المحتوى الرئيسى

فقط في السيدة زينب.. عطار برتبة عقيد

08/10 15:46

شعر أبيض يكسو الرأس لرجل سبعيني، وجهه مبتسم ونظراته ثاقبة، صوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وهو يتلو آيات القرآن الكريم، جعل الرجل يجلس متأملًا داخل محل عطارة، الذي عُلق على وجهته لافتة كبيرة مكتوب عليها: "هنا عطارة محمد عبد الغني يوسف، هنا عقيد الوصفات الطبية بالسيدة زينب"

يعود تاريخ المحل إلى أربعينات القرن الماضي، سوف يلفت انتباهك بمجرد أن تراه عيناك، ذاع صيت المحل بين أهالي حي السيدة زينب وما حولها، بوصفاته الطبية، أما مالكه سيادة العقيد مصطفي عبد الله، فبمجرد أن تبدأ معه بالحديث ستشعر أنك عدت إلى الزمن الجميل، الرجل يعد موسوعة علمية شاملة، ولكنها في شكل إنسان، تتحدث معه لساعات دون أن تمل من الحديث.

عندما تسمع الاسم للوهلة الأولى سوف يخطر ببالك سؤال هل هو عقيد أم عطار؟ في الحقيقه هو عقيد خدم بلاده على مدار ثلاثه وعشرون عامًا، مر خلالها بأحداث عسكرية يندى لها الجبين، فله تاريخ طويل من التضحيات والبطولات في سبيل الوطن، حتى ترك الخدمة عام 94، كانت خدمته في "سيناء"، وبعد كل هذا العمر الذي قضاه في الجيش ترك كل هذا وراءه غير مكترث، حتي يمتثل لوصية والده الذي أوصي بأن يظل المحال دائما في خدمة أهالي السيدة زينب.

يقول مصطفي عبد الله إن آخر شئ فعله والده القعيد هو أنه قال له أحملني كي أرى المحل، وكأنه يودع أحد أبناءه، فما كان من العقيد إلا أن يحافظ على تركة والده الغالية، رغم كل الضغوط الاجتماعية، وأعباء المعيشة التي واجهها، ولكنه أصر على تنفيذ الوصية إلى أن اكمل العشرون عامًا، وهو في هذا المحل.

الجانب الذي يعرفه الناس عن هذا الرجل هو "مصطفي العطار"، لكنهم أغفلوا أنهم بحضرة عقيد عظيم من أبطال الجيش المصري، ما يثير دهشتك علمه الواسع في مجال ما يسمي "بالطب البديل"، حيث قال أن معظم العقاقير الطبية تصنع من الأعشاب وأن الله لم يخلق داء إلا وخلق له دواء، وأن ما يميز الأعشاب عن العقاقير الطبية أنها آمنه على جسم الإنسان، لأنه يمتص ما يحتاجه منها، ويطرد الباقي.

بابتسامة عريضة برزت معالم وجه العقيد، المعالم التي أبت أن تختفي خلف قسوة الحياة وشقاءها، بصوتٍ هادئ قال: "أنا لا أصف أي عشبة للناس إلا إذا أطلعت على دراسات المركز القومي للبحوث عن تلك العشبة، وتأكده من فاعليتها العلمية، وإنها تم تجربتها بالفعل.

بصوت عالٍ وحماس شديدين يقول العقيد مصطفي متباهيًا إن حياته العسكرية قد علمته الأمانة والانضباط، لذلك اكتسب ثقة الناس بشكل كبير، وقال أن العديد من الناس يقصدونه طالبين دواء لمرض السكري، فيصف لهم عشبة "ساموا"، وهي نبتة نادرة لا تزرع إلا في سيناء، وقد ذكر أن فاعليته عالية في ضبط مستوي الأنسولين في الجسم، ومن يطلب دواء لضبط ضغط الدم يصف له "أوراق الزيتون"، أما اذا جاءه مريض بالقاولون فأنه يصف له "الصمغ العربي"، وهو له فاعلية عالية في تنظيف الجهاز الهضمي، وهناك زبائن دائمين للمحل يثقون في وصفاته الطبية.

الكثير من الزبائن يطلبون من الحاج مصطفى "الطقش المغربي"، ذلك النبات الأسطوري الأغلى في عالم الأعشاب، حيث إن سعر الجرام الواحد منه يصل إلى ألف جنيه، ويستخدمه الدجالون لتحضير الجان، وما شابه ذلك، وقال إنها من أغرب الأعشاب التي يمكنك أن تراها، حيث أن العديد من أوراقه تجده مكتوب عليه "لا اله الا الله"، ويرجع سبب ندرته إلى أنه نبات يستخرج من شجر صغيرة الحجم لا تنمو إلا في منطقه جبليه في صحراء المغرب.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل