محمد الباز يكتب: عمرو موسى يقدم مفتاح تعديل الدستور

توقعت منذ فتحنا باب النقاش حول تعديل الدستور أن يطل علينا السيد عمرو موسى، رئيس اللجنة التى وضعته، ومؤسس اللجنة التى تحميه، لكنه تأخر بعض الوقت، على أية حال وصل، وكما يقولون أن تصل متأخرًا خير من ألا تصل أبدًا.

أصدر السيد عمرو موسى بيانًا مارس فيه هوايته التى لم يتخل عنها أبدًا، وهى الهواية التى جعلته يخسر كثيرًا، فإمساك العصا من المنتصف والرقص على السلم يمكن أن يكونا فلسفة ناجحة وناجعة فى العمل الدبلوماسى، لكن فى العمل السياسى العارى الذى يضع صاحبه قدميه فى الشارع لا تصلح أبدًا.

تحدث عمرو موسى بوجهين فى بيانه.

وجه صدره لمن ينتظرون منه كلامًا حادًا وصارمًا يعلن فيه عدم المساس بالدستور، وقد قاله كاملًا، فقد أقر بأن الحديث المعاد عن الدستور فى عام انتخاب الرئيس يثير علامات استفهام بشأن مدى نضوج الفكر السياسى الذى يقف وراءه، وقال أيضًا: مصر فى حاجة إلى تعميق الاستقرار وليس إشاعة التوتر، وبالتالى تحتاج إلى تأكيد احترام الدستور وليس إلى التشكيك فيه. وقال كذلك: الدستور أمانة فى أعناق المصريين جميعًا وخاصة مجلس النواب.

أدار عمرو موسى وجهه عن الذين يقصدهم بهذا الكلام، إلى جبهة أخرى قدم لها ما يمكن أن نعتبره مفتاح تعديل الدستور، فقد قال فى نفس البيان: الدستور ليس عصيًا على التعديل، ولكن الحكمة تقتضى مقاربة سليمة سياسيًا وتوقيتًا مدروسًا من منطلق مصلحة مصر والمصريين، خاصة فى هذا التوقيت العصيب.

عمرو يضع هنا الحل، فالدستور بالنسبة له قابل للتعديل ولكن بشروط، وإذا كان من حقه أن يرى هو ومن يتحدث باسمهم، أو يريد أن يعجبهم كلامه، أن الوقت ليس مناسبًا ولا مدروسًا، فإن هناك من يرى عكس ما يذهب إليه هو، وإذا كان يقول مثلًا إن مصر تحتاج إلى تعميق الاستقرار وليس إشاعة التوتر، فإن هناك من يرى أن الدستور بوضعه الحالى هو الذى يعوق الاستقرار، ويمكن أن يساهم بشكل كامل فى التوتر، وعليه فمن المهم تعديله، بل يصبح التعديل واجبًا وطنيًا لا يجب أن يتخلى عنه من يريدونه، ويعقدون جلسات نقاش مهمة جدًا للخروج بصيغة تتناسب مع الوقت العصيب الذى تمر به مصر.

لقد بالغ عمرو موسى فى كرمه مع من يريدون فتح الباب أمام تعديل الدستور، فقد شدد على أن يخضع أى حديث عن التعديل لمناقشة مجتمعية واسعة مع ممارسة سياسية ذكية قبل الإقدام على اقتراح أى تعديل أو أى مناقشة رسمية له.