المحتوى الرئيسى

جولة الرئيس الأفريقية.. إضافة نوعية لرصيد مصر الأفريقي وانطلاقة جديدة للتعاون في قضايا الاقتصاد والتنمية ومكافحة الإرهاب ومياه النيل

08/19 12:54

تنزانيا ورواندا والجابون وتشاد.. أهم المحطات الجولة تؤكد جدية الاتجاه المصري نحو القارة الأفريقية بول كاجامي: مصر مهمة للغاية في التغير الايجابي الرئيس السيسي يشيد بتميز العلاقات الثنائية مع الجابون

حققت الجولة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي لأربع دول أفريقية، هي تنزانيا ورواندا والجابون وتشاد، العديد من النتائج الإيجابية لصالح العلاقات بين مصر وكل من هذه الدول الأربع، ولصالح قضايا التعاون والأمن والاستقرار في هذه المنطقة والقارة الأفريقية ككل.

فقد جاءت هذه الجولة التي استمرت من 14-17 أغسطس الجاري لتؤكد جدية التوجه المصري الحالي تجاه القارة الأفريقية كخيار استراتيجي للسياسة الخارجية المصرية، ومحور من أهم محاور الحركة الدبلوماسية المصرية.

وقد جاء النطاق الجغرافي والسياسي للدول التي شملتها الجولة متسعًا ليشمل: تنزانيا في شرق أفريقيا، ورواندا وتنزانيا من دول حوض النيل، وتشاد والجابون من دول وسط أفريقيا، كما عبرت الجولة عن اشتراك مصر مع هذه الدول في العديد من التجمعات والتنظيمات المختلفة (الاتحاد الأفريقي، منظمة التعاون الإسلامي، الكوميسا، مبادرة حوض النيل، مبادرة النيباد، تجمع الساحل والصحراء)، وكلها تعزز تنوع وتشعب وتعدد مجال العلاقات والتعاون ثنائيا وقاريا ودوليا، خاصة في مجالات بناء السلم والأمن الأفريقي ومكافحة الإرهاب والتنمية المستدامة.

انطلاقا من هذه المعطيات يؤكد تحليل أعدته الهيئة العامة للاستعلامات، أن نتائج الجولة تمثل إضافة كبيرة لرصيد مصر الأفريقي، وتعزيزا لأمن ومصالح مصر الوطنية، وتفتح آفاقا واسعة يمكن لأجهزة الدولة والحكومة في مصر وكل من الدول الأربع الانطلاق في استثمارها على مستوى أكثر شمولًا وتواصلًا مما كان قائما من قبل.

إلى جانب الأبعاد الاستراتيجية لجولة الرئيس، فقد برز خلالها على نحو لافت الطابع الودي والدبلوماسي الرفيع الذى تمثل في الاستقبال الحافل الذى قوبل به الرئيس السيسي في العواصم الأفريقية الأربع: دار السلام، وكيجالى، وليبرفيل، ونجامينا، والحفاوة التي قوبل بها رسميًا وإعلاميا، وسط ترحيب ملحوظ يتناسب مع مكانة الزائر والمكانة التاريخية والأخوية لمصر في نفوس الشعوب الأفريقية.

وفي المقابل حرص الرئيس السيسي على توجيه الدعوة للرؤساء الأربعة: الرئيس التنزاني، جون ماجوفولي، والرئيس الرواندي بول كاجامي، ورئيس الجابون علي بونجو، والرئيس التشادي إدريس ديبي، لزيارة مصر والمشاركة في المؤتمر الدولي للشباب، ومنتدى الاستثمار في أفريقيا 2017، المقرر عقدهما في شرم الشيخ في نوفمبر وديسمبر المقبلين.

ففي تنزانيا، رحب الرئيس التنزاني بزيارة الرئيس السيسي "التي تعد الأولى لرئيس مصري منذ عام 1968، مشيرًا إلى ما تعكسه تلك الزيارة التاريخية من عمق وتميز العلاقات بين الدولتين وما يجمعهما من روابط تاريخية ممتدة".

وفي رواندا، أكد الرئيس بول كاجامي أن مصر مهمة للغاية في التغير الإيجابي في القارة الأفريقية، بينما قال الرئيس السيسي: "أود أن أنتهز هذه الفرصة لأتقدم بالتهنئة للرئيس كاجامي على فوزه بالانتخابات الرئاسية الأخيرة، وأن أشيد بحجم الإنجازات التي حققها على مدار الأعوام الماضية سواء فيما يتعلق بتحقيق الاستقرار في رواندا أو تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل ملحوظ بها".

وفي رواندا أيضا زار الرئيس عبد الفتاح السيسي، متحف الإبادة الجماعية، ووضع إكليلًا من الزهور على النصب التذكاري لضحايا الإبادة الجماعية، الأمر الذى حمل لفتة تعبر عن التضمن الانساني مع الشعب الرواندي.

وقد شيد النصب التذكاري في "كيجالي" تكريما لضحايا الإبادة الجماعية برواندا، والذين بلغ عددهم عام 1994 نحو مليون شخص. وقد وقع الرئيس السيسي في سجل الزيارات، حيث أعرب عن أسفه لسقوط الضحايا الأبرياء، مؤكدا أهمية التعايش المشترك بين مختلف أطياف البشر، وبحيث يكون التعاون والحوار والسلام هو اللغة السائدة بين مختلف شعوب العالم، معربا عن تمنياته بألا تتكرر مثل هذه الأعمال البشعة وأن يعم السلام جميع بقاع العالم.

وفي الجابون، رحب الرئيس الجابوني بزيارة الرئيس التاريخية للجابون، والتي تتزامن مع احتفالات الجابون بعيدها الوطني، بينما أشاد الرئيس السيسي بالحوار الوطني الذي أطلقه الرئيس علي بونجو والذي حقق نتائج إيجابية وساهم في تعزيز الاستقرار في الجابون.

وفي تشاد، رحب الرئيس التشادي إدريس ديبي بزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مشيرًا إلى أنها الزيارة الأولى لرئيس مصري لتشاد في تاريخ العلاقات بين البلدين. وأشاد الرئيس ديبي بالجولة التي يقوم بها الرئيس السيسي في عدد من الدول الأفريقية، والتي تؤكد الانتماء الأفريقي لمصر وتوجّه الرئيس نحو استعادة دورها على الساحة الأفريقية.

التعاون الإقليمي، والمشروعات المشتركة، وتعزيز التبادل التجاري، والتكامل الاقتصادي، والتنمية المستدامة وتنمية الكوادر البشرية، جميعًا تمثل أهدافًا مشتركة لمصر والدول الأفريقية، كما تمثل جوانب مهمة من رسالة مصر إلى الشعوب الأفريقية، فهذا هو طريق التقدم وتحسين حياة ومستوى معيشة شعوب القارة.

ويرصد تحليل الهيئة العامة للاستعلامات أن جزءا كبيرا من نتائج الجولة كان بمثابة انطلاقة جديدة في مجالات الاقتصاد والتنمية والتجارة:

ففي زيارة الرئيس لتنزانيا، أشاد الرئيس التنزاني بمستوى العلاقات الثنائية بين مصر وتنزانيا، مؤكدًا حرص بلاده على تعزيز هذه العلاقات وتطويرها، خاصة فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، وتشجيع الاستثمارات المتبادلة في الدولتين، معربا عن تقديره للدعم الفني الذي تقدمه مصر لبلاده في مجالات بناء القدرات والتدريب ومشروعات حفر الآبار، وغير ذلك من مجالات الدعم التنموي، وتطلعه للاستفادة من الخبرات المصرية في المجالات المختلفة، كالسياحة والتصنيع الدوائي، فضلًا عن تطوير مستوى التعاون بين البلدين في مجال الثروة الحيوانية.

وفي رواندا، أكد الرئيس السيسي أن "مصر ورواندا دولتان أفريقيتان شقيقتان يجمعهما نهر النيل العظيم، تتشاركان نفس التطلعات وتواجهان تحديات متماثلة، ولديهما من الإمكانيات والإرادة السياسية ما يؤهلهما للتعاون المثمر في تحقيق أهداف التنمية والرخاء الاقتصادي لشعبيهما. وفي هذا الإطار فقد عقدت مع أخي الرئيس كاجامي اليوم جلسة مباحثات مثمرة وبناءة، ناقشنا خلالها سبل تعزيز التبادل التجاري وزيادة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، وكيفية دعم التعاون المتزايد بين القطاع الخاص في البلدين، خاصة في مجالات الاتصالات والسياحة والزراعة والطاقة".

وأشار الرئيس إلى "اتفاق الحكومتين المصرية والرواندية على اتخاذ جميع الإجراءات والخطوات اللازمة لتيسير وتشجيع زيادة التبادل التجاري بين البلدين، وإقامة المشروعات المشتركة في القطاعات الاقتصادية المختلفة بما يحقق مصالح الشعبين الشقيقين".

وفي ضوء الأهمية الاستراتيجية للعلاقات بين البلدين، أكد الرئيس أن "مصر حريصة على مواصلة وتطوير التعاون مع رواندا كذلك في مجالات بناء القدرات وتبادل الخبرات في المجالات التنموية المختلفة، خاصةً من خلال البرامج ودورات الدعم الفني التي تقدمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية والمبادرة المصرية لتنمية دول حوض النيل". كما تم الاتفاق خلال المباحثات على "أهمية العمل على عقد اللجنة المشتركة بين البلدين في أقرب فرصة ممكنة للتشاور والتباحث بشأن سبل تنمية مجالات التعاون ذات الأولوية للبلدين".

وفي الجابون، أشاد الرئيس الجابوني على بونجو بالعلاقات الوثيقة بين البلدين، مؤكدًا حرص بلاده على تعزيز العلاقات مع مصر في مختلف المجالات، وتطوير أطر التعاون المشترك، خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية، مؤكدًا أهمية تفعيل الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها بين البلدين خلال زيارته لمصر في العام الماضي. وأكد الرئيس بونجو أن "مصر تعد قوة اقتصادية كبيرة في أفريقيا، مشيدًا بتوجه الرئيس نحو الانفتاح على القارة الأفريقية واستعادة دور مصر النشط فيها، كما أشاد بالشركات المصرية وما تتمتع به من سمعة طيبة في أفريقيا، معربًا عن تطلعه لزيادة أنشطتها في الجابون.

وقد أشاد الرئيس السيسي خلال المباحثات بتميز العلاقات الثنائية بين البلدين وتنوع مجالات التعاون المشترك بينهما، مؤكدًا عزم مصر على تطوير آفاق التعاون بين البلدين على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكري، في ضوء اهتمام مصر بمد جسور التعاون مع الجابون والدول الأفريقية الشقيقة، بهدف تعزيز التنمية والاستقرار والبناء. كما أكد الرئيس حرص مصر على تعزيز الاستثمارات في الجابون وتنشيط التعاون بين القطاع الخاص في البلدين في المجالات كافة".

وأعرب الرئيس عن "اهتمام مصر بتعزيز التعاون مع الجابون في المجال الصحي، في ضوء وجود مستشفى مصري في الجابون يقدم الخدمات الطبية للشعب الجابوني". وأكد حرص مصر على "مواصلة تقديم الدعم الفني للجابون في مجال بناء القدرات، وذلك من خلال الدورات التدريبية التي تقدمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية للكوادر الجابونية في مختلف التخصصات المدنية والعسكرية المختلفة".

كما تناولت مباحثات الرئيسين "عددا من الملفات الأفريقية، في ضوء تولي الرئيس الجابوني رئاسة الجماعة الاقتصادية لوسط أفريقيا، حيث تم بحث سبل إيجاد حلول لأزمات المنطقة، خاصة في ضوء عضوية مصر في مجلس الأمن، وقيامها بدور مهم في دعم جهود تسوية الأزمات خصوصًا في منطقة وسط أفريقيا".

كما شهدت المباحثات تناول "موضوعات البيئة، في ضوء تولي الرئيس الجابوني تنسيق أعمال لجنة رؤساء الدول والحكومات الأفارقة حول التغير المناخي خَلَفًَا للرئيس السيسي، فضلًا عن انتقال رئاسة مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة من مصر إلى الجابون في يونيو الماضي، حيث أكد الجانبان أهمية استمرار التنسيق بين البلدين فيما يخص هذه الموضوعات، ودعم الموقف الأفريقي الموحد في مفاوضات تغير المناخ".

وفي تشاد، أكد الرئيس السيسي خلال زيارته إلى تشاد أن "مصر حريصة على تقديم كل العون والمساعدة اللازمة لها في ضوء كونها دولة حبيسة (ليس لها شواطئ بحرية)، لافتا إلى أن مصر ملتزمة بإيجاد حلول حقيقية لتسهيل الحركة بين البلدين". كما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي" وجود آفاق واسعة لتطوير التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري بين مصر وتشاد في مجالات الثروة الحيوانية والصحة والزراعة والري والبنية التحتية والطاقة". كما أكد الرئيس السيسي "اهتمام مصر بمواصلة التعاون مع الأشقاء في تشاد في مجال بناء القدرات، وذلك من خلال الدورات التدريبية التي تقدمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في مختلف التخصصات المدنية والعسكرية".

وأعرب الرئيس التشادي من جانبه عن حرص بلاده على "تشجيع الاستثمارات المصرية في تشاد، مشيرًا إلى قرار حكومته بإعفاء رجال الأعمال المصريين من الحصول على تأشيرات دخول لتشاد في إطار الحرص على جذب المستثمرين المصريين وتوفير التسهيلات اللازمة لهم". ونوه الرئيس ديبي بنشاط الشركات المصرية التي تعمل في تشاد، مؤكدًا حرص الحكومة التشادية على تذليل العقبات التي تواجه شركتي المقاولين العرب ومصر للطيران، معربا عن تقديره لما تقدمه مصر لتشاد من برامج بناء القدرات والتدريب في المجالات العسكرية والمدنية ولاسيما في مجال التعليم.

مياه النيل .. اهتمام مشترك

كان طبيعيا أن يكون موضوع مياه النيل والتعاون بين دول الحوض قضية مهمة على جدول أعمال جولة الرئيس الأفريقية، خاصة إلى كل من تنزانيا ورواندا، وهما من دول حوض النيل.

فخلال زيارته لتنزانيا، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي "أن مياه النيل حياة أو موت بالنسبة لمصر، وأن مصر حريصة على تحقيق أكبر استفادة ممكنة لدول حوض النيل دون أن يؤثر ذلك على مصالحها المائية"، كما تناولت المباحثات بين الرئيسين عددا من الموضوعات، منها "جهود تحقيق التنمية في دول حوض النيل، حيث أكد السيسي أن مصر تدعم أشقاءها في دول حوض النيل بالقدرات والخبرات الفنية المصرية لتحقيق التنمية في هذه الدول، مشيرًا إلى حرص مصر على تحقيق أكبر استفادة من نهر النيل لجميع دول الحوض، دون الإضرار بمصالح مصر المائية، ومراعاة شواغلها في هذا الشأن، خاصة أن موضوع مياه النيل يعد مسألة حياة أو موت بالنسبة لمصر".

من جانبه، أكد الرئيس التنزاني "تفهم بلاده الكامل لأهمية نهر النيل بالنسبة لمصر، كونه يمثل المصدر الأساسي للمياه في مصر، وأعرب الرئيس التنزاني عن ثقته في قدرة دول حوض النيل على التوصل لتوافق يرضي جميع الأطراف".

وخلال زيارة الرئيس السيسي لرواندا، أكد "أهمية التعاون بين البلدين في اطار المبادرة المصرية لتنمية دول حوض النيل".

الأمن ومكافحة الإرهاب.. تحد للجميع

كان موضوع التعاون في مجال الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب على قائمة اهتمام مصر والدول التي زارها الرئيس السيسي خلال جولته الأفريقية، خاصة أن الإرهاب أصبح ظاهرة عالمية، عابرة للحدود من خلال تنظيمات تمتد أنشطتها الإجرامية عبر الحدود والدول والأقاليم والقارات، ولاشك أن تحقيق التنمية والتقدم يتطلب تحقيق مستويات مناسبة من الأمن الإقليمي ومواجهة إقليمية وعالمية للتنظيمات الإرهابية.

استنادا لهذه المعطيات، أثمرت جولة الرئيس السيسي تفاهما جيدا ورغبة في تعاون مشترك مع كل من تنزانيا ورواندا والجابون وتشاد في مواجهة الإرهاب.

ففي تنزانيا، أكد الرئيسان أهمية تفعيل التعاون الأمني والعسكري بين البلدين لمواجهة التحديات المشتركة، خاصة مع ما يمثله الإرهاب من مخاطر على أمن واستقرار مختلف الدول.

وفي رواندا، أعلن الرئيس السيسي أنه تبادل مع الرئيس الرواندى وجهات النظر بشأن "مخاطر الإرهاب وتنامي الفكر المتطرف وانتشار التنظيمات المؤيدة له، بما يستوجب تكثيف التعاون الدولي بفعالية لمحاصرة التنظيمات الإرهابية وتجفيف مصادر تمويلها".

وفي الجابون، تم خلال المباحثات، الاتفاق على تفعيل التعاون الأمني والعسكري بين البلدين وتنسيق جهودهما في مواجهة الإرهاب وما يمثله من مخاطر على أمن واستقرار مختلف دول القارة الأفريقية والعالم.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل