المحتوى الرئيسى

«يحيى خليل» يعتزل ويعود من أمريكا

08/18 21:12

هناك مجموعة من الفنانين يمثلون جزءا من تاريخ هذا الوطن الفنى، نظراً لكونهم حققوا إنجازات غير مسبوقة ساهمت فى إثراء الموروث الفنى المصرى، بعضهم رحل عن عالمنا، والبعض الآخر ما زال يعطى رغم المعوقات التى توضع أمامه، والغريب فى الأمر أن جزءا من هذه المشاكل التى توضع أمامهم تساهم فيها بعض المؤسسات التى تنتمى للدولة، رغم أن أى مؤسسة أو كيان فنى تابع للدولة، من المفروض أنه أنشئ لكى يهيئ المناخ للمبدع لتقديم إبداعه، وليس الهدف منها تطفيش المبدعين إلى خارج الوطن.

الفنان يحيى خليل هو أحد صناع ولو جزء بسيط من تاريخ فن الموسيقى فى مصر، فهذا الفنان ساهم فى نشر موسيقى الجاز فى مصر منذ أن كان عمره لا يتجاوز الخامسة عشرة، عندما كان هذا النوع من الفن لا يقدمه سوى الأجانب المقيمين فى مصر، ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهناك احتك بالعديد من المدارس الموسيقية التى أهلته ليكون واحدا من الذين قاموا بتطوير هذا النوع الموسيقى الجاز، وكان يمكن ليحيى خليل أن يستمر هناك، خاصة أن كل الفرق الكبيرة فى أمريكا كانت تسعى للعمل معه، لكونه يحمل طعما مختلفا ومذاقا شرقيا فى أدائه لهذا اللون، لكن يحيى كان لديه حلم بنقل كل تجربته فى الغرب إلى مصر، وبالفعل عاد فى نهاية السبعينيات من القرن الماضى، وبالفعل عقب عودته احتفى به الوسط الموسيقى المصرى، وكذلك شركات الإنتاج الموسيقى، وعقدوا عليه كل الآمال لكى يساهم فى إحداث نهضة غنائية مختلفة عما كان يقدم، وبالفعل قدم يحيى أداء مبهرا فى هذا النطاق، وأدخل تطورات هائلة بداية من آلات التسجيل، إلى الآلات الموسيقية إلى تغيير في شكل المطرب وهيئته وكل شىء، ومع مرور الوقت ودخول المدعين، قرر يحيى إعادة فكرة مشروعه القديم، بعمل فرقة موسيقية لموسيقى الجاز تحمل اسمه، واستطاع بهذه الفرقة أن يكون قاعدة جماهيرية كبيرة، ويحسب ليحيى خليل أنه أول فنان مصرى عرف الشباب بدار الأوبرا المصرية الجديدة عقب افتتاحها عام 1988، حيث كان آلاف الشباب يحضرون حفلاته لدرجة أن إدارة الأوبرا وقتها كانت مندهشة، خاصة أن هناك حفلات أخرى كانت تقدم داخل الدار، ولم تحظ بنصف هذه الشعبية.

ومع الوقت بدأ حلم يحيى خليل يكبر وهذا حقه الطبيعى، فأصبح لديه مشروع تقديم مهرجان للجاز يحمل اسمه وبالفعل استطاع أن ينظم هذا المهرجان لمدة دورة واحدة بالتعاون مع العلاقات الثقافية الخارجية بمحكى القلعة، حضرها مجموعة من أهم الفرق العالمية منهم ريتشارد جيريانو أعظم عازف أوكورديون فى فرنسا وغيرهم، لكن يبدو أن نجاح المهرجان أزعج البعض والبعض الآخر كان يطمع فى أن ينسب المهرجان لنفسه ثم دخلنا فى ثورة 25 يناير وتعرضت المهرجانات لأزمات نتيجة حالة الانفلات التى عشناها فى تلك الفترة.

ومع هدوء الأوضاع، وعودة الاستقرار لمصر، قرر يحيى خليل أن يعود لحلمه بوجود مهرجان يحمل اسمه، ولأننا فى مصر نعشق جمع التوقيعات من هنا وهناك، ولا بد أن يكون توقيع الوزير فى المقدمة، كان يحيى مع قدوم كل وزير ثقافة جديد، يذهب لعرض الأوراق الخاصة بالمهرجان، ومع كل رحلة لمكتب الوزير يحصل على حفنة من الوعود التى لم تتحقق، وآخرها مع الوزير الحالى حلمى النمنم الذى وعده أيضاً بخروج المهرجان إلى النور، وانتظر الوعد، ومع الاتصال بمكتب الوزير لمتابعة الموقف كان الرد «تابع مع لجنة المهرجانات»، وللأسف حتى كتابة هذه السطور لم يحصل «يحيى» على الموافقة، رغم أن هناك مهرجانات كثيرة تمنحها هذه اللجنة الموافقة، وأغلبها مهرجانات على ما تفرج، وهذه المهرجانات تحصل على دعم من وزارات كثيرة رغم أن القائمين عليها ليس لديهم أى تاريخ فى أى مجال. أمام هذا التجاهل قرر أن يعود من حيث أتى، قرر العودة إلى أمريكا يعيش ما تبقى له من العمر هناك، حيث الاهتمام بالمبدع، والاهتمام بالقيمة، يحيى خليل فى هذا العمر، وبعد هذا العمر كان يتوقع أن يحتفى به بشكل أفضل، خاصة أن كثيرا من الأطباء نصحوه بالاعتزال، لأن آلة الدرامز التى يلعب عليها تتطلب مجهودا بدنيا شاقا وأعصابا حديدية، وأمام تعرضه لهذه الضغوط من كل اتجاه كانت نصيحة الأطباء له بالاعتزال.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل