المحتوى الرئيسى

ديليسبس.. "كلمة السر" في احتلال قناة السويس وتأميمها

08/20 17:22

ديليبس كان شهيرا بعمل مشروعات القنوات مثل السويس وبنما

في مثل هذا اليوم، 20 أغسطس/آب، من عام 1882 احتل الجيش الإنجليزي لأول مرة مدن قناة السويس؛ ليكون بداية لاحتلال مصر الذي دام أكثر من 70 عاما. 

ومن عجائب الحوادث التاريخية أن فرديناند ديليسبس، صاحب مشروع حفر قناة السويس، كان كلمة السر في احتلال قناة السويس ومصر جمعيها 1882، كما كان كلمة السر أيضا في تحرير القناة عبر تأميمها عام 1956.

والمطامع الإنجليزية في احتلال مصر قديمة، وسابقة لحفر قناة السويس، بدأت بحملة فريزر عام 1807 ولكنها فشلت سريعا، ثم تجددت عبر بوابة الاقتصاد والقروض خلال تشجيع حكام مصر من أسرة الوالي "محمد علي" على حفر قناة السويس، رغم أن مصر لم تكن بحاجة له في ذلك الحين.

وبعد تكبيل مصر بسلسلة كبيرة ومعقدة من الديون، كثير منها كان مفتعلا وفق شهادات مكتوبة من دبلوماسيين ومعاصرين للأحداث، نجحت بريطانيا وفرنسا في احتلال مصر اقتصاديا عبر الإشراف على وزارة المالية وميزانية البلاد.

وعقب ظهور احتجاجات مصرية شعبية ومن داخل الجيش على هذه السيطرة، قررت بريطانيا البدء بالتدخل العسكري الذي كان تخطط له منذ زمن طويل، وبدأ ذلك بضرب الإسكندرية بالقنابل، ثم غزوها بحجة حماية الجاليات الأجنبية هناك، ومن الإسكندرية اشتبكت مع الجيش المصري الذي رغم أنه لم يكن مدربا أو مؤهلا حينها ولكنه مع المقاومة الشعبية حققوا نصرا على الإنجليز في معركة "كفر الدوار" غرب البلاد.

ولذا فكرت بريطانيا في احتلال مصر من ناحية الشرق، من ناحية قناة السويس، خاصة مع سهولة وجود المدد من القوات البريطانية والهندية المرابطة في الهند التي كانت تحت سيطرة بريطانيا آنذاك.

وعند علم أحمد عرابي، قائد الجيش المصري حينها، بذلك طلب من دليسبس ردم جزء من قناة السويس لمنع القوات البريطانية من العبور إلى مصر، ولكن دليسبس طمأنه إلى أن القناة ممر دولي محايد، ولن تمر منه بريطانيا.

وفي ذلك يقول ألبرت فارمان، القنصل الأمريكي في مصر في ذلك الوقت في كتاب "مصر وكيف غدر بها" الذي يوثق هذه المرحلة نقلا عن وثائق القنصلية الأمريكية في مصر : "هنالك أرسل عرابي أحد ضباطه إلى التل الكبير لإقامة الاستحكامات في ذلك المكان الذي يعتبر أسهل بقعة موجودة للدخول إلى البلاد من جهة القناة، وكان من السهل عليه أن يغلق القناة، ولكنه تركها مفتوحة لدخول القوات المعادية، معتمدا على وعود المسيو دلسبس".

ولكن كانت وعود دليسبس كاذبة، فعبرت القوات البريطانية والهندية القناة، واحتلت السويس والإسماعيلية، وقابلها الأسطول البريطاني قادما من البحر المتوسط عبر بورسعيد، وأتموا احتلال المنطقة، ثم زحفوا إلى القاهرة.

ووفقا للدكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة، في حديث لجريدة "الوطن" المصرية الخاصة فإن القوات الإنجليزية فشلت في دخول الأراضي المصرية من خلال الإسكندرية؛ نظرًا لمقاومة القوات المصرية في منطقة كفر الدوار، ما دفع الأسطول الإنجليزي للتوجه إلى قناة السويس لدخول مصر من الناحية الشرقية.

 وأضاف "عفيفي"، أن أحمد عرابي فكر في ردم القناة لتوجه الأسطول الإنجليزي إليها؛ ليعيق تحركهم، لولا خدعة ديليسبس له، ما أدى لعدم ردمها، ووقوع معركة التل الكبير وتغلب الجيش الإنجليزي على القوات المصرية.

وبعد هذه الوقائع بـ 74 عاما، جلا آخر جندي بريطاني عن مصر عام 1956 بعد توقيع اتفاقية الجلاء إثر ثورة 23 يوليو 1952.

ولكن بقيت القناة تحت إدارة بريطانيا، وسط توقعات بأنها ستسعى بعدة سبل لمد امتياز القناة لنحو مائة عام أخرى بعد انتهائها فترة الامتياز الأولى، أو محاولة تدويلها كي لا تعود للسيطرة المصرية.

وفي ذات العام 26 يوليو 1956 ظهر ديليسبس مرة أخرى في مسيرة قناة السويس؛ حين وقف الرئيس المصري حينها جمال عبد الناصر يلقي خطابا يفاجئ به العالم بتأميم قناة السويس ردا على رفض البنك الدولي والدول الغربية دعم مصر في بناء مشروع السد العالي.

وحينها كان عبد الناصر متفقا مع المجموعة التي قامت بعملية التأميم والسيطرة على مواقع الإدارة والتشغيل في شركة قناة السويس والميناء أن يبدأوا عملية السيطرة عقب سماعه يردد اسم ديليسبس خلال خطابه، باعتبارها "كلمة السر".

ويؤرخ لذلك كتاب "قناة السويس والأيام التي هزت الدنيا" للمهندس عبد الحميد أبو بكر أحد قيادات المجموعة التي قادت علمية التأميم، قائلا: "خشي عبد الناصر أن تفلت كلمة السر من أسماعنا، فأخذ يكرر اسم "ديلسبس" أكثر من مرة، كرره 17 مرة، بلا ضرورة في بعض الأحيان، ليتأكد أننا تلقينا الإشارة المتفق عليها، غير أننا كنا قد سمعنا تماما، بل إننا تلقينا الإشارة من أول مرة نطق فيها اسم "ديليسبس" وكانت الساعة حوالى العاشرة مساء".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل