المحتوى الرئيسى

20 ألف هارب من جحيم ما بعد «القذافي»

08/18 21:16

المخاوف الأمنية تحدد مطاراً وحيداً لاستقبالهم.. وتجديد السيارات كل 3 أشهر

محمد على: الإقامة وتراخيص المركبات أكبر المشاكل

فى أحياء القاهرة الراقية، يتجمع الليبيون ليلاً، يتبادلون أطراف الحديث حول أوضاعهم اليومية فى مصر تارة، وما يدور فى بلدانهم من أحداث سياسية تارة أخرى، جميعهم هدفهم الأسمى البحث عن الرزق، ويقدر عددهم بنحو 20 ألف ليبى اتخذوا من مدينة الشيخ زايد، ومدينة نصر، وحى المهندسين مكانًا لهم، كما تجدهم فى محافظات المنصورة بالدقهلية والإسكندرية وبنها بالقليوبية.

ويعود تاريخ لجوء الليبيين فى مصر إلى الخمسينيات من القرن الماضى، أثناء حكم الملك إدريس، وحاولوا البحث عن أنشطة يحققون منها مكاسب مالية لتساعدهم على المعيشة، بعضهم أصبح يعمل فى العقارات وآخرون فى الاستثمار، وفى السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، لجأ العشرات من الطلاب الليبيين لمصر هربا من العقيد معمر القذافى لاستكمال دراساتهم العليا، حتى قامت ثورة 17 فبراير 2011 فى ليبيا ضد نظام معمر القذافى، ليفر آلاف الليبيين إلى مصر هربا من جحيم ما بعد القذافى.

وكان لليبيين دور مهم فى انتعاش الاقتصاد المصرى، حيث شارك العشرات منهم فى مجال «البيزنس»، وبحسب ما أعلنته وزارة الاستثمار فى آخر تقاريرها عام 2014 بلغ عدد الشركات التى يعمل بها الليبيون ٦٣٠ شركة، وكان من أبرز رجال الأعمال الليبيين فى مصر فرحات الشرشارى، شريك إحدى أكبر شركات السيراميك، وعاطف حنيش فى مجال السيارات.

وينقسم الليبيون فى مصر إلى أربع فرق، الأولى منها تؤيد العقيد الراحل معمر القذافى وسياسته، وآخرون ينحازون لثورة فبراير التى أطاحت بالقذافى، والفريق الثالث يؤيدون التيار الإسلامى، فى حين يريد البعض منهم عودة النظام الملكى.

الجالية الليبية فى القاهرة كانت أصدرت بيانًا من قبل أفادت فيه بأن أبرز إشكاليات الليبيين فى مصر تكمن فى صعوبة تجديد تصاريح الإقامة، واستخراج رخص قيادات السيارات، ودخول السيارات الليبية عبر الحدود، كما أشار البيان إلى أن ثورة ١٧ فبراير كانت السبب الرئيسى فى زيادة عدد الليبيين بمصر.

ويرجع تاريخ الجالية الليبية فى مصر إلى نهاية عام ٢٠١٢، وبداية ٢٠١٣، واتخذت لها مقرين، الأول فى حى الدقى والثانى بحى المعادى.

وتكمن التحديات أمام الطلاب الليبيين فى الجامعات فى ارتفاع تكاليف المصروفات الدراسية، حيث ينقسمون لفريقين، الأول موفدون من الحكومة الليبية، يعتمدون على نفقتها، وآخرون يصرفون من حسابهم الشخصى، فيما تتكلف السنة الدراسية على الطالب الليبى فى القاهرة ما لا يقل عن 1200 دولار فى العام الواحد، ونظير ما يتلقونه الطلاب من مساعدات خارجية، ومع غلاء الأسعار فى مصر تصبح الأعباء عليهم كثيرة.

وعن المقاهى التى اعتاد الليبيون الجلوس عليها نجد منها «كافيه القاهرة» بالزمالك، و«العمدة» و«جراند كافية»، و«فرايديز» فى شارع جامعة الدول العربية، أما بشأن المطاعم التى اعتاد الليبيون تناول الطعام عليها فنجد منها «قدورة»، و«أبورامى»، و«التابعى الدمياطى» و«أبو طارق» بوسط القاهرة.

«الوفد» التقت عدداً من الليبيين، ورصدت قصصهم منذ هجرتهم من ليبيا وحتى وضعهم الحالى فى مصر.. نرصدها لكم خلال السطور التالية.

خالد محمد، شاب ليبى، فى العقد الثالث من عمره، قال إن قصة هجرته للقاهرة تعود حينما اندلعت ثورة فبراير 2011 فى ليبيا، وحينها قرر الهجرة إلى مصر ولكن كانت هناك عدة عواقب لذلك ومنها عدم قدرة الليبيين السفر للقاهرة مباشرة إلا من خلال السفر لتونس ومنها للقاهرة.

وأضاف: سافرت لتونس فى 4 سبتمبر 2011، وخرجت منها 15 ديسمبر 2012، إلى القاهرة، وهنا وجدنا الأمن والأمان والاستقرار السياسى والاقتصادى بخلاف ما نجده فى بلداننا، مصر موطن لكل العرب، يشير الشاب الثلاثينى إلى أن كل الليبيين يعتبرون مصر العمود الفقرى للأمة العربية.

«مصر احتضنتنا وتجاهلت كل مشاكلنا، وشعرنا فى التعامل مع المصريين بالروح الأسرية».. هكذا يستكمل «خالد» حديثه، موضحا أن الشباب الليبيين حاولوا شق طريقهم العملى فى مصر، فلم يجدوا أمامهم سوى مجال العقارات، فكونوا مجموعات لتجميع أكبر عدد من الأموال واشتروا عددا من الشقق فى الشيخ زايد والمهندسين، وبدأوا فى استثمارها وحققوا مكاسب كبيرة منها.

لكن كانت أمامهم إشكالية كبيرة، وهى أن مصر خصصت لهم مطارا وحيدا لهم للهبوط فيه وهو «برج العرب»، فضلاً عن صعوبة دخول السيارات الليبية إلى مصر، وقال «خالد» إن السلطات المصرية أصدرت قرارًا منذ 3 سنوات بمنع دخول السيارات الليبية إلى مصر، وكان السبب أن بعض الليبيين من أصحاب النفوس الضعيفة يستخدمون هذه السيارات فى عمليات إرهابية داخل مصر بالاتفاق مع بعض المصريين، ولهذا تم منع دخولها.

أما عن السيارات الليبية المتواجدة حاليًا فى مصر، فيتم تجديد رخصتها كل 6 أشهر.. ولكن كانت هناك أيضًا عقبة شديدة أمامهم فبين كل فترة تجديد تتركهم الحكومة المصرية فترة لا تقل عن 3 أشهر، خلالها تتوقف سير السيارة ويصبح ممنوعا من قيادتها، وفيها يعتمد الليبيون على دخلهم الخاص فى التنقل، الأمر لن يتوقف على ذلك فقط، بل حينما يأتى ميعاد تجديد الرخصة يدفعون غرامة 600 جنيه، على الـ3 أشهر، وتساءل «خالد»: «لمَ ندفع هذه الغرامة، وهى خارجة عن إرادتنا فنحن نريد تجديد الرخصة على الفور ولكن الحكومة المصرية هى السبب».

ومن ضمن مشاكل الليبيين فى مصر، الإقامة، فيقول محمد على، الليبى، إن السلطات المصرية وضعت شروطا صعبة للغاية لبقاء الليبيين فى مصر، ومنها أن يمتلك اللاجئ شقة لا يقل ثمنها عن مليونى جنيه مصرى، وأن تكون له زوجه مصرية، ويعمل مديرًا لإحدى الشركات، وحال عدم توافر هذه الشروط، يمنع الليبى من فتح حساب فى بنك ويحظر عليه استقبال أو إرسال أى أموال من وإلى الخارج خاصة بعد الثورة الليبية فى 2011.

وقال الليبى، إن من ضمن إشكاليات الليبيين فى مصر، عدم اهتمام جميع المنظمات الدولية بالجالية الليبية فى مصر، مشيرا إلى أنه مثل غيره من عشرات الليبيين لجأوا لمثل هذه المنظمات ولكن دون جدوى، وأضاف: «نفسنا نعمل مشاريع ضخمة فى مصر، ونستفيد من مجال العقارات هنا ونعمل أحدث الطرازات فى إنشاء الفيلات، والأبراج.. وكل ده خير لمصر، بس نفسنا مشاكلنا تتحل».

نشبت الحرب بين الثوار الليبيين، وقوات العقيد معمر القذافى خلال ثورة 17 فبراير من عام 2011 بعد أن تطورت المظاهرات ضد نظام العقيد إلى معركة مسلحة بين الطرفين.

بدأت المعركة فى أول الأمر من مدن الشرق عندما تمكن المتظاهرون من طرد قوات الأمن والشرطة من عدة مدن رئيسية من أبرزها البيضاء وبنغازى وطبرق وأجدابيا، ثم مع بدأ القصف زحف الثوار غرباً لتحرير المدن الأخرى المحاصرة وتمكنوا من طرد سلطة القذافى عن البريقة والعقيلة ورأس لانوف وأخيراً بن جواد ومعها الهراوة والنوفلية فى يوم 5 مارس، وقد كان هذا أقصى امتداد لأراضيهم خلال الزحف الأول.

ومع سيطرة الثوار على «بن جواد» بدأت قوات القذافى معارك عنيفة معهم فى يوم 6 مارس، استطاعت فيها الاستيلاء على المدينة، وبذلك بدأ الزحف الأول للقذافى، الذى تمكن فيه من الاستيلاء مجدداً على رأس لانوف والبريقة وخاض معارك عنيفة فى أجدابيا قبل أن يَتقدم أخيراً إلى بنغازى - عاصمة الثوار - ويُحاصرها فى صباح 19 مارس، لكن بعد وصول القذافى إلى بنغازى، بدأت سريعاً عمليات التحالف الدولى بقصف قواته مُجبرة إياه على التراجع من المدينة، ثم تم الانسحاب من جميع مدن الساحل حتى مدينة سرت، وبذلك فقد تقدم الثوار لبدء زحفهم الثانى مستعيدين جميع تلك المدن فى يوم 27 مارس.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل