المحتوى الرئيسى

حكايات الطلاق الإجباري فى مصر

08/21 04:05

تختلف أسباب الطلاق والخلع، بين الخيانة الزوجية والظروف الاقتصادية وسوء الاختيار والتسرع في الزواج وغيرها من مسبباته، إلا أن هناك أمورا أخرى بعيدة عن الأسباب المتعارف عليها في الطلاق، وهي تدخل أسر الزوجين في حياة الأسرة، بداية من تدخل الأم في حياة ابنتها، وسيطرة الأب على مجريات أمور نجله، وتدخلهم في شئونهم الداخلية، الأمر الذي ينتهي دائما بالطلاق أو الخلع.

«الدستور» ترصد في السطور التالية حكايات بعض المتزوجين التي انتهت حياتهم بالطلاق أو الخلع بعد تدخل الأهل في شئونهم الداخلية.

شيريهان شابة عشرينية، تمت خطبتها لمن ارتضاه قلبها وبالفعل تمت الزيجة وتوج الحب بالزواج، إلا ان الأمور لم تسير على ما يرام، فوالدة الزوجة بدأت بالتدخل في كل صغيرة وكبيرة، تفرض كلمتها في منزل ابنتها، تحثها على عصيانه بكل الأشكال وتصمم على وجود ابنتها عندها فترات كبيرة بعيدة عن زوجها.

أبدى الزوج اعتراضه الشديد على هذه الأوضاع، لتبدأ والدة شيريهان بتوجيه ابنتها الى فعل كل ما يبغضه الزوج وتسليطها على أن تستنفذ منه الأموال بحجة احتياجات المنزل والطفل.

لم تكتف بذلك أيضًا بل رفضت أخيرا استكمال الزيجة في منزل الزوجية، بحجة أنه أصبح غير ملائم، وطالبت ابنتها بإجباره على تأسيس شقة أخرى بدلا منها ونظرا للحالة الاقتصادية وعدم تمكن الزوج من تأسيس شقة أخرى، بدأت الأم بمساومة الزوج بأن تقوم هي بشراء شقة أخرى على ان تُكتب باسم ابنتها وفى حالة رفض الزوج ذلك، «يبقى تطلقها.. انا بنتي متعيش بالشكل ده أبدًا»، هكذا أخبرت والدة شيريهان الزوج.

منعتها من الذهاب الى زوجها، بحجة انها لن ترضى عنها الى يوم الدين وانها غاضبة عليها وستعتبرها ليست ابنتها في حال ظلت معه في منزل واحد، حاول الأقارب التدخل لإصلاح الأمر وحاول المحامي وقاضي محكمة الأسرة الاصلاح دون أي فائدة من ذلك، ليجبر الزوج على تطليق زوجته حتى لا يضعها بين نيران والدتها وحرقة قلبها عليه، ليترك لها حياة تظنها والدتها أفضل، لتظل الزوجة أيضًا تعيش باسم "مطلقة" تعاني نيران والدتها وفراق زوجها وألسنة المجتمع الذي لا يرحم بسبب تعنت والدتها.

الأمر لا يتوقف عند الأم فقط، بل أحيانا يتسبب الأب والأم معًا في تطليق ابنتهم أيضًا ويجبرون الزوج على الطلاق، وفي حالة رفضه يجبرون ابنتهم على رفع قضية خلع، مهددين إياها بالتخلي عنها والغضب عليها، وهذا ما حدث بالفعل مع سارة ابنة محافظة الشرقية من مركز أبو حماد، ونظرا لأن عمل الزوج بالقاهرة تزوجوا وأقاموا بالقاهرة ورزقوا بمولود.

لم تطق الأم والأب ابتعاد ابنتهما عنها وبدأوا يطالبون الزوج بإرسال ابنتهم الى منزل العائلة لقضاء بعض الوقت هناك، وعندما استجاب الزوج وارسلها بدأ الأم والأب بتحريض ابنتهم على عدم الذهاب لمسكن الزوجية نظرا لانشغال الزوج ورجوعه من عمله متأخرا قائلين: «ليه تقضى الوقت دا كله لوحدك خليكي معانا» ليبدأ الزوج بالشعور بالغضب لكنه انصاع ايضًا لطلب زوجته حتى لا يستثير مشكلة.

وفي احدى المرات، وعندما عادت الزوجة مكثت في بيت زوجها لمدة يومين تحدث معها في عدم رضاه بتدخل والدتها في حياتهم الزوجية وتسلطها في كل الأمور، وسماع كلام والدتها ووالدها وطلب منها ان تخرج من عباءتهم وتنتبه لحياتها الزوجية.

لم تنتبه الأم الصغيرة والتي أنجبت طفلًا الى أن هذه الكلمات عندما تمررها الى والدتها ستنقلب حياتها الى جحيم، حيث حدث ما لم يتوقعاه معًا سواء من سارة او زوجها، حيث تفاجأ الزوج في يوم من الايام بحضور والدة الزوجة ووالدها وقيامهم بأخذ الزوجة من زوجها عنوة وطالبوه بتطليقها، بحجة أنه يرفض ان تذهب الى والدتها كل يوم خميس وجمعة الأمر الذى اذهل الزوج من التصرف.

وانتقلت الزوجة مع اهلها بالشرقية وبدأ سيل من القضايا على الزوج من نفقات وقضايا تبديد منقولات وغيرها من القضايا التي لا تنتهي، برقم ٧٧١ لسنة ٢٠١٦ اسرة أبو حماد شرقية، رغم ان حياتهما كانت هادئة وتسير في احسن حال، وعلى الرغم من محاولات الإصلاح التي لا تنتهي ظل اهل الزوجة مصممين على الطلاق الحتمي.

لم تكن سارة تريد الطلاق وتريد العودة الى منزل زوجها، الذي لم يتركب جريمة بحسب تأكيدها، لكن كل ما اراده فقط هو ان تظل بجانبه والا يحرم من رؤيتها في منزله ولم يحرمها ايضًا زيارة اهلها بالشرقية لكن كل غضبه كان بسبب مكوثها لفترات طويلة هناك.

ظلت الزوجة تحاول افتعال القصص وتطلب من المحامين افتعال الموانع حتى لا تطلق وتعود لزوجها الا ان كل المحاولات باءت بالفشل وتم تطليقها بالفعل ليظل طفلها محرومًا من ابيه.

كما كانت والدة الزوجة في الحالات السابقة هي عامل كبير لطلاق ابنتها، في حالة اسماء ذات 28 عام الأمر مختلف، فوالدة زوجها هي أساس كل المعاناة التي رأتها في حياتها، بعد زواجها بدأت العلاقة تسوء بينها وبين زوجها بسبب والدته، فهي تجعلها تكنس وتمسح وتقوم بجميع أعمال المنزل الخاصة بها، وتقوم بالافتراء عليها لينحاز الزوج الى صف والدته بل وصل الأمر الى حد الضرب والإهانة للدفاع عن والدته أمامها رغم انها لم تخطئ في حقها، تحولت حياتها الى جحيم، واصبح هذا الوضع هو الطبيعي لها.

حتى جاءت في احدى المرات وانهال عليها زوجها بالضرب المبرح الذي اصابها بنزيف، ليشعر الزوج بكم كبير من الخزي والعار ويحاول اصلاح ما ارتكبه في حق زوجته واكتشافه انها مظلومة ولكن بعد فوات الأوان فقد طلبت أسماء الطلاق منه الا انه رفض تمامًا لتقوم برفع قضية خلع ١٩٦٧ لسنة ٢٠١٥.

كانت ميرفت تعيش حياة سعيدة مع زوجها بعد أن رزقها الله بابنة في غاية الجمال، بدأت رحلتها في الزواج حينما كانت في الـ26 عامًا ليتدخل والد الزوج في كل صغيرة وكبيرة، ينغص كل جميل عليهما حتى امتلأت حياتها بالدموع والإحساس بالقهر، يهينها بالكلمات والنظرات الجارحة، يعايرها لأنها يتيمة وبمستوى اسرتها المادي المتواضع، كان يحاول في البداية افساد العلاقة بينها وبين ابنه لكن الله اراد ان يتمم بينهما الزواج، ليزداد غضب الأب.

ظلت تعاني كثيرًا من ويلات اهل زوجها تتحمل من اجل ابنتها، تارة تغضب لدى اخيها وتارة اخرى تبقى في منزلها تعاني من ضرب زوجها لها لاعتراضها على اهانة ابيه لها التي لم ولن تنساها يومًا ما دام قلبها ينبض بالحياة – على حد وصفها-، فلم يمر عيدًا او مناسبة اجتماعية دون مشادات ومشاكل معه، ينهر ابنه لمعاملة زوجته بشكل محترم ويعنفه بل ويحرضه على الزواج بأخرى تليق به.

ظلت تمرر كل ذلك حتى وصل الأمر الى طلبها الطلاق بسبب تدخل ابيه الذي لا ينتهي واهانته المستمرة التي تشعرها بأنها تتنازل عن كرامتها وحقها في العيش باحترام، رفض زوجها تطليقها لكنها لم تستسلم وظلت في حالة تصميم حتى رفعت قضية خلع عليه ٦١٩ لسنة ٢٠١٦ اسرة النزهة، متنازلة عن كافة حقوقها ومستحقاتها راغبة في العيش بشكل يليق بها وهربًا من رؤية ابنتها لها في هذا الوضع التي اصبحت تخجل منه مع مرور الايام وادراك ابنتها لما تتعرض له والدتها.

يقول عصام عبد اللطيف، المستشار القانوني في قضايا الأحوال الشخصية، إن السبب الرئيسي في حالات الطلاق يرجع الى تدخل اهل الزوجين في حياتهما، بالإضافة الى حكي كل المشاكل الزوجية الى الأهل خاصة والدة الزوج او الزوجة، ويتسلط الأبوين في معرفة كل صغيرة وكبيرة، وعادة ما ينظر الأب والأم لكل طرف للأمر من ناحية واحدة وهي مصلحة ابنهم او ابنتهم بعيدًا عن المصلحة العامة لحياتهما الأسرية ويدافعون عنهم حتي في حالة الخطأ وهو ما يهدد حياتهم الزوجية، والآن نادرًا ما نجد اب او ام يصحح الأمور بشكل عاقل وسليم فكل من الزوج او الزوجة يجب ان يتنازل حينًا حتى لا تقف المراكب السائرة.

وطالب كل أسرة ان تتفهم استقلالية حياة ابنائهم بعيدًا عنهم ويتركوا لهم الخيار والقرار ولا يتدخلون في كل الأمور حتى لا يرتفع معدل الطلاق اكثر من اللازم خاصة انه كل يوم في ازدياد وحماية الأبناء من مؤثرات الطلاق عليهم.

في حين اكدت فاطمة حسن، اخصائية علم اجتماع، ان الطبقة الوسطى كانت اساس المجتمع وعندما تراجعت اوضاعها تضاعفت نسب الطلاق بها، وهو ما أدى الى انهيار بعض القيم والمبادئ منها نصائح الأم والأب للزوجة بضرورة الحفاظ على بيتها وزوجها وابنائها والتفاهم والاعتماد على العقل في حل أي مشكلة، واصبحت الأم تنصح ابنها او ابنتها بنظرية "اجوزك ست ستها.. او اجوزك سيد سيده" وهذا ما ادى الى زيادة نسبة الانفصال، موضحة ان الاهل والاصدقاء يأتون في اولى اسباب ارتفاع معدلات الطلاق في مصر.

وناشدت كل زوج وزوجة بضرورة التمسك بشريك الحياة والحفاظ على الاسرة والابناء وعدم الانصياع لرغبات الاهل خاصة اذا كانت مبنية على مشاعر وليس اسباب بناءة، مثل غيرة الام من زوجة الابن او الاب من الزوج على ابنته، او محاولة تزويجهم من آخرين لأي اسباب اخرى مثل الرغبة في سرعة الانجاب او وضع معيشي افضل، ظنًا منهم حفظهم لحقوق ابنائهم وانهم يسعون خلف مصلحتهم في حين انهم يدمرون حياتهم دون قصد كمثل الدب الذي قتل صاحبه حتى يحميه من لدغات النحل فانهال عليه ضربًا حتى مات.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل