المحتوى الرئيسى

بعد دعوة «السبسي» إلى زواج المسلمة من غير المسلم والمساواة في الميراث.. الأزهر: تتصادم مع الشرع.. والمفتي السابق: غير جائزة.. والإفتاء: المرأة ترث أكثر من الرجل في 10 حالات

08/15 19:47

وكيل الأزهر: دعوات التسوية بين الرجل والمرأة في الميراث تظلم المرأة ولا تنصفها نصر فريد واصل: آيات المواريث في القرآن من حدود الله لا تقبل الجدال أستاذ فقه: تقسيم الميراث أمر إلهي.. ولا يحق لأحد الاعتراض عليه الإفتاء: المرأة ترث أكثر من الرجل في 10 حالات.. ومثله في 30 حالة

أثارت دعوة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، جدلًا كبيرًا، بمطالبته بتغيير القانون الذي يمنع زواج التونسية من أجنبي غير مسلم، نظرًا للمتغيرات التي يشهدها المجتمع وسفر المرأة إلى الخارج سواء للعمل أو الإقامة، كما دعا إلى المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث.

واستنكر الدكتور نصر فريد واصل، مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالازهر، دعوة زواج المسلمة من غير المسلم ومساواة الرجل والمرأة في الميراث وجميع الحقوق والواجبات، مؤكدًا أن هاتين القضيتين لا يمكن بحال من الأحوال تحريفهما أو التلاعب بهما نظرًا لما جاء بالقرآن الكريم صراحة.

وأضاف «واصل» في تصريح خاص لـ«صدى البلد»، أنه لا يجوز شرعًا زواج المسلمة من غير المسلم، فقد حسمها القرآن الكريم في قوله تعالى: «وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ» (سورة الممتحنة: 10).

آيات المواريث لا تقبل الجدال:

وحول مساواة الرجل والمرأة في الميراث، أكد المفتي الأسبق، أن آيات الميراث مفصلة تفصيلًا واضحًا غير قابل للجدل، وتعد آيات المواريث حدًا من حدود الله لا تقبل النقاش أو الجدل حولها، ويجب تطبيقها بحذافيرها ولا يوجد آية واحدة بالمواريث تحمل تفسيرًا آخر.

قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، إن دعوات التسوية بين الرجل والمرأة في الميراث تظلم المرأة ولا تنصفها، وتتصادم مع أحكام شريعة الإسلام.

وأضاف «شومان»، أن المواريث مُقسمة بآيات قطعية الدلالة لا تحتمل الاجتهاد ولا تتغير بتغير الأحوال والزمان والمكان، وهي من الموضوعات القليلة التي وردت في كتاب الله مفصلةً لا مجملةً، وكلها في سورة النساء، وهذا ما أجمع عليه فقهاء الإسلام قديمًا وحديثًا.

وأشار إلى أن دعوات التسوية بين النساء والرجال في الميراث بدعوى إنصاف المرأة هي عين الظلم لها، لأن المرأة ليست كما يظن كثير من الناس أنها أقل من الرجال في جميع الأحوال، فقد تزيد المرأة على نصيب رجل يشاركونها نفس التركة في بعض الأحوال، «كمن ماتت وتركت زوجًا وأمًا وأخًا لأم، فإن الأم نصيبها الثلث، بينما نصيب الأخ لأم السدس أي أن الأم وهي امرأة أخذت ضعف الأخ لأم وهو رجل»، كما أنها تساويه في بعض المسائل: «كمن ماتت وتركت زوجًا وأمًا، فإن نصيب الزوج نصف التركة ونصيب الأم النصف الآخر فرضًا وردًا»، كما أن فرض الثلثين وهو أكبر فرض ورد في التوريث لا يكون إلا للنساء ولا يرث به الرجال فهو للبنات أو الأخوات فقط، فمن ماتت وتركت بنتين وأخًا شقيقًا أو لأب، فللبنتين الثلثين وللأخ الباقي وهو الثلث أي أن البنت تساوت مع الأخ.

ونبه على أن هناك العديد من المسائل التي تساوي فيها المرأة الرجل أو تزيد عليه، وكلها راعى فيها الشرع بحكمة بالغة واقع الحال والحاجة للوارث أو الوارثة للمال لما يتحمله من أعباء ولقربه وبعده من الميت، وليس لاختلاف النوع بين الذكورة والأنوثة كما يتخيل البعض.

حكمة تحريم الزواج من غير المسلم:

وحذر وكيل الأزهر، من أن الدعوات المطالبة بإباحة زواج المسلمة من غير المسلم ليس كما يظن أصحابها في مصلحة المرأة فإن زواجًا كهذا الغالب فيه فقد المودة والسكن المقصود من الزواج حيث لايؤمن غير المسلم بدين المسلمة ولا يعتقد تمكين زوجته من أداء شعائر دينها فتبغضه ولا تستقر الحياة الزوجية بينهما، بخلاف زواج المسلم من الكتابية لأن المسلم يؤمن بدينها ورسولها وهو مأمور من قبل شريعته بتمكين زوجته من أداء شعائر دينها فلا تبغضه وتستقر الزوجية بينهما، ولذات السبب منع المسلم من الزواج من غير الكتابية كالمجوسية لأنه لا يؤمن بالمجوسية ولايؤمر بتمكينها من التعبد بالمجوسية أو الكواكب ونحوهما فتقع البغضاء بينهما فمنع الإسلام هذا الزواج، ولذا فإن تدخل غير العلماء المدركين لحقيقة الأحكام من حيث القطعية التي لاتقبل الاجتهاد ولا تتغير بتغير زمان ولامكان وبين الظني الذي يقبل هذا الاجتهاد هو من التبديد وليس التجديد.

الإسلام أمر بحسن معاملة المرأة:

واعتبرت الدكتورة فتحية الحنفي، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، أن الإسلامَ يخاطب الرجال والنساء على السواء ويعاملهم بطريقةٍ شبه متساويةٍ، وتهدفُ الشريعةُ الإسلاميةُ بشكلٍ عامٍ إلى غايةٍ متميزةٍ هي الحمايةُ، ويقدم التشريع للمرأة تعريفات دقيقة عما لها من حقوق ويُبدي اهتمامًا شديدًا بضمانها، فالقرآنُ والسنةُ يحُضَّان على معاملة المرأة بعدلٍ ورِفقٍ وعَطفٍ.

ونوهت «الحنفي» لـ«صدى البلد»، بأن الذي تولى أمر تقسيم التركات في الإسلام هو الله تعالى وليس البشر، فكانت بذلك من النظام والدقة والعدالة في التوزيع ما يستحيل على البشر أن يهتدوا إليه لولا أن هداهم الله، قال تعالى: «آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا» (النساء/11).

وبيّنت أن المرأة ترث في أحوال كثيرة وتأخذ أضعاف الذكر، ففي قوله تعالى: «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ» (سورة النساء: 11)، لم يكن ذلك إلا في موضع واحد وهو وجود البنت مع أخيها الذي يساويها في الدرجة، وهذا يرجع لحكمة إلهية عظيمة لأنه هو المسؤول عن بناء بيت الزوجية، وعن النفقة سواء على أهل بيته أم أمه وأبيه.

ولفتت إلى أن المرأة قد تجوز التركة كلها فرضًا وردًا في حالة عدم وجود وارث غيرها ولا يوجد عاصب، منوهة بأن البنت مع وجود الأب تأخذ نصف التركة والأب يأخذ السدس مع الباقي من التركة لو تبقى منها شيء، مشيرة إلى أن البنت تأخذ النصف مع وجود ابن الابن وهكذا -كثير وكثير-.

ونبهت أستاذ الفقه، بأن علم الميراث من الأمور التي اختص بها رب الأرباب لتعلقها بالمال وهو سبب للشأن والتنازل بين الإنسان وأخيه الإنسان، لذا اختص به سبحانه وتعالي فلا يستطيع ملك مقرب أو نبي مرسل أن يزيد أو ينقص عما فرضه الله عز وجل أو يعترض عليه: «فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا» (سورة النساء: 11) وقال جل شأنه: «تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ» (سورة النساء 14).

وشددت على أنه لا يجوز لأي ملك أو رئيس أو مجلس نواب أن يتعدى حدود الله، لأن الميراث من الثوابت التي لا تتغير طبقًا للأهواء، وكذلك حرمة زواج المسلمة من غير المسلم، مؤكدًا أنه يحرم زواج المسلمة من غير المسلم.

3 معايير للتفاوت في الميراث:

رأت دار الإفتاء، أن الميراث في الإسلام نظام بُنِي على قواعد ومعايير؛ مشيرة إلى أن التفاوت بين أنصبة الوارثين والوارثات في فلسفة الميراث الإسلامي إنما تحكمه ثلاثة معايير: أولها: درجة القرابة بين الوارث ذكرًا كان أو أنثى وبين المُوَرَّث المتوفَّى، فكُلَّما اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث، وكُلَّما ابتعدت الصلة قَلَّ النصيب في الميراث، دونما اعتبار لجنس الوارثين.

وأردفت الإفتاء، في فتواها: «ثانيها: موقع الجيل الوارث من التتابع الزمني للأجيال، فالأجيال التي تستقبل الحياة، وتستعد لتحمل أعبائها، عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب الأجيال التي تستدبر الحياة، وتتخفَّف من أعبائها، بل وتصبح أعباؤها - عادة- مفروضة على غيرها، وذلك بصرف النظر عن الذُّكورة والأنوثة للوارثين والوارثات، فبنت المتوفى ترث أكثر من أمه- وكلتاهما أنثى - وترث البنت أكثر من الأب! حتى لو كانت رضيعة، وحتى لو كان الأب هو مصدر الثروة التي للابن، والتي تنفرد البنت بنصفها! وكذلك يرث الابن أكثر من الأب -وكلاهما من الذكور- وفي هذا المعيار من معايير فلسفة الميراث في الإسلام حِكَم إلهية بالغة، ومقاصد ربانية سامية تخفى على الكثيرين. وهى معايير لا علاقة لها بالذكورة والأنوثة على الإطلاق.

وتابعت: وثالثها: العبء المالي الذي يوجب الشرع الإسلامي على الوارث تحمُّله، والقيام به حيال الآخرين، وهذا هو المعيار الوحيد الذي يثمر تفاوتًا بين الذكر والأنثى- من منطلق أن الرجال أكثر تحملًا لأعباء النفقة المالية- لكنه مع ذلك لا يُفضِي إلى أي ظلم للأنثى أو انتقاص من إنصافها، بل ربما كان العكس هو الصحيح! ففي حالة ما إذا اتفق وتساوى الوارثون في درجة القرابة، واتفقوا وتساووا في موقع الجيل الوارث من تتابع الأجيال- مثل أولاد المتوفَّى، ذكورًا وإناثًا- يكون تفاوت العبء المالي هو السبب في التفاوت في أنصبة الميراث، ولذلك لم يعمم القرآن الكريم هذا التفاوت بين الذكر والأنثى في عموم الوارثين، وإنما حصره في هذه الحالة بالذات، فقالت الآية القرآنية: «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ».. [النساء : 11].

حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل:

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل