المحتوى الرئيسى

أحمد سامى يكتب: "لابوار.. حلويات تأخذك للجنة" - القاهره 24

08/21 14:37

يقول تعالى: “ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ” سورة الأنعام

إن ما عليك فعله كمسلم ان وجدت قوماً وصفهم الله ب”الظالمين” يخوضون في آيات الله – هو ان تعتزلهم حتى يتكلموا في السياسة أو كرة القدم مثلاً فعندئذ يمكنك مجالستهم مرة آخرى. وفي الدستور المصري فإن حرية الاعتقاد (والتي تشمل عدم الاعتقاد) فهي “مطلقة”.

عندما أرسل الله سبحانه موسى وهارون (عليهما السلام) إلى الطاغية فرعون الذي لم يكتفي بإهانة الذات الإلهية فقط بل وادعى أنه هو رب الكون ” وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي”  قال لهما “اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى” فكان التوجيه الإلهي لمن “طغى” هو أن نقول له قولاً ليناً على الرغم من علم الله المسبق بالنهاية ولكن ليعلمنا سبحانه كيف نخاطب “الطغاة”

ولكن يبدو ان هذا لا يطرب الكثيرين من حراس العقيدة الذين يعلمون عن الله ما لا تعلمون وما لا يعلمه الله نفسه ربما ويظنون أنهم أكثر حكمة من العليم الحكيم في التعاطي مع تلك المواقف ومن حراس العقيدة هؤلاء محل الحلويات الشهير لابوار.

خالد وعبدالرحمن شابان في مقتبل العمر قررا لأسباب لا نعلمها وربما تكون مقنعة لهما أن يلحدا وأن ينكرا وجود إله خالق لهذا الكون شأنهم شأن الكثير من الملحدين في مصر والِشرق الأوسط بل والعالم كافة.

وأنا كمسلم أختلف معهم في هذا التوجه الفكري والعقدي كما أختلف مع المسيحيين واليهود والهندوس والبهائيين وباقي الديانات في الشأن ذاته. ولكني كمسلم أيضاً أحترم ما انتهوا إليه لأن هذا شأنهم ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ولا يسألون عما أفعل ولن أسأل عما كانوا يعملون وأن الله جامع الناس ليوم لا ريب فيه وسيحكم بين الجميع فيما كانوا فيه يختلفون، ويقول الله ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ ۖ لَا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” المائدة

فإن اعتقدت أن هؤلاء الشباب قد ضلوا فهم لن يضرونني شيئاً ان اهتديت أنا ولكن هذا لا يرضي الإخوة الحاكمين بأمر الله في لابوار الذين يرون أن إلحاد خالد وعبدالرحمن هو ضرر بالغ عليهم وعلى الأمة الاسلامية وعلى جمهورية مصر العربية يستوجب رد فعل قاسٍ

في دردشة خاصة Messenger على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك قام أحدهما بالإساءة لذات الإله (الذي ينكرون وجوده أصلاً) فقام أحد الهاكرز باختراق صفحة أحد أصدقائهم وقام بنسخ الشاشة وإرسال نسخة إلى مديرهم في لابوار الذي قام باحتجازهم تعسفياً داخل مقر المحل وابلاغ الشرطة التي حررت لهم محضراَ ووجهت لهما تهمة ازدراء الأديان وهما الأن قيد الحبس الاحتياطي حتى وقت كتابة هذه السطور.

فإن اتفقت تماماً أن ما فعلوه (وإن اتسق مع معتقداتهم) فهو غير أخلاقي وغير مسئول هل يا ترى ما قامت به إدارة لابوار كان أخلاقياً ومسئولاً ومتوافقاً مع مراد الله وتعاليم الاسلام والمسيحية؟ مع كونهم ملحدين هل تعلم أي إله قصدوه بالإهانة؟ لو كانوا سبوا إله المجوس مثلاً هل كنتم لتنتفضون هكذا؟ ربما كانوا يسبون إله الهندوس أو أهريمان إله الشر عند الزرادشتيين

هم وإن كانوا ملحدين فهذه هي عقيدتهم التي “أطلقها” لهم الدستور المصري وكفل لهم حرية اختيارها. أم ان لي حرية اختيار عقيدتي ولكن ليس لي حرية التحدث عن حتى في دردشة خاصة (شات) بيني وبين أصدقائي؟ هل عليً أن ابتلع عقيدتي ولا أحدث بها أحداً؟

هم لم يدعون أحداً إلى الإلحاد ولم يزدروا دين أحد من الزبائن في أوقات العمل الرسمية ولم يطبعوا منشورات مناهضة للأديان ولم يتركوا العمل ليصلوا صلاة الملحدين ويضيعوا وقت العمل. وحتى وإن قاموا بأي من ذلك فإن أقصى ما لكم أن تفعلوه هو أن تفصلوهم من العمل ولكن لماذا الاحتجاز المهين ولماذا الشرطة؟

وهل من شروط العمل في لابوار أن يكون العامل مسلماً؟ ألا توظفون مسيحيين مثلاً؟ هل تظن أن المسيحيين يؤمنون أن الاسلام هو الدين الصحيح وأنهم في كنائسهم يصلون على النبي ويسلمون تسليماً؟ هل شاهدتم مرة قناة الحياة (المسيحية) أو قناة الكرمة الفضائية؟

وهل تعتقدون أنهم عندما يسجنون بسبب معتقداتهم في سجون مصر سيعودون إلى حظيرة الاسلام ويتوبون إلى الله توبة نصوحا؟

هل أصبحت الشرطة المصرية ذات السجل الحافل بالتعذيب والقتل خارج اطار القانون هي عصا الله الغليظة على الأرض التي يناط بها ارجاع الناس إلى رحاب الله؟

هل الشرطة المصرية التي دأبت على امتهان كرامة المواطن جسدياً ومعنوياً وأنسانياً آناء الليل وأطراف النهار هي الحكمة والموعظة الحسنة التي أمرنا اللي بها في الدعوة إلى سبيله؟

هل سيقتنعون أن الدين الاسلامي هو الدين الحق عندما يسجنون ويضيع مستقبلهم ويدون ذلك في صحيفة أحوالهم الجنائية وتتضاءل كل حظوظهم المستقبلية في عمل كريم؟

وفي المقابل هل تظن عزيزي المؤمن أن الله في حاجة ماسة إلى الدفاع عنه على هذا النحو وهو سبحانه الذي على كل شيء قدير كان بإمكانه الدفاع عن نفسه أو أن يخرسهم قبل أن يسيئوا إليه عز وجل؟

هل تعترض أنت على الحرية التي منحها الله لهم والتي سيجازيهم عليها يوم القيامة فقررت أن تسلبهم أنت هذه الحرية وقررت أن تستبق حساب الله لهم في الآخرة لتحاسبهم أنت نيابة عن الله في الدنيا؟ لا يحتاج الله إلى من يدافع عنه بل يقول سبحانه “إن الله يدافع عن الذين آمنوا” يدافع عنهم بما منحهم من إيمان راسخ كالجبال لا يهزه استهزاء المستهزئين

ولو كان الدافع هو حبك لله وغيرتك عليه مثلاً فأقول لك انه لو أساء أحدهم إلى والدي أو والدتي مثلاً فسأرد عنهم طبعاً لأنهم ضعفاء غائبين غير قادرين على الرد ولكن هذا لا ينطبق على العزيز الحكيم الحاضر الذي لا تأخذه سنة ولا نوم وهو معكم أينما كنتم.

ماذا سيكون رأي غير المسلمين في الاسلام والمسلمين عندما يسمعون هذه القصة؟

ويشاء السميع العليم بعد هذه الواقعة بأيام قليلة أن تشن مباحث التموين حملة ضبطت فيها مئات الكيلوجرامات من الأغذية الفاسدة والمهربة (بدون أوراق أو صلاحية) على محلات لابوار وحررت محاضر بالواقعة نشرت في جميع الصحف. لن يرضى الله بالاساءة إليه ولكن هل يرضى بتسميم الناس والغش التجاري؟ هل سيغفر الله لكم ذلك بمجرد تسليم الشباب الذين أساؤوا إلى الذات الإلهية؟ هل سيغفر لكم الناس ذلك؟ الا تشعرون بالازدواجية واحتقار الذات؟

علمتني الحياة أن الفكرة لا تقرع إلا بالفكرة، والرأي لا يهزم إلا بالرأي الآخر وليس بالقمع والعنف وعصى الأمن الغليظة.

بدلاً من احتجازهم وزجهم في السجون كان من الأولى أن تحاوروهم أو تستجلبوا من يستطيع محاورتهم ولتكن معركة فكرية فربما عادوا إلى رشدهم. أي النموذجين يرضي الله أكثر؟

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل