المحتوى الرئيسى

«حميدة»: «قدرت أسدد ديونى وأعلّم بنتى.. ونفسى أطور مشروعى وأفتح محل فاكهة»

08/17 10:27

فى سوق شارع 10 بالخرطة الجديدة بالجيزة، تجلس «حميدة تمساح» على «قفص» متهالك مرتدية عباءة سوداء وخماراً ملوناً، تمسك بيديها اليمنى «منشة» لتُبعد الحشرات الطائرة عن «مشنة العنب المفرط» من أمامها، وعلى يسارها فرشة ممتلئة بمختلف أنواع الفاكهة من مانجو وتفاح وعنب وغيره، تقول بنبرة مرتفعة: «ربنا يوسعها على اللى عملوا فكرة القرض ده زى ما وسعوا علينا، لأنه غير حياتى وخلانى عايشة فى مستوى أحسن بكتير من الأول لأن ليا دخل كبير أقدر أحوش منه وأصرف بيه على عيالى».

كانت السيدة الأربعينية قبل 5 سنوات لا تمتلك سوى «مشنة» تملأها بين حين وآخر بنوع واحد من الفاكهة لبيعها، وبعد ساعات طويلة تقضيها تحت أشعة الشمس الحارقة تعود إلى منزلها ببعض الجنيهات التى لا تكفى مصاريف منزلها وأولادها، الأمر الذى كان دائماً يؤرقها ليلاً ونهاراً على حد تعبيرها: «ما كانش عندى إمكانيات مادية إنى أجيب فاكهة كتير وأبيع، كنت بكتفى بأنى أجيب قفص أو اتنين من أى فاكهة، كنت بكسب فى اليوم 30 أو 40 جنيه لأن الزبون لما بيلاقى شوية فاكهة صغيرين قدامى ما كانش بيشترى، وما كانش اللى بكسبه بيكفى أى حاجة، وكنت دايماً شايلة هم ولادى ومصاريفهم».

لم تكن «حميدة» السيدة الوحيدة التى حصلت على قرض من جمعية الشياخة رابعة بمنطقة أم المصريين، حيث سبقها بعض جيرانها بجانب صديقتها التى اقترحت عليها الحصول على قرض بسيط لتوسيع نشاطها، ورغم تخوفها فى البداية من عدم قدرتها على سداده فإنها لم تجد حلاً بديلاً بعدما ترك زوجها عمله كنجار مسلح منذ أكثر من 5 سنوات سوى خوض التجربة: «كنت محتاجة أجيب فاكهة أكتر عشان أكسب، وما كانش قدامى غير القرض ولما قُلت لجوزى عليه شجعنى إنى آخده، وربنا فتحها عليا بعد ما أخدت منهم 2500 جنيه وبدأت أكسب، وبعد ما كنت خايفة منه بقيت أجدده أول ما أسدد الأقساط اللى عليا، لأنى كنت كل ما أجيب بضاعة زيادة ألاقى نفسى بكسب أكتر وبعد ما كان بيطلع لى فى اليوم 40 جنيه بقى 400 جنيه».

تتوجه السيدة الأربعينية ذات الجسد النحيل فى الثامنة صباحاً يومياً إلى سوق 6 أكتوبر لشراء كل أنواع الفاكهة الموجودة بالسوق، تاركة زوجة شقيقها وابنتها الوسطى التى لم يتجاوز عمرها 15 عاماً على «الفرشة» لمتابعة حركة البيع والشراء، وعلى أذان الظهر تعود «حميدة» ببضاعتها، لترص بعضاً منها بشكل لافت لجذب المارة، بينما تترك الباقى فى مدخل منزلها، لتمكث هى وشقيقتها فى السوق حتى بعد منتصف الليل، على حد قولها: «مرات أخويا بتقف على الفرشة لحد ما أرجع وبعدين تسيبها عشان تعمل الأكل وبترجع على العصر عشان تساعدنى وفى آخر اليوم بتاخد اللى فيه النصيب من اللى كسبناه لأنها بتتعب معايا وفى نفس الوقت تساعد جوزها وزى ما ربنا وسعها عليا بوسعها عليها».

كانت تعيش «حميدة» وأبناؤها الأربعة عيشة «ضنك» على حد تعبيرها، إذ كانت دائماً تضطر هى وزوجها إلى الاقتراض من شقيقها وجيرانهم بعض المبالغ لتدبير مصاريف يومهم، حتى تراكمت الديون عليهم وجاوزت الـ30 ألف جنيه، كما لجأت إلى شراء مستلزمات منزلها «شُكك» من الباعة المجاورين لها نظراً لضيق رزقها: «ما كانتش اللحمة بتدخل بيتى غير فى المواسم، ولما كان حد بيتعب فينا مش بنقدر نكشف عليه، وما كانش فيه شغلانة ثابتة لجوزى يكسب منها وتساعدنا إننا نعرف نعيش»، لافتة إلى أن حياتها تبدلت بعد الحصول على القرض، إذ قامت بعمل «فرشة» لزوجها يبيع فيها بعض الفاكهة، بجانب أنها قامت بشراء «توكتوك» لابنها الأكبر بدفع مُقدم 10 آلاف جنيه بعد دخولها فى أكثر من جمعية بحسب كلامها: «الدنيا مشيت معايا، وبعد فترة مشروعى كبر وبقى المكسب أكتر فى إيدى، دخلت جمعيات كتير خلال الـ5 سنين واللى قبضته دفعته مقدم توكتوك لابنى عشان يشتغل بدل قعدة البيت، وقسطه بيسدده من مكسبه، وعَلّمت بنتى الكبيرة لحد ما اتخرجت السنة دى من كلية التجارة وجهزتها أحسن جهاز، وخليت جوزى يشتغل ويكون ليه مكسبه بعد ما كان بيقف معايا»، مضيفة بنبرة مرتفعة: «حتى بيتى غيرته، وعملت فيه سيراميك وجبت كل الأجهزة الكهربائية لأن ما كانش عندى حتى السخان، وناوية إن شاء الله أجيب توكتوك تانى وأخلى حد يشتغل عليه لأنى محتاجة أحسّن وضعى، ونفسى أكبّر مشروعى وأفتح محل فاكهة كبير».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل