ولماذا فى هذا العام أصبح يستعير الحجاج ملابسهم من جيرانهم بدلا من شراء الجديد.

في جولة على 10 أماكن تجارية تبيع ملابس الإحرام، كانت الأسعار متفاوتة والإقبال ليس بكبير على الشراء، وهو ما يقوله تامر محمد، بائع بسلسلة محلات شهيرة لبيع ملابس الإحرام، حيث أكد أن الملابس الرجالي أنواع منها ما هو دون "كباسين" ومنه ما يوجد به "كباسين" لإحكام ارتداء ملابس الإحرام، فسعر الأول هو 163 جنيه وهو صناعة مصرية، أما الثاني فينقسم الى فئات حسب جودة الخامة فمنه ما هو بـ 301 جنيه، و346 جنيه، والأعلى سعرًا في الخامة المصرية يتراوح بين 378 و400 جنيه.

ويضيف تامر أن ملابس الإحرام الحريمي سعرها 158 جنيه، في حين أنها من أسبوع واحد فقط كان سعرها 148 جنيه، مشيرًا إلى أنه لا يدري سبب تزايد الأسعار بهذا الشكل، "فكل يوم في سعر جديد وذلك يؤدي ذلك الى انصراف البعض عن الشراء".

وهذا ما أكدته منى عمار، إحدى المشتريات، أنها بالفعل لجأت الى "استلاف" ملابس الإحرام الخاصة بجارتها لتوفير سعر الشراء لها ولزوجها، لأن سعر برنامج الحج ذاته استنزف كل ما لديها من مال، وأصبحت ليس لديها القدرة لشراء أي شيء إضافي.

في أثناء الحديث قاطعنا الحاج محمد علي، أحد الزبائن، قائلًا إن الحاج أحيانًا إذا كانت ليست لديه المقدرة يلجأ أبنائه الى مفاجأته بالحج، والبعض بالكاد يجمع كل ما لديه طوال فترة عمله حتى يحج لبيت الله الحرام، وهذه الأسعار التي تتخطى كل الحدود أصبحت عائق إضافي، فالحاج يحتاج الى أموال للإنفاق أثناء السفر وكذلك عند عودته والمزيد من المال يضعه في البرنامج ذاته، وبالكاد "يقضيه"، مشيرًا إلى أنه ليس لديه الآلاف من الجنيهات كي يشتري ملابس أيضًا بهذه الأسعار يرتديها مرة واحدة في العمر، لذلك يلجأ المعظم الى استعارة الملابس وإعادتها مرة أخرى.

وفي أحد المتاجر الشهيرة في منطقة "الغورية" لبيع ملابس الاحرام، أكد أحمد الخطيب، مدير بالمحل، أن أسعار الملابس ارتفعت ما يقرب من 40% مما أدى الى إنصراف معظم المعتمرين والحجاج عن شرائه، بالإضافة إلى ارتفاع سعر برنامج الحج ذاته مما أدى الى انخفاض عدد الحجاج المصريين.

وهذا ما أكده محمد جمال، مدير بإحدى الشركات السياحية، حيث يقول إن هذا العام وصلت سعر تذكرة الطيران الى 29 ألف جنيه وحدها بخلاف الإقامة والتنقلات ومصاريف السفر والتأشيرة فيجد الحاج نفسه يحتاج الى ما يقرب من 50 الف جنيه أو أكثر من أجل إقامة شعائر الله، وأصبحت الأسعار في ارتفاع مستمر ويوفر الأهل هذه النفقات لأبنائهم ومستقبلهم ومساعدتهم في الزواج وتأسيس أسرة أو في جهاز الأبناء فلا يذهبون للحج ويفضلون "تستير" الأبناء.

الأمر أصبح "معجزة" هكذا وصف أمير عبد الله، أحد المقبلين على شراء ملابس الإحرام، فيقول "انا مكنتش مصدق نفسي لما اسمي طلع في القرعة" لكن وجدت أن المصاريف باهظة للغاية لكن ما دفعني لأخذ القرار هو أن ابني دفع نصف التكلفة الخاصة بالحج "وأنا دفعت على قد ما قدرت.. والحمد لله أديني مش مصدق نفسي وأنا بشتري ملابس الإحرام.. ربنا ينولنا الحج".

الحاجة سنية امرأة سبعينية، وقفت بظهر محني تنظر إلى الأسعار الخاصة بملابس الاحرام وعينيها التائهتين تستر خلف تجاعيد جفنيها، وكأنها لا تدري كيفية تدبير تلك المنفقات، عند الحديث معها أكدت أن – فاعل خير- هو من أحضر لها تلك التأشيرة وتكفل بأموال الحج كي يقر عينها، وأنها تحاول شراء الملابس إلاأان الأسعار مرتفعة للغاية فالنساء يحتجن الى عباءة وإيشارب وكذلك حقائب من أجل السفر ناهيك عن المصاريف الأخرى الخاصة بها أثناء رحلتها.

ومن جانبه يقول الدكتور إحسان أحمد، الباحث في الشئون الاسلامية، إن الملابس الخاصة بالإحرام لها وضع خاص، حيث إن المحظور على المحرم لبسه حال إحرامه هو المخيط من الثياب، والمقصود بالمخيط ما فُصِّل على قدر الجسم، كالقميص والسراويل والجُبة ونحو ذلك، لا ما كان فيه خيط أو خياطة كما يفهم البعض.

ويضيف إحسان أن الحكمة من ذلك -والله أعلم- أن هذه الهيئة تبعث صاحبها على الخشوع والتواضع والخضوع لله تعالى، وتذكر الآخرة حيث لم تغره الزخارف، كما أن الملبس الموحد لجميع الحجاج ترمز إلى وحدة المسلمين، وتشير إلى المساواة بينهم، ولذا توحّد زيهم حتى لا يتميز أحد على آخر ويكثر من الدعاء ويصون النفس عن المحرمات.

وعلى الرغم من هذه الشروط التي تؤكد عدم تمييز الحجاج عن بعضهم البعض والبساطة في الملبس، إلاأانه قد ظهرت "ماركات" شهيرة عالمية تقوم ببيع ملابس الإحرام بمبلغ 200 ريال اي ما يعادل 1000 جنيه بالمصري، وظهر كذلك بعض الفنانين بصحبة أصدقائهم يضعون الوشم او "التاتو" على الكتف الأيمن الذي ظهر معهم في صور الإحرام من بينهم الفنان عاصي الحلاني، وكذلك في العام الماضي، ظهرت فتاة لبنانية ترتدي زي الاحرام الخاص بالرجال ويتعرى كتفها الأيمن، مما دعا قوات الأمن بالحرم من القاء عباءة عليها.

وعلى الرغم من عدم الاقبال على الشراء إلا أن هذا العام بلغ عدد الحجاج المصريين هذا العام بلغ 76 ألفا و138 حاجًا بحسب احصاءات وزارة التضامن الاجتماعي.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل