خبراء: وقف بث المحاكمات إعلاميا مخالف للدستور ويثير الريبة

انتقادات واسعة وجهها المحامون لقرار مجلس القضاء الأعلى بوقف بث المحاكمات إعلاميا واعتبروا أن القرار يعتبر افتئاتا على حق رئيس المحكمة فى بث أو وقف بث المحاكمات فى الوقت الذى دافعت فيه مصادر قضائية مطلعة عن القرار وأكدت أن الهدف منه هو خدمة العدالة.

وأكدوا أن علانية الجلسات تتوفر بحضور المحامين والمتقاضين وأن إذاعة المحاكمات عبر البث المباشر أو تسجيلها وإذاعتها يضر بسير العدالة وترصد "التحرير" وجهتى النظر وحالة الجدل المثارة حول هذه القضية.

صرح المحامي والحقوقي عمرو عبد السلام نائب رئيس منظمة الحق الدولية لحقوق الإنسان بأن الأصل في المحاكمات الجنائية هي العلانية إلا إذا كانت هناك ضرورة لجعل الجلسات سرية مراعاة للنظام العام وحفاظا علي الآداب العامة ومن ثم فإن قرار مجلس القضاء الأعلي بوقف بث المحاكمات إعلاميا قرار غير قانوني ومخالف للدستور نظرا لتعارضه مع مبدأ علانية المحاكمات الجنائية التي نص عليها الدستور المصري والمشرع الجنائي في قانون الإجراءات الجنائية لأن المقصود بمبدأ علانية المحاكمة الجنائية السماح لعامة الشعب المصري بحضور جلسات المحاكمة بحيث لا يحظر أحد الدخول إلي قاعة المحكمة أثناء نظر المحاكمات وليس قصر الحضور علي المتهمين والمدافعين عنهم فقط.

وقال عبد السلام إن المادة 268 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت علي علانية جلسات المحاكمة وترجع أهمية العلانية في المحاكمات الجنائية لعدة اعتبارات تتعلق برقابة الرأي العام علي حسن أداء العدالة فالأحكام التي يصدرها القضاء تصدر باسم الشعب الذي يمثله جموع أفراد المجتمع، كما أن النيابة العامة هي وكيلة الشعب في تحريك الدعوي الجنائية قبل المتهمين، ولا تحركها إلا لمصلحة الشعب ومن ثم فإن القاضي الجنائي والنيابة العامة إذا ما شعرا بأن الرأي العام يقوم بدور الرقيب عليهما سيؤدي ذلك إلي حسن أداء العدالة كما أن المحاكمات السرية تدعوا الي الظن وإثارة الشك والريبة في مصداقية الأحكام ونزاهة القضاء كما أن العلانية تضفي علي المحاكمة الشفافية المطلقة وتؤدي الي مساعدة تفهم الرأي العام بظروف وملابسات الدعوي والاتهامات الموجهة للمتهمين.

وأردف قائلا: "ونظرا لأن جميع أفراد الشعب قد لا يستطيعون حضور جلسات المحاكمة داخل أروقة المحاكم فالصحافة والإعلام وبث المحاكمات عبر الفضائيات هي البديل الحقيقي من حضور أفراد المجتمع للمحاكمات الجنائية ومن ثم فإن منع الإعلام والصحافة من حضور وبث جلسات المحاكمة يعد اعتداء حقيقيا علي مبدأ علانية المحاكمات ومخالفة جسيمة لأحكام الدستور وقانون الإجراءات الجنائية وأن القول بأن مبدء العلانية مقصور علي حضور المتهمين والمدافعين عنهم هو رأي غير صحيح".

أكد طارق العوضي المحامي بالنقض، ومدير مركز دعم دولة القانون أن الأصل فى المحاكمات هو العلانية لأن الأحكام بتصدر باسم الشعب ومن حق الجمهور الاطلاع عليها وهناك قضايا الأمر فيها يرجع لرئيس المحاكمة وخاصة قضايا التخابر، ومن حق رئيس المحكمة إعلان السرية بالجلسات ويتم رفع السرية بجلسة الحكم وإذاعة الحكم إعلاميا تطبيقا لعلانية الجلسات.

وشدد "العوضى" على أن قرار مجلس القضاء الأعلى افتأت على سلطة القاضى الذى ينظر الدعوى باعتبار صاحب الحق بإذاعة أو رفض إذاعة الجلسات، موضحا أن السبب فى عدم إذاعة الجلسات من وجهة نظره هو وجود بعض الأخطاء اللغوية التى تم رصدها خلال جلسات النطق بالحكم، وتسببت فى تطاول البعض على القضاة وأعتقد أنه سبب مباشر فى هذا القرار بوقف بث المحاكمات إعلاميا.

قال ياسر سيد أحمد الخبير القانونى والمحامى بالنقض والدستورية العليا إن قرار المجلس الأعلى للقضاء بوقف بث المحاكمات إعلاميا يعتبر قرارا ممتازا لأن بث المحاكمات على الهواء أو تسجيلها يؤدى للإضرار بالمحاكمات واستعراض المتقاضين وأهليتهم أمام الكاميرات والشاشات وهو الأمر الذى يضر بالمحاكمة من ناحية تضليل الرأى العام لأن المشاهد لا ينطبع عنه بالنسبة للمحاكمة سوى بما يشاهده والمشهد المذاع ربما يكون للتعاطف أو للتضليل وبالتالى فتأثير الرأى قد يؤثر على أدلة القضية والمحكمة التى تتناولها بل أحيانا يجعل المحكمة عرضة للتناول على صفحات السوشيال ميديا والعلانية موجودة بتواجد الصحفيين والمطلوب من الإعلام هو توضيح الرؤية على الرأى العام وهو مهمة الصحفيين وقرار وقف بث المحاكمات يحد من المغالاة والإصرار والتضليل بالنسبة للرأى العام .

وأكد مصدر قضائى بنادى القضاة رفض ذكر أسمه أن قرار مجلس القضاء الأعلى بوقف بث المحاكمات تم إرساله إلى جميع دوائر المحاكمات، موضحا أن قرار منع بث المحاكمات عن طريق وسائل البث المباشر أو كاميرات التسجيل أمام حضور الصحفيين والمصوريين الصحفيين يرجع لرئيس المحكمة لأنه صاحب القرار فى هذا الشأن.

وقرر أمس مجلس القضاء الأعلى برئاسة المستشار مجدى أبو العلا فى بيان رسمى وقف بث المحاكمات إعلاميا وذلك بعد مخاطبة رئيس نادى القضاة المستشار محمد عبد المحسن للمجلس بهذا الشأن.