المحتوى الرئيسى

المهربون ينقلون الشباب للبحر بسيارات نقل محملة بالمواشى.. ومركب مطاطى يحمل 15 مهاجرا ً | المصري اليوم

08/17 22:15

فى أوراق المحضر رقم 3 أحوال جرائم أموال عامة بالإسكندرية، حكى المتهم المقبوض عليه «تامر فتح» والمنسوب له تهمة «تهريب مواطنين والاتجار بالشر، كيف كانوا يسيرون رحلاتهم، من أماكن التجمعات إلى البحر، وقال إن دوره هو نقل راغبى الهجرة عبر سيارات نقل محملة بالمواشى يتخفى الشباب بين أقدامها حتى يصلوا إلى نقطة الالتقاء مع البحر، وهناك ينتظرهم مركب مطاطى صغير ينقل قرابة 15 شابا دفعة واحدة إلى مركب آخر كبير ينتظر فى البحر، خاصة أنها منطقة لا تخضع لحراسة حرس السواحل لأنها منطقة ضحلة من حيث انحدار الشاطئ مع المياه، فضلا عن أنها منطقة فاصلة بين محافظتى كفرالشيخ والإسكندرية.

ويضيف المهرب: «قبل يوم التنفيذ يخضع مكان إنزال المهاجرين للمراقبة لأكثر من 10 أيام، للتأكد من أنه آمن».

رواية «تامر»، تتفق مع ضابط الأموال العامة الذى شرح- طالبا عدم ذكر اسمه- أن المهربين يختارون أماكن ساحلية لا تخضع لرقابة حرس السواحل ويحركون منها مراكب صغيرة لنقل المهاجرين إلى مراكب أخرى فى عرض البحر.

وأضاف الضابط: «نحاول أن نفرض كمائن على الطرق الموازية لتلك الأماكن لضبط المهاجرين قبل أن يتم إنزالهم على الشاطئ، لكن المهربين يتفننون فى تهريبهم ويبتكرون طرقا جديدة لتوصيل المهاجرين إلى الشاطئ، خاصة أن الضحايا يساعدون المهرب لرغبتهم فى نجاح محاولة الهجرة».

«قبل ما المركب يتحرك اتقبض علينا»، يتذكر «وليد عبد الرحمن»، المقيم فى قرية شلبى بمحافظة كفر الشيخ، رحلته التى انتهت بالفشل وضبطه، ويقول: «اتفقت مع سمسار للسفر عبر البحر إلى إيطاليا، كان معى شخص آخر من محافظة الغربية، وأبلغنا السمسار أن نسافر إلى الإسكندرية وأن ننتظر مكالمة منه، بعد 3 أيام من الانتظار أبلغنا السمسار أن نستقل السيارة الأجرة المتجهة إلى كفر الشيخ عبر الطريق الساحلى، وأن ننتظر فى الطريق بعد 5 كيلو مترات من كشك سجائر كان على الطريق، إلى أن جاء شخص واصطحبنا فى اتجاه البحر».

منطقة صخرية غير مأهولة بالسكان ولا المبانى، هكذا يصف وليد المكان: «كانت الساعة قد تعدت الثانية ليلا، جلسنا على البحر لأكثر من 20 دقيقة حتى سمعنا صوت مركب صغير يقترب منا، ركبنا وقبل أن نتحرك فوجئنا بالشرطة تلقى القبض علينا، والبعد التحقيق والاحتجاز 4 أيام سمحت الشرطة لى وللشاب الذى كان معى بالانصراف».

■ الرشوة.. العبور بـ«خرطوشة سجاير»

«الرشوة»، إحدى الطرق التى يستخدمها المهربون لإتمام عمليات التهريب سواء عبر البحر أو البر، حيث يلجأ المهرب إلى اتفاق مسبق مع فرد الحراسة المكلف فى المنطقة المستهدف العبور منها أو الإبحار من خلالها، هذا ما قاله المهرب المتهم «تامر فتح» أثناء استجوابه فى إحدى قضايا الهجرة غير الشرعية.

ويحكى المهرب: «بعد عمليات المراقبة قد يجد المهرب ضالته فى إغراء فرد الحراسة بالمال الكثير مقابل أن يغض بصره عن الإبحار بالضحايا، حدثت تلك الواقعة مرة أمام عينى، حصل الحرس على مبلغ 5 آلاف جنيه مقابل أن يترك المهرب يبحر بمركب على متنه 20 شخصا».

ما قاله المهرب يتفق مع الرواية التى حكاها «إسلام كمال» الذى نجا من حادث غرق مركب هجرة غير شرعية فى يناير الماضى، ويعتزم البحث عن رحلة جديدة. يقول إسلام لـ«المصرى اليوم»: «كنت مستغرب، كيف سيمرون من حرس الحدود، لكنى فوجئت بأن المركب يبحر وأحد أفراد الحرس كان يقف على بعد 500 متر تقريبا منا، لم نهتم وقتها، بل كنا سعداء بأن أول الخطوات تمر بسلام».

نفس الرواية يكررها «سليمان العيادى» أحد أفراد قبيلة العراوة بسيوة، إذ يقول: «المهرب ممكن يدفع بالملايين للحرس مقابل أن يسمحوا له بالمرور بطريقة آمنة، وأحيانا يحدث ذلك، لذا نجد أن قيادات حرس الحدود يغيرون أفراد الحرس بشكل دورى حتى لا يتعرضوا للإغراءات المادية من قبل المهربين». ويضيف: «إذا تسلل المهرب عبر دروب صحراوية فإنه يتكبد أموالا طائلة لعمليات النقل، ولكنه إذا وجد فردا من الحرس يسهل له عملية العبور فإنه يوفر كثيرا، خاصة أن بعض أفراد الحرس من وسط اجتماعى بسيط من الممكن أن يضعف أمام خرطوشة سجائر أو مبلغ لا يزيد على 5 آلاف جنيه».

فى المقابل قال أحمد عبد الستار، شاب أمضى فترة تجنيده قبل عامين على الحدود: «قبل أن يتم توزيعنا فى بداية فترة التجنيد تعرضنا لعملية اختبار من قبل القائد ليكشف من منا قد يضعف أمام مثل تلك الإغراءات، الرشوة حرام فى أى شىء، وهذا ما تعلمته، حتى لو فى أبسط الأمور، كأن تسمح لأحد أن يقف أمامك فى طابور مقابل أن يعطيك رشفة من المياه».

وأضاف أحمد: «بالإضافة إلى ذلك كان يتم استبدال أفراد الحرس يوميا وبشكل مفاجئ لإجهاض أى عمليات غير مشروعه قد تتم». وهذا ما أكده اللواء أحمد يوسف عبد النبى فى حديثه لـ«المصرى اليوم»، إذ قال إن عمليات تفتيش دورية ومفاجئة تتم على الأفراد وعلى أعلى مستوى حتى لا يتعرض الأفراد للإغراءات.

■ الضحايا فى ثلاجات المراكب

هنا«برج مغيزل».. حيث القرية الشهيرة بتهريب الشباب إلى أوروبا، ينشط الجميع بالقرب من البحر تحت ستار عمليات الصيد، وهناك على مقهى «أهل البلد» ستجد كل الأطراف «الضحية والمهرب والصياد والسمسار وأيضا مخبر الأمن»، لابد من وسيط من أهل البلد حتى تتواصل مع من قد يساعدونك إذا كنت ترغب فى خوض تجربة الهجرة غير الشرعية، بعدها ستضطر إلى تنفيذ عدد من الخطوات مثل أن تتنقل بين المقاهى وتنتظر إشارة للتحرك وراء السمسار دون أن يراك المخبر المكلف بالإبلاغ إذا ما شعر بعمليات غير شرعية فى المنطقة.

« محمد أمواج»، اسم الشهرة لأبرز سماسرة الهجرة غير الشرعية فى القرية، لابد أن تصطحب معك أحد أبناء القرية لكى يطمئن لك، فى بداية حديثه قال: «أنا لست سمسارا، أنا أعمل صيادا فى البحر وعندى مركب»، ولكن مع مرور الوقت فى الكلام، قال إنه يستطيع أن يساعدنا فى الهجرة.

«أمواج» كشف عن إحدى حيل الصيادين لنقل المهاجرين إلى عرض البحر دون أن يمسك بهم حرس السواحل، فيحكى: «فى الفترة الأخيرة كان نشاط حرس السواحل ملحوظا خاصة مع زيادة أعداد حوادث الغرق، وهذا ما اضطر الصيادين للبحث عن حيل جديدة للتهريب، فمنهم من يلجأ إلى وضع الشباب داخل ثلاجة الأسماك فى بطن المركب والتى قد تستوعب ما بين 15 إلى 20 شخصا، ويستطيع نقل مثلهم مرتين خلال اليوم لتوصيل المهاجرين إلى المركب الذى ينتظر فى المياه الدولية دون أن يمسك به حرس السواحل».

ما قاله «أمواج» يتوافق مع رواية «على رأفت» أحد الناجين من حادث غرق مركب رشيد فى أكتوبر الماضى، حيث ذكر أنه قضى ومن معه من الشباب قرابة 4 ساعات داخل ما يسمى ثلاجة السمك، ووصف على الثلاجه قائلا: «هى غرفة يضع الصيادون بها السمك وألواح الثلج، مساحتها قرابة 1.5 فى 2 متر، ومنذ أن ركبنا من الشاطئ تم وضعنا بداخلها وغطونا بطاولة السمك ومن فوقها ألواح الثلج».

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل