المحتوى الرئيسى

لماذا تفاوت الموقف الأمريكي تجاه الدول الساعية لامتلاك أسلحة نووية؟

08/17 16:26

تتسابق الكثير من الدول على التسلح النووي، وتعزيز ترسانتها النووية، لكي تكون مستعدة لمواجهة أي خطر، بعد استخدام الولايات المتحدة الأمريكية لهذه الأسلحة للمرة الأولى والأخيرة في الحرب العالمية الثانية، بإلقاء قنبلتين على اليابان، في كارثة إنسانية غير مسبوقة.

تمتلك الولايات المتحدة الأسلحة النووية منذ الأربعينيات، وتبعتها روسيا، وأجرت العديد من الدول تجاربها لتلحق بالنادي النووي. اتسم موقف الولايات المتحدة والقوى الغربية عموما بالتباين الشديد حيال مساعي الدول لحيازة أسلحة نووية؛ فتارة تغض الطرف (إسرائيل مثلا) وتارة تقف بالمرصاد وتهدد بالقوة العسكرية (إيران وكوريا الشمالية).

ولعل ما حدث في العراق وليبيا خير دليل على ذلك. إذ أن واشنطن سبق وأن قصفت ما وصفتها بأماكن إنتاج أسلحة نووية في البلدين خلال القرن الماضي. ثم كان الادعاء الكاذب بامتلاك العراق أسلحة دمار شامل وراء الغزو الأمريكي لبلاد الرافدين في 2003.

في الألفية الجديدة، ظهرت إيران وكوريا الشمالية. كلتاهما سعتا لتطوير برنامج نووي، تقول الأولى إنه لأغراض سلمية ولم يصدقها المجتمع الغربي. بينما تجاهر الثانية بأنها تسعى لتطوير أسلحة نووية تخشاها الدول المجاورة، المتحالفة مع الولايات المتحدة.

عملت طهران على تأسيس برنامج نووي في الخمسينيات، وقامت الولايات المتحدة الأمريكية، والدول الأوروبية بمشاركتها في البرنامج النووي كجزء من برنامج "الذرة من أجل السلام".

وبدأ تأسيس مركز طهران للبحوث النووية، وتم العمل بالفعل على تجهيز مفاعل أبحاث نووية بقدرة 5 ميجاواط في عام 1967، وكانت الخطط النووية الإيرانية تهدف إلى بناء 23 محطة نووية بحلول عام 2000، وبمساعدات أمريكية أوروبية.

تغير الموقف الأمريكي تغير بالكامل بعد قيام الثورة الإيرانية والإطاحة بنظام الشاه الموالي للولايات المتحدة. بدأت واشنطن جهودها المحمومة – أحيانا بضغوط إسرائيلية وخليجية - لمنعها من الانضمام إلى النادي النووي.

وصلت ذروة الغضب الأمريكي بعد إعلان الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد عن نجاح طهران في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.5 باستخدام أكثر من 100 جهاز طرد مركزي.

فرضت أمريكا منذ ذلك الوقت، الكثير من العقوبات على إيران، وأصدرت قرارات في السنوات التالية لتمديد العقوبات على أشخاص وكيانات إيرانية وغير إيرانية.

ظلت العزلة قائمة، حتى توصلت إيران والقوى العالمية إلى اتفاق تاريخي في 2015، يقضي بوقف البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع تدريجي لبعض العقوبات المفروضة على الجمهورية الإسلامية.

لم يمض من الوقت الكثير، حتى تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية، محملا بتعهدات قطعها على نفسه بتمزيق الاتفاق، ويكاد لا يمر أسبوع دون أن يأت ترامب على ذكر الاتفاق ومهاجمة إيران وإدارة سلفه باراك أوباما التي عقدت الاتفاق.

رغم مرور ثمانية أشهر على وصول ترامب للبيب الأبيض، إلا أنه لم يستطع تنفيذ تعهده. عوضا عن ذلك استصدر من الكونجرس قرارات بفرض عقوبات جديدة على إيران بزريعة عدم التزامها ب"روح" الاتفاق، قابلتها إيران بتهديد وتحذير من أنها قد تعود إلى استئناف برنامجها النووي بوتيرة أسرع.

منذ الخمسينات من القرن الماضي، وكوريا الشمالية تحاول امتلاك أسلحة نووية. ظلت تعمل على مدى عشرات السنين على تطوير برنامجها النووي وسط ضغوط من جيرانها والولايات المتحدة والمجتمع الدولي.

أثمرت تلك الضغوط في 1994، عن موافقة بيونغيانغ على على تجميد برنامجها النووي مقابل الحصول على وقود مجاني ومفاعلين نوويين بقيمة خمسة مليارات دولار.

وبعد عام واحد، وافقت الولايات المتحدة رسميا على المساعدة في إمداد كوريا الشمالية بمفاعلين نووين متطورين، لإنتاج البلوتونيوم منخفض الدرجة، والذي لا يرقى لصنع سلاح نووي.

كانت الأوضاع في شبه الجزيرة الكورية والعلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية مستقرة حتى مطلع الألفية، حين قالت واشنطن إن بيونغيانغ تملك برنامج تسلح نووي سري.

ثم جاءت النقطة الحاسمة في هذا الملف، بانسحاب كوريا الشمالية من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية في عام 2003.

بعدها مباشرة، أعلنت الانتهاء من معالجة ثمانية ألف طن من قضبان الوقود النووي، وحصولها على مواد كافية لإنتاج ما يقرب من ست قنابل نووية، بحسب ما جاء في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وفي محاولة لتهدئة الأوضاع في المنطقة، أجرت الدول الست الكبرى (كوريا الشمالية، والجنوبية، واليابان، والصين، وروسيا، والولايات المتحدة،) مفاوضات سداسية بشأن برنامج بيونغيانغ النووي، إلا أنها انسحبت منها عام 2009، قبل إجراء تجربتها النووية الثانية.

وتطالب الصين حاليا بإعادة بدء المفاوضات، إلا أن واشنطن واليابان وكوريا الجنوبية يشترطون تقديم كوريا الشمالية لتنازلات ملموسة مسبقا.

وبعد تولي كيم جونج- أون للحكم، في عام 2010، عكف على دفع البرنامج النووي إلى الأمام، وسارع من وتيرة إجراء التجارب النووية والصاروخية الباليستية العابرة للقارات، آخرها في يوليو الماضي والتي أثارت غضب شديد في أروقة الحكم في الولايات المتحدة والبلدان المجاورة لكوريا الشمالية.

كان التطور اللافت، هو ما نشرته صحيفة واشنطن بوست نقلا عن مسؤولين استخباراتيين أن الاستخبارات الأمريكية تقوم بتقييم معلومات عن نجاح كوريا الشمالية، في إنتاج رأس نووي صغير يمكن تركيبه في صواريخها العابرة للقارات، الأمر الذي من شأنه أن يهدد الأراضي الأمريكية.

وتوصلت وزارة الدفاع اليابانية إلى احتمالية انجاز بيونغيانغ لأسلحة مصغرة وتطوير رؤوسا نووية.

على اثر ذلك، قادت الولايات المتحدة المجتمع الدولي ومجلس الأمن لفرض عقوبات جديدة على النظام الكوري الشمالي، أيدتها روسيا والصين، حليفة بيونغيانع.

هاجمت كوريا الشمالية العقوبات بشدة، وهددت بمهاجمة جزيرة غوام الأمريكية الاستراتيجية في المحيط الهادئ.

استشاط ترامب غضبا من كوريا الشمالية وهدد بالرد "بالنار والغضب". وطالب الصين بالتدخل لثني بيونغيانغ عن المسار التي تمضي فيها، واقناعها بالعودة إلى المفاوضات السداسية.

ويتوقع محللون أن الأزمة والتوترات بين البلدين قد تتسبب في اندلاع حرب عالمية ثالثة، يترتب عليها كارثة إنسانية، يكون بطلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون، على ما تنبأت صحيفة الاندبندنت البريطانية قبل أيام.

في المقابل، كانت إندونيسيا والهند من أحدث الدول التي تمكنت من تطوير تكنولوجيا الأسلحة النووي. وباتت الجارتان دولتين نوويتين. كانت الهند سباقة في الحصول على ذلك السلاح.

بدأت الهند العمل على بناء ترسانتها النووية عقب انتهاء الاحتلال البريطاني، وفي عام 1998، أعلنت نفسها قوة نووية، عندما أجرت خمسة تفجيرات نووية في شهر مايو من العام ذاته.

وكانت قد أعلنت قبل إجراء التفجيرات بحوالي خمسة أشهر عقدها صفقة مع روسيا، تحصل بموجبها على مفاعلين بقوة 1000 ميجاواط لتوليد الطاقة الكهربائية، وتعاونت مع العديد من الدول في هذا المجال، منها كندا وبريطانيا والاتحاد السوفيتي.

وبحسب تقارير إعلامية فإن أمريكا قد زودتها ببعض المعدات المهمة للبرنامج النووي في عام 1964.

وتمتلك الهند صواريخ نووية أرضية وجوية، وتعمل على بناء صواريخ يمكن إطلاقها بحرا. وتملك حوالي 100 رأس نووي.

ولم تتعامل الولايات المتحدة بقسوة مع الهند، رغم إعلانها نفسها دولة نووية، ورفضها التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة، وفرضت عليها عقوبات اقتصادية محدودة، ثم رفعتها فيما بعد.

ووافق الكونجرس الأمريكي بمجلسيه "النواب والشيوخ"، على مشروع اتفاق يمهد الطريق لتعاون بين البلدين في مجال الطاقة النووية.

وفي محاولة لمجاراة جارتها الهندية، قررت باكستان امتلاك سلاحها النووي، فأجرت ست تجارب نووية تحت الأرض على حدودها مع إيران، وعملت على امتلاك أكبر عدد ممكن من الرؤوس النووية.

ويعتمد البرنامج النووي الباكستاني على اليورانيوم عالي التخصيب، وبحسب تقارير إعلامية فإنها امتلكت 3000 جهاز طرد مركزي وزادت في قدرتها على التخصيب مع بداية التسعينيات، حتى أجرت تجاربها على قنابل نووية عام 1998، لتصبح بذلك دولة نووية بشكل رسمي.

وفي عام 2001، وافق الكونجرس الأمريكي على رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على باكستان في خطوة اعتبرها البعض مكافأة الحليف الرئيسي لواشنطن في حربها ضد الإرهاب.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل