المحتوى الرئيسى

مدينه الحب.. مراكش.. الجزء الأول

08/14 18:11

مزيكا صاخبة.. أجواء مزدحمة.. ترابيزة عليها أشخاص من أكثر من 6 جنسيات يتحدثون سويا بالإنجليزية بصوت مرتفع.. و بجواري صديقي رجل الأعمال الهندي وصديقته الهولندية، وأنا جالس أحدثهم عن يومي، حيث كنت زرت صباحا ساحة الفناء بمراكش، وهجمت عليّ بعض القرود وصعدت على رأسي، وأنا أضحك من رعبي مما حدث معي، وهو يضحك ويقول لي إنه تربى في الهند، وأن هذا الموقف معتاد بالنسبة إليه لأن القرود تمشي في الشوارع بالهند مثل الكلاب الضالة عندنا.. ضحكنا ونظرت حولي في المطعم الراقي.. نعم إنه مكان مميز يكاد يكون من أفخم مطاعم مراكش، اسمه قصر جاد محل، ويقدمون فيه الطعام المغربي والراقصات بالشمعدانات يتحركن حولك، في أجواء ساحرة مليئة بالغرابة والإبهار، ولكن شيء ما ناقص..

هل هو إحساس داخلي بالوحدة.. هل هو بحث عن شيء ما.. لا أعلم و لكني كنت كل برهة انظر حولي كاني في انتظار شيء ما.. وفجأة ظهرت الشخصية -دعني ألقبها بالشخصية حفاظا على سرية الذكريات- شخصية خاطفة.. من أول ظهورها التفت بقوة إليها.. هناك شخصيات كذلك لها قوة حضور.. براعة استهلال كما نطلق عليها في المسرح.. وتلاقت أعيننا..

ما هذا.. الشخصية ترمقني بشدة.. كأنها غير مصدقة أنها رأتني.. وتوجهت تجاهي وسط رواد المطعم وبادرت بالحديث معي بالعربية بقول "إنت الأستاذ خالد بمسلسل حبيشة".. لم أستطع الرد لأول وهلة، كنت أسير العيون التي تحدثني.. ثم تداركت الموقف وقلت "نعم"، وهنا قامت الشخصية بسحب كرسي والجلوس بجانبي وسط زملائي الذين بالكاد أعرفهم.. وكان يبدو من ثقة الشخصية وإحساسها كما لو كانت تعرفني من فترة ربما بسبب مدى تعلقها بالمسلسل والأدوار.. وقالت "إني أحبك جدا وأتابع أعمالك.. وأفضلها بالنسبة لي مسلسل حبيشة".. قلت للشخصية "كان اسم المسلسل ابن حلال".. فقالت "نحن نطلق عليه حبيشة لتعلقنا بالبطل" -صديقي محمد رمضان- وتعلقهم بشخصية الأستاذ خالد صديقه التي قدمتها.. ثم نظرنا حولنا للحظة لنكتشف أن زملائي كل في شأنه الخاص.. ونظرنا ثانية لبعضنا البعض وقلت لها "هل تشربين شيئا".. فقالت إن هذا الواجب يجب أن تقدمه هي.. وسألتني هل معي خط مغربي فقلت "لا".. ولذلك أخذت رقمي المصري وقامت فجأه بعد أن قالت بالفرنسية إن اليوم بالنسبة إليها انتهى.. بمعنى أنها لن تكون أكثر سعادة من ذلك.. وقالت لي إنها ستحدثني عبر الفايبر غدا لأنه يجب أن أشاهد المغرب بشكل أفضل.. ثم التقطت البالطو الخالص بها وأرسلت قبلة سريعة وغادرت.

دبت في الحياة للحظات.. تذكرت أسباب وجودي بالمغرب لدعوتي كعضو لجنة تحكيم لمهرجان كازابلانكا المسرحي الدولي.. وتذكرت مجيئي وأيام المهرجان الرتيبة.. هناك شيء ما ينقص هذه الرحلة.. شيء من الغموض والإثارة.. المغرب بالنسبة لي بلد المغامرات.. لطالما كنت متأكد في صغري أن السندباد مغربي أصلا.. كيف أقضي بها أيام بلا أحداث؟ بجانب سعادتي بأيام المهرجان والاستقبال الحافل إلا أن دعوة صديقتي حكمت لقضاء الوقت معها ومع ابنتها وزوجها كانت من أفضل الأجزاء في الرحلة.. ودعوتهم الكريمة لي للذهاب إلى مراكش وقضاء بعض الوقت هناك.

لم أكن أعلم أن رحلة مراكش التي استمرت 4 أيام وعودتي إلى كازابلانكا بعدها منها للقاهرة ستغير الكثير من إحساسي.. مراكش مدينة ساحرة مليئة بالطبيعة وجبال أطلس المحيطة بها تشاهد طقوس السنة كلها.. فققم الجبال تغطيها الثلوج وفي المنتصف الأنهار والمزارات مثل مقام ستي فاطمه المصرية التي عرفت قصتها فيما بعد.. ووادى أوريكا المليء بالأشجار والزرع والهواء المعتدل.. أجواء لا تجدها في أي بلد آخر.. لا ينقصها إلا قصة حب.. وقد حدثت.

ظللت اليوم الثاني بعد لقائنا لا أفعل شيء سوى النظر إلى الموبايل في انتظار المكالمة.. كلما أصعد من حمام السباحه أنظر.. وأنتظر.. وأثناء تناول الغداء رن الهاتف وقلت "الو.. نعم أنا حسام داغر.. ماذا؟! أنتِ في مدخل الفندق؟".. شعرت بسعادة غامرة وقلت للشخصية "تفضلي لتناول الغداء معي" ودخلت بالفعل.. بقصة شعر تميل للأمام مختلفه تماما.. وملابس أكثر أناقة.. كما لو كانت تصر أنها تأسرني بالكامل.

عرفتها على صديقتي حكمت وزوجها، وقالوا لي إنها شخصية لطيفة بالفعل.. وتحدثنا أكثر وعرفت أنها من الجزائر وأنها في رحلة عمل، والرحلة انتهت وستغادر قريبا.. وقلت "إذن ماذا ورائك اليوم".. قالت "أنا يومي ملكك.. هاخدك إلى ساحة الفناء لأريك الساحة على حق..وألعاب السحرة وأجواء الثعابين والفنانين البوهيمين.. وبعدها نذهب للعشاء في مطعم مغربي.. وسنأكل الطنجية والباستيلة.. وبعدها هنسهر في مكان ما".. وقد كان.. وفي السهر بالذات اكتشفت مدى حب هذه الشخصية للرقص.. ولكني لست من هواة ذلك.. أو لم أعتد على إظهار عواطفي بالعلن.. وقالت لي "قم.. ارقص".. لكن لم استطع كسر حاجز الخجل.. فقالت لي "أنت في مراكش.. مدينة الحب".. ظلت ترقص ولا ينظر لأحد آخر غيري.. وعلامة القلب ترتسم على الكفين أمام القلب.. مع أنغام الأغنية.. كأنها تقول إن كلام الأغنية كله لي.. كنت مخدرا بالكامل ولا أريد الليوم أن ينته.. ولكنه انتهى.

عدت إلى غرفتي بالفندق وأنا مدرك أني سأغادر في اليوم التالي إلى كازابلانكا والبقاء يومين ثم العوده إلى مصر.. لأستيقظ في الصباح وأغادر ولا أجد من الشخصية أي رسالة وداع.. لأصل كازابلانكا وأمضي في حياتي الرتيبة وشراء بعض المتعلقات المطلوبة مني وأنا شارد الذهن.. وتأتي المكالمة من الشخصية لتخبرني أنها لم تستطع البقاء في مراكش بعد رحيلي.. وأنها حجزت في فندق بكازابلانكا وقررت قضاء اليوم الأخير معي.. وكان فعلا هذا اليوم عندي بالرحلة بأكملها.. خصوصا أني كنت مدعوا من الصديقة والنجمة سميرة سعيد لقضاء بعض الوقت معها هي وأسرتها بالمنزل قبل التوجه لحفلها المقام في مزاجان.. ولكن مع أحداث هذا اليوم ألقاكم مرة أخرى.. وللحديث بقية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل