المحتوى الرئيسى

«الدستور» تحقق: كيف اختفت 32 ألف قطعة أثرية من مخازن الوزارة؟

08/17 21:48

حصلت «الدستور»، على نص تقرير الإدارة المركزية للمخازن المتحفية التابعة لوزارة الآثار، حول قضية فقد ما يزيد على ٣٢ ألف قطعة أثرية، ويبين التقرير أعداد القطع المفقودة بالتفصيل، ومناطق فقدها، وتواريخ الفقد، وذلك فى الوقت الذى قالت فيه الوزارة إنها تعمل على حصر القطع المفقودة للوقوف على قائمة بجميع النواقص والمفقودات على مدار عشرات السنوات السابقة، حتى يمكن تتبعها مع الإنتربول الدولى وغيره من الجهات ذات الشأن لاستردادها.

وبيّن التقرير، فقدان القطع الأثرية من مخازن أطفيح، وتل الفراعين، ومصطفى كامل، والقنطرة شرق، والداخلة، وكوم أوشيم، وأبوالجود ١، وأبوالجود ٢، وأبوالجود القديم، والشيخ حمد، والقرنة، وذلك بمناطق القاهرة والجيزة، ووجه بحرى، ومصر الوسطى، ومصر العليا الأثرية.

القائمة الكاملة للمفقودات من 11 مخزنًا بـ4 مناطق مختلفة

كشف التقرير عن فقد ١١٢ قطعة أثرية، بواقع ٧٠ رقمًا فى السجل، من مخزن كلية الآداب «آثار المعادى»، التابع لمخزن أطفيح بمنطقة القاهرة والجيزة الأثرية، وتم الفقد قبل تسلم مخزن وزارة الآثار للسجل، وفقًا للجنة جرد ٢٠٠١٢٠٠٥ برئاسة الدكتور سامى الحسينى، وفقد ٩٣ قطعة أثرية بواقع ٧٠ رقمًا فى السجل، من مخزن تل الفراعين بمنطقة الوجه البحرى أثناء الانفلات الأمنى، الذى وقع عقب ثورة ٢٥ يناير، ووقع حادث سطو فى مارس ٢٠١١، وفقًا للجنة جرد ٢٠٠١ من سجل البعثة الألمانية، القضية رقم ١٢٥٦٣.

كما كشف فقد ٧ قطع أثرية بواقع ٥ أرقام فى السجل، من مخزن مصطفى كامل بمنطقة وجه بحرى، وتمت استعادة كامل القطع وفقًا للقضية رقم ١١١٩٦ لسنة ٢٠١٥ جنح سيدى جابر، وفقد ١٣٦٩ قطعة أثرية بواقع ٨٤٦ رقمًا فى السجل من مخزن القنطرة شرق بمنطقة الوجه البحرى، أثناء فترة الانفلات الأمنى، حيث وقع حادث سطو على المخزن فى يناير ٢٠١١، وفقًا للقضية رقم ١٥٧ سنة ٢٠١١ إدارى القنطرة شرق، وفقد ٣١ قطعة أثرية مسجلة بواقع ٢٠ رقمًا فى السجل، من مخزن الداخلة بمنطقة مصر الوسطى، وفقدت القطع عام ١٩٨٩ من معبد القويطة، وفقًا للمحضر رقم ٣٩٨ جنح الخارجة لسنة ١٩٨٩.

وذكر التقرير أنه تم فقد ٣٦ قطعة أثرية بواقع ١٢ رقمًا فى السجل، من مخزن كوم أوشيم بمنطقة مصر الوسطى، وفقًا للجنة الجرد سنة ١٩٩٥، و٥٢ قطعة أثرية بواقع ٣٥ رقمًا فى السجل (حيازة) التابعة لمخزن أبوالجود ١ بمنطقة مصر العليا، وفقًا لحرز قضية ٢٢٢٢٠ لسنة ١٩٩٥، و٣٠٢٨٨ قطعة أثرية بواقع ٢٩٨٤ رقمًا فى السجل (حيازة زكى محارب) التابعة لمخزن أبوالجود ٢ بمنطقة مصر العليا، ووفقًا للتقرير تم بيع ١٣٦ قطعة قبل قانون الآثار، وتم فقد باقى القطع عند الحائز وفقًا للجنة المشكلة بالقرار رقم ٩٥٩ لسنة ٢٠٠٥.

كما تم فقد ١٩٢ قطعة أثرية بواقع ٦٦ رقمًا فى السجل (حيازة) التابعة لمخزن أبوالجود القديم بمنطقة مصر العليا، ووفقًا للتقرير تم جمع المفقود والمباع بالتقرير الرسمى ثم تم تفصيل المباع على حدة، ويبلغ عدد المباع ٢٣٠ قطعة أثرية تم بيعها قبل قانون الآثار بواقع ١٨١ رقمًا فى السجل، وتم الفقد قبل تسلم المخزن لسجل ألبرت تواضروس، و١٣١ قطعة أثرية بواقع ١٠ أرقام فى السجل من مخزن الشيخ حمد التابع لمنطقة مصر العليا، وقد تم الفقد قبل النقل للمخزن عام ١٩٩٦ وفقًا للقضية رقم ١٦٧٠ ج البلينا سنة ١٩٩٦.

كما تم فقد ٣٤ قطعة أثرية بواقع ١٧٢ رقمًا فى السجل، من مخزن القرنة بمنطقة مصر العليا، وقد أثبت الفقد لجنة الأموال العامة لسنة ٢٠٠٦.

قصة الأسرة التى بددت «الحيازات» بغطاء شرعى فى 3 سنوات

قال الدكتور أيمن عشماوى، رئيس قطاع الآثار المصرية، إن تقرير إدارة المخازن المتحفية يتضمن حصرًا بجميع القطع الموجودة بسجلات الآثار، سواء كانت مخازن الوزارة أو لم تدخل المخازن من الأساس، أى يعد حصرًا لجميع القطع الأثرية المكتشفة منذ بداية تسجيل القطع بسجلات تابعة للوزارة، مشيرًا إلى أن أغلب القطع المسجلة بالتقرير المشار إليه فقدت قبل دخولها مخازن «الآثار».

وأضاف «عشماوى»، لـ«الدستور»، أن هناك ما يقرب من ٣١ ألف قطعة تم تبديدها من قبل مالكها الذى كانت بحوزته قبل أن يتم تجريم التجارة فى الآثار وفقًا لقانون ١١٧ لسنة ٨٣، ليصبح كل تاجر آثار بعد إصدار القانون ملزمًا إما بتسليم ما بحوزته للدولة أو الاحتفاظ بها دون الحق فى التصرف فيها سواء بالبيع أو الإهداء، موضحًا أن تاجر الآثار زكى محارب، الذى كان يمتلك ما يقرب من ٣٤ ألف قطعة أثرية قبل عام ١٩٨٣، قد باع ٣١ ألف قطعة ما بين عامى ١٩٧٣ و١٩٧٧ إلى أن توفى.

وتعتبر عائلة زكى محارب من أشهر تجار الآثار فى التاريخ، إذ امتلكت عائلة زكى ٣٤ ألف قطعة أثرية، وحملت العائلة تراخيص بيع الأنتيكات والآثار المقلدة، ما سمح لها بحيازة وبيع الآثار بشكل قانونى، وكان يتلخص نشاطهم- قبل التجريم- فى تجارة القطع الأثرية الأصلية بعد الحصول على تصريح بالبيع من هيئة الآثار بفاتورة تتضمن اسم القطعة الأثرية المباعة ورقمها وبيانات المشترى. وبيّن «عشماوى»، أن التقرير المقدم لنيابة الأموال العامة أثبت أن «عدد القطع المقيدة بالسجلات الخاصة بزكى محارب ٣٤٠٦٠ قطعة، وبلغ عدد القطع المسجلة التى تم جردها ٣٥٩٩ منها ١٠٦٣ قطعة غير أثرية، كما بلغ عدد القطع الأثرية غير المسجلة بالسجلات ١٤٩٢٠ قطعة».

وذكر «عشماوى»، أن هناك ١١٢ قطعة أثرية أخرى جاءت بالتقرير لم تدخل مخازن الآثار من الأساس، إذ تم اكتشافها ضمن قطع أخرى من قبل بعثة جامعة القاهرة برئاسة الدكتور إبراهيم رزقانة، التى بدأت أعمالها فى خمسينيات القرن الماضى، «وكان هناك مخزن فرعى خاص بالجامعة، يتم إيداع القطع المكتشفة من قبل البعثة به، لنفاجأ عام ٢٠٠١ بالإبلاغ عن ظهور قطع تابعة للبعثة معروضة للبيع فى صالات مزادات بأمريكا، وهو ما استوجب جرد المخازن لنجد أن الآثار مسروقة بالفعل من قبل أفراد البعثة، وهنا تم نقل باقى القطع لمخازن الآثار بالإضافة لسجلات مخازن الجامعة والمذكور بها المفقودات وهو ما تضمنه أيضًا تقرير إدارة المخازن.

وأشار إلى أن هناك ١٤٦٢ قطعة أثرية تمت سرقتها بالسطو المسلح من مخزنى تل الفراعين وقنطرة شرق أثناء موجة الانفلات الأمنى التى تلت ثورة ٢٥ يناير، إذ تم استغلال ضعف القبضة الأمنية للهجوم على المخزنين وقد تمت استعادة بعض القطع التى سرقت من مخزن القنطرة شرق.

وسبق أن أصدر المجلس الأعلى للآثار، بيانًا رسميًا بتاريخ ٣١ يناير ٢٠١١ للإعلان عن سرقة مخزن آثار منطقة القنطرة شرق، ومنطقة آثار سقارة، وقال المجلس: «إنه تمت سرقة ٦صناديق مليئة بالآثار من مخزن آثار القنطرة، وقطع لبعض المناظر الموجودة داخل المقابر الأثرية بسقارة، ما يدل على فهم اللصوص لقيمة ما يسرقونه».

كما قام اللصوص بالهجوم على مخزن الفراعين بتاريخ ٥ مارس ٢٠١١، وسرقوا ٥ طبنجات من حراس المخزن وأصابوهم، وبعدها سرقوا قطعًا من ضمنها ٢٠ عملة معدنية، وقالب فخارى، وتمثال وخمسة قطع حجرية منقوشًا عليها باللغة اليونانية.

من جانبه، كشف محمود خليل، مدير إدارة الحيازة الأثرية، أن زكى محارب- فى ستينيات القرن الماضى- كان يتاجر فى الآثار بشكل قانونى وفقًا للقانون ٢١٥ لسنة ١٩٥١، وكانت هيئة الآثار وقتها مسئولة عن مراجعة القطع فقط وفى حال بيع قطعة منها يكتب بجوارها (نظر وبيعت)، و«لكن محارب وقتها لم يكن يبلغ بالقطع التى يتم بيعها لذا فهى طبقًا لسجلات الآثار مازالت فى حوزته». وقال «خليل»، لـ«الدستور»، إنه بعد وفاة «محارب» قامت زوجته سميحة ثابت غالى بإهداء الوزارة باقى تركة زوجها سنة ١٩٩٤ و«تم قبول الإهداء عام ٢٠٠٢ بعد القيام بعملية الجرد، وبلغت القطع المهداة ١٧٤٥٦ قطعة من ضمنها ٢٠٠٠ مومياء أثرية، ولكن نظرًا لعدم وجود مخازن تكفى لاستقبال هذه القطع وقتها تم تأجيل نقلها لعام ٢٠٠٥ بمخزن أبوالجود٢، وكانت عبارة عن ٥٦ صندوقًا بها لوحات حجرية وشواهد قبور ترجع للعصرين الإسلامى والقبطى، ومجموعة كبيرة من الأوانى الفخارية ترجع لعصر ما قبل التاريخ وأوانى خزفية من العصر الإسلامى ومجموعة من المخطوطات القبطية والإسلامية، ومجموعة من التوابيت الخشبية ومجموعة أخرى لقوالب صب العملة».

ملف لكل قطعة أمام «الإنتربول»

قال شعبان عبدالجواد، مسئول إدارة الآثار المستردة، إن الإدارة أرسلت خطابًا رسميًا إلى قطاع الآثار المصرية، تطالب فيه بإرسال بيان كامل بالقطع المفقودة مع وصف ورقم كل قطعة لإعداد ملف لكل قطعة لإبلاغ الإنتربول به مع إرسال محاضر اختفاء أو سرقة هذه القطع، من أجل استعادتها حال ظهورها فى أى مكان بالعالم.

وأضاف «عبدالجواد»، لـ«الدستور»، أن «هناك العديد من القطع التى تعرض بالخارج ولا نستطيع المطالبة بها لعدم امتلاكنا أوراق ملكيتها، وبمجرد حصولنا على بيان القطع وأوصافها فى السجلات ومحاضر تثبت سرقتها سنتمكن من المطالبة بها بأثر رجعى، إذ أنه وفقًا للاتفاقيات مع بعض الدول يصبح من حقنا استعادتها من مشتريها فى حال تم بيعها فى وقت سابق بأى صالة مزادات»، مشيرًا إلى أن «القطع التى نجد صعوبة فى استردادها هى التى تم بيعها بطريقة شرعية قبل عام ١٩٨٣، نظرًا لأن تجارة الآثار كانت مشروعة قبل هذا التاريخ ومن حق مالكها بيعها بمقابل مادى، وهنا يصبح المشترى يملك صك ملكية قانونيًا بالقطعة يحول دون استردادها».

95% منها لم تدخل «مخازن الآثار»

قال سعيد شبل، رئيس الإدارة المركزية للمخازن المتحفية، إن «التقرير- المشار إليه- نتاج لأعمال الحصر التى قامت بها الإدارة على مدار شهور»، مشيرًا إلى أن أكثر من ٩٥٪ من الرقم المذكور يمثل قطعًا أثرية لم تدخل المخازن المتحفية لوزارة الآثار.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل