المحتوى الرئيسى

محمد فوزي.. «الفتى الشقي» الهائم بـ«سمراء النيل»

08/16 13:25

إذا كان إسماعيل ياسين وشكوكو من أكثر الممثلين ظرفًا وخفة دمًا، فإن محمد فوزي صاحب البسمة المبهجة في الغناء، يكفي فقط تلك الابتسامة الواسعة التي ترتسم على وجه كل من يغني له، حاول أن تغني "فين قلبي" أو "احلف لك 100 يمين"، "عوّام" "قاعد لوحدك ليه يا جميل"، وبنفس خفة الظل التي اشتهرت بها أغانيه، غازل كل بطلات أفلامه مكنته ليكون ملك الأفلام الغنائية والاستعراضية.. إنه الشاب الشقي "محمد فوزي".

«الدستور» تحتفي بذكرى ميلاد الشاب الشقي "محمد فوزي" والتي تأتي في 15 أغسطس من كل عام.

في ليلة شديدة الرطوبة بمنتصف أغسطس عام 1918، كانت صرخاته الأولى ببلد ولي الله صاحب المقام "السيد البدوي"، جاء إلى الدنيا من بين 25 أخًا وأختًا، أشهرهم "هدى سلطان".

أثناء تجوله في قريته الصغيرة كان القدر يضع له جوهرة من العيار الثقيل في أحد جنود المطافي، اسمه على حسب ما يقولون "محمد الخربتلي"، فكان الأخير عاشقًا للفن، والموسقي، وتولى تعليم فوزي كل شيء في أصول الموسيقي، فكان يذهب مع "الخربتلي" في حفلات الأعراس، والموالد إلى أن حصل على الابتدائية من مدرسة طنطا عام ١٩٣١، وكان قد تعلّم أصول الموسيقى في ذلك الوقت.

قرار تحويل المسار، من هاوٍ إلى ممارس لم يكن بالقرار السهل، فقرر ترك الحاصل على الابتدائية أن يهبط إلى القاهرة، ليبدأ رحلة كفاح في طريق مليء بالصخر، في وقتٍ كل جديد يظهر على الساحة سرعان ما يختفي، فالعودة كانت صعبة، والاستمرار كان أصعب ولكنه قرر أن يخوض الأصعب.

عاش "فوزي" حياة مضطربة غير مستقرة خلال الفترة الأولى إلى أن ساعده أحد الأشخاص ليتلحق بفرقة "بديعة مصابني" صاحبة الصيد الذائع، لتكن هي نقطة البداية التي فتحت له الباب أمام الكثير، انتقل بعدها للعمل في فرقة فاطمة رشدي ثم الفرقة القومية للمسرح.

في إحدى السهرات بملهى "بديعة" تعرّف فوزي على كل من فريد الأطرش، ومحمد عبدالمطلب، وبعد صلة صداقة جمعتهم، قرر المشاركة معهم في تلحين الاسكتشات والاستعراضات وغنائها، مما شجعه على دخول امتحان الإذاعة كمطرب وملحن، ولكن على الرغم من نجاحه كملحن رسب كمطرب، إلا أنه لم يستسلم، وظل حلم الغناء يراوده، وهو ما دفعه لإحياء أعمال سيد درويش التي أتاحت له الفرصة للتعاقد مع الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى كممثل ومغني في مسرحية "شهرزاد" لسيد درويش، العرض الذي فشل وأدخل "فوزي" في حالة اكتئاب شديدة.

في عام ١٩٤٤ دخل عالم السينما لأول مرة من خلال دوره في فيلم "سيف الجلاد"، وخلال 3 سنوات استطاع التربع على عرش السينما الغنائية والاستعراضية طيلة الأربعينيات والخمسينيات.

لحن فوزي مئات الأغاني له ولكبار مطربي عصره مثل محمد عبدالمطلب ولشقيقته هدى سلطان، وفايزة أحمد، فبلغ رصيده من الأغنيات 400 أغنية منها حوالي 300 أغنية في الأفلام، كما كانت له بصمة واضحة فى لحن النشيد الوطنى للجزائر، الذي نظمه شاعر الثورة الجزائرية مفدى زكريا.

تزوج محمد فوزي عام ١٩٤٣ بزوجته الأولى هداية وأنجب منها نبيل وسمير ومنير، وانفصل عنها عام ١٩٥٢، ليتزوج بالفنانة مديحة يسري وأنجب منها عمرو، وقد توفى لها ابنان من محمد فوزي، وانفصل عنها عام ١٩٥٩، ولكنه ظل يحبها إلى النهاية، ثم تزوج عام ١٩٦٠ بزوجته الثالثة كريمة وأنجب منها ابنته الصغرى إيمان بعد عام وظلت معه حتى وفاته.

«سمراء النيل وقصة حب لا تنتهي»

منذ أن وقعت عيناه عليها أصبح الفتى الشقي "أسيرًا لها ولجمالها، إنها "سمراء النيل" الفنانة مديحة يسري، والتي أحبها فوزي بشدة وشدى أغلب أغانيه حبًا وتغزلًا فيها..

"يا ساكن في الهواء قلبي.. وساكن فى الديار جارى.. جمالك كل يوم جنبي آسرني وإنت مش دارى"، كل دقة بقلب "كازانوفا" الشرق محمد فوزي كانت تحمل شوقًا لذات العيون السود "سمراء النيل"، والذي تزوجها عام 1952.

على الرغم من قصر زواجه منها والذي استمر سبع سنوات فقط، اختار "فوزي" كلمات أغنياته لتحمل "اللوم والعتاب، والحب والرومانسية والخصام والصلح" لم يترك حالة إلا قدم لها ما يعبر عنها، لتظل مديحة يسري عشقه الذي لم يبرأ منه حتى آخر نفس، بالرغم من تعدد النساء في حياته.

فمرة يطلب ودها بـ"مال القمر ماله"، ويتغزل فيها بـ"حبيبي وعنيا"، ويعاتبها بـ"تعب الهوى قلبي"، ويتصالح معاها بـ"عايز أقولّك بحبك.. بس منعاني ومدام كتمنا الهوى.. ياكتر ما نعاني"، فكان صوته عذب شيق يخطف سامعيه.

شركة مصر فون.. التأميم والمرض

في عام ١٩٥٨ أسس شركة "مصر فون" لإنتاج الإسطوانات، وتفرغ لإدارتها، لينهي احتكار شركات الإسطوانات الأجنبية، لسوق إنتاج الأغاني في مصر، والتي كانت تبيع الأسطوانة بتسعين قرشًا، بينما كان يبيعها هو بخمسة وثلاثين قرشًا، وأنتجت شركته أغانى كبار المطربين في ذلك العصر مثل: أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وغيرهما إلى أن تم تأميمها سنة ١٩٦١، وتم تعيينه مديرًا لها براتب ١٠٠ جنيه، الأمر الذي أصابه باكتئاب حاد، وكانت مقدمة لمرضه.

النادر في صوته، النادر في عمله، ورومانسيته، قرر قدره أن يجعله نادرًا أيضًا في نهايته، فأصيب بمرض احتار أطباء العالم في تشخيصه، وقرر السفر للعلاج بالخارج، فسافر إلى لندن في أوائل عام ١٩٦٥، ثم عاد إلى مصر، ولكنه سافر مرة أخرى إلى ألمانيا بعدها بشهرين، إلا أن المستشفى الألماني أصدر بيانًا قال فيه إنه لم يتوصل إلى معرفة مرضه الحقيقي، ولا كيفية علاجه، وصل وزنه إلى 36 كيلو، ليتم تسجيل مرضه في العالم باسم مرض "محمد فوزي"، قبل أن يتقدم الطب في العالم لنعرف أنه "سرطان العظام"، و"تليف الغشاء البريتوني الخلفي".

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل