المحتوى الرئيسى

القصة_الكاملة| «توثيق الزواج العُرفي».. تقاليد السيناوية تتغير لتواكب 2017

08/11 23:09

عاشت «مُنيرة محمد» مع زوجها «سيد فراج» 12 عامًا بعد زواجهما «شفهيًا» وكانت الحياة جميلة بينهما، فهو يرعى الأغنام ويبيعها وينفق منها على أبنائه وعلى بيته، أما الزوجة فترعى أبنائها وتهتم بشؤون المنزل.

فجأة ظهرت بعض الخلافات بينهما وتعالت الأصوات حتى علم كل من في المنطقة بما حل في منزلهما من خلاف، ولجأ الزوجين لشيوخ قبيلتهما للتحكيم بينهما وتسوية أمورهما، وحاول أحد الفريقين الصلح ولكن لم يفلح وانتهى الأمر بالانفصال النهائي.

يقول «فراج» أنه تزوج امرأته عندما كان عمرها 13 عامًا، وأسفر الزواج عن 3 أبناء هم سعيد 5 سنوات، وفريدة 3 سنوات، وبكر 10 سنوات، حتى حدث انفصال عن زوجته التي تزوجها بدون عقد توثيق زواج مُسجل في الدوائر الحكومية، وبالتالي لن يكون هناك توثيق للطلاق.

هذه إحدى القصص التي حدثت في بادية شمال سيناء، بعد زواج قبلي وشفهي متوارث ومُتعارف عليه في المنطقة البدوية وخاصة زواج القاصرات وقصص العشق والحب والغرام في الصحراء الصفراء لا تنتهي، ومعها العُرف المتداول إذ يذهب المُحب لبيت محبوبته للتقدم لخطبتها، ومن ثم الاتفاق على الإجراءات وفق العادات البدوية المُتوارثة وتحديد يوم العُرس والليلة الكبيرة في بلدتهم.

• تطور الحياة وتوثيق الزواج في البادية

ومع تطور الحياة واندماج الحياة البدوية مع الحياة الحضارية واستخدام التكنولوجيا الحديثة والموبايل والإنترنت وفق التقاليد الصحراوية دون الإخلال بالمبادئ الرئيسية، إذ أن العادات قد تتغير، ولكن القواعد لا تتبدل في الحياة البدوية، ومنها تطور الزواج أيضًا، وأصبحت القبائل تقوم بتوثيق الزواج الآن خصوصًا بعد إتمام الفتيات القاصرات السن القانوني.

يقول حسن خلف، شيخ مشايخ قبائل سيناء، إن السبب الحقيقي إلى توجه القبائل لتوثيق الزواج العُرفي هو تنفيذ طلب الحكومة، وهو يُعد طريقة ايجابية في التعامل وحق مكفول لابد منه لضمان حقوق كل من الزوج والزوجة، ويأتي ذلك من خلال توثيق الزواج بشكل رسمي.

خلف يشير إلى أن الزواج في الماضي كان يتم بين القبيلتين بتوثيق حالة الزواج على الأوراق وبحضور الشهود من العائلتين بدون توثيق ذلك في السجلات الرسمية، وحتى الآن توجد بعض الحالات لعدم توثيق الزواج نتيجة لزواج القاصرات، وبعد سنوات يتم توثيق عقد الزواج لضمان وجود شهادات ميلاد للأطفال أو تسنين الأمهات لاستخراج عقد الزواج.

ويؤكد، شيخ مشايخ سيناء، أن من عادات الزواج في البادية أن الزوج لا يُنكر أبنائه وزوجته ونادرًا ما تحدث خلافات، ويضيف «قانون القبائل يحكم بينهما، كما أن زواج البادية العُرفي متوارث منذ زمن بعيد، ونقوم بتوثيق حالات الزواج رسميًا الآن، أما في الماضي كان الزواج شفهيًا».

فى السياق ذاته، يوضح يوسف المقرشي أحد شباب قبيلة القرارشة بوادي فيران بمدينة أبو رديس بجنوب سيناء، أنه عندما أحب ذهب لخطبة من أحبها مباشرة إلى والدها، وعند الموافقة عليه تم نحر شاه يحضرها أهل العريس كدليل على أن العائلتين أصبحت عائلة واحدة.

يتحدث المقرشي عن عادات الزواج في البدو قائلًا: العريس يتحمل جميع نفقات العُرس والزواج، ولا يتم إجبار الفتاة على الزواج وهو مخالف للطبيعة القبلية لديهم ولا يحدث إلا في حالة نادرة ومحدودة للغاية بعكس ما هو يروج له على الإعلام بأن الفتاة البدوية مقهورة ومجبورة على أمرها، مؤكدًا أن المرأة في الحياة البدوية لها مكانة كبيرة والبنات تذهب للمدارس لتلقى العلم بعكس الماضي لأن المرأة المتعلمة ترعى أبنائها.

• انتهاء زمن الزواج العُرفي في الحياة البدوية

يقول عبد الصمد محمد، المقيم في مدينة العريش، إن هناك فتيات في مرحلة الخطوبة ورفضوا إتمام الزواج، وهناك فتيات انفصلن بعد اتمام الزواج بشهور، وتتم الموافقة المبدئية والخطوبة لمدة 5 أشهر وقد تطول فترة التعارف وذلك لأن فكرة الانفصال في المجتمع البدوي صعبة، إذ أن توثيق الزواج هو طريقة إيجابية لحفظ حقوق المرأة رسميًا وهو نتاج طبيعي لتطور وتغير الأفكار في المجتمع البدوي.

ويؤكد أن الزواج أصله التفاهم والحب والتعارف والمودة والرحمة، وفكرة توثيق الزواج لجؤوا إليها فقط لأن الحكومة أرادت ذلك، مشيرًا إلى أنه أمر طبيعي وإيجابي لتطور المجتمعات البدوية، بالإضافة إلى أن جميع الأزواج الآن يلجأون لتوثيق عقود زواجهم، وبالرغم من أنه أمر شكلي إلا أنه مهم في حالة رغبة الزوج في السفر إلى الخارج أو إتمام بعض الأوراق الحكومية أو الحصول على بطاقات لصرف التموين.

• التجمعات القبلية في الزواج الصحراوي

يُظهر الفيديو تجمعات العائلات من قبيلة النفيعات من بني سعد من هوزان بسيناء وذلك بوادي ثال، وحضر الاجتماع لتجهيز العُرس أبناء النفيعات من محافظات السويس، الشرقية، الإسماعيلية، القليوبية، الدقهلية، وشيوخ القبائل بها وتستمر الأعراس البدوية لمدة ثلاثة أيام متواصلة.

يتحدث موافي القاضي من مدينة أبورديس بمحافظة جنوب سيناء، قائلا إن القبائل يحكمها عرف أشد قوة من القانون، وكل شخص يأخذ حقه عن طريقه، وكذلك الزواج يكون على سنة الله ورسوله، والسبب فى عدم توثيق الزواج هو التكاليف المرتفعة للمأذون.

ووفقًا لبيانات المجلس القومي للسكان والمجلس القومي للمرأة في محافظات شمال وجنوب سيناء، فقد تم توثيق 216 حالة زواج خلال عامي 20162017 وتوثيق حالات لأزواج أعمارهم وصلت إلى 53 و50 و40 عامًا.

كما أطلق المجلس القومي للمرأة مبادرة "جنوب سيناء خالية من الزواج القبلي" وجاء من خلاله توثيق 150 حالة زواج بالتعاون مع خمس محافظات وتم تسليم عقود الزواج للحالات وبحضور مأذون شرعي لإتمام حالة الزواج والتوثيق.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل