المحتوى الرئيسى

«الوطن» مع الفوج الأول من حجاج القرعة.. «زغاريد ودموع وسيلفى»

08/10 10:17

بملابس بيضاء ناصعة، مزينة بعلم مصر، وبوجوه مغمورة بالفرحة والسعادة، وقف أعضاء أول فوج من حجاج بيت الله الحرام من حج «القرعة»، أمام باب دخول مبنى المواسم بمطار القاهرة، يتبادلون التهانى والدعوات والتقاط الصور التذكارية مع ذويهم، وسط أجواء ومشاعر متباينة، زغاريد وبكاء، وصياح، ودموع فرح. قضى حجاج بيت الله الحرام وقتهم فى التعارف على بعضهم تارة، وفى سماع نصائح الأبناء والأشقاء بضرورة الفوقان تارة أخرى، بعد أن وطئت أقدامهم مطار القاهرة بعد دقات منتصف الليل مباشرة. 

«سعاد»: «بنقدم بقالنا 4 سنين جت ليّا السنة دى وجوزى لأ.. وطلعنا من البيت الساعة 10 بالليل ووصلنا قبل ميعاد الطيارة بـ 6 ساعات.. و«سميرة»: رموا جوازات الحجاج فى قسم شرطة السنبلاوين والناس كانت بتدوّر بنفسها

مريم عباس، 60 سنة من مركز السنبلاوين، بمحافظة الدقهلية، تقول إنها كانت تتوق لزيارة بيت الله الحرام بعد سفر معظم أفراد أسرتها إلى الأراضى المقدسة فى الأعوام السابقة لأداء العمرة، ولم يخطر ببالها أن الله سوف يكافئها على معاناة العقود الماضية بالسفر لأداء الحج هذا العام، من بين كل أفراد عائلتها الذين تقدموا لأداء فريضة الحج هذا العام بالقرعة تم اختيارها لتدب الفرحة فى نفسها التى نال منها المرض قبل عدة أشهر، بلهجة ريفية أصيلة، تقول مريم صاحبة البشرة البيضاء والعيون الزرقاء: «لحد دلوقتى مش مصدقة إنى هروح أحج بيت الله الحرام، ومفيش أى كلمة هتقدر تعبر عن اللى جوايا، فرحانة أن ربنا كتبها ليّا السنة دى، وحاسة أنه بيعوضنى وبيكافئنى فى نهاية خدمتى لعيلتى الصغيرة والكبيرة، كنت حاسة أن ربنا هيفرّح قلبى، بزيارة مكة والمدينة، يا رب اكتبها لكل قرايبى وأولادى».

لم تذق السيدة الستينية طعم النوم منذ 48 سنة، بسبب توافد الزوار والأقارب على البيت لتهنئتها بالحج، وهى طقوس قديمة يقوم بها أبناء الريف منذ عقود، هى فرحة تشبه الفرح بالزواج عندهم تماماً، مع دقات منتصف الليل بدأ أبناؤها وبناتها فى تجهيز حقيبتها وكتابة اسمها، ووضع علامة ملونة عليها، حتى تتعرف عليها بسهولة بعد الوصول إلى المدينة «خدى بالك من الشنطة وصحصحى واعرفى لون العلامة الحمراء اللى على إيد الشنطة عشان ما تضيعش»، نصائح قالها ابنها الأكبر محمد الذى صحبها حتى المطار مع والده وشقيقاته وبعض الأقارب. 

معظم أعضاء الفوج من الدقهلية.. وأعداد السيدات تتفوق على الرجال والأطفال يلهون بعربات الحقائب.. والكبار يلتقطون الصور التذكارية

غادرت مريم بيتها بالدقهلية فى تمام الواحدة صباحاً، ووصلت إلى مبنى المواسم فى تمام الثالثة والنصف. تطلب مريم الدخول إلى دورات المياه للوضوء لتأدية صلاة الفجر، لكنها انزعجت بشدة من الزحام الكبير داخل دورات المياه ومن سوء حالة النظافة بداخلها، ومن ثرثرة عاملة النظافة التى كانت تقف بالخارج.

فى تلك الأثناء كان يتجول أحد الحجاج بين ضيوف الرحمن متسائلاً عن أسماء بعض القرى التى تجاور قريته «كفر قنصوف» بالسنبلاوين للتعرف على أقرانه قبل السفر، بالإضافة إلى سؤاله عن سيدة تربطه بها صلة قرابة من قرية أخرى، يجيبه أحد الموجودين «إحنا يا حاج من قرية العزاوى»، فيما يجيبه آخر: «وإحنا من الجلايلة»، ثم يتبادلون الحديث ويتعرفون على أسماء الحجاج المسافرين.

أمام بوابة الدخول جلست سعاد محمد، 57 سنة، من مركز الجمالية بالدقهلية مع ابنها وبعض أفراد عائلتها، ترتدى بطاقة تعريف بها الاسم والصورة، واسم وعلم مصر، تسأل بلهفة: «هما الستات دول لابسين الخمار الأبيض اللى عليه علم مصر من دلوقتى، نطلعه من الشنطة ونلبسه إحنا كمان»، لكن نجلها الثلاثينى يطلب منها الهدوء وعدم القلق، قائلاً: «البسيه هناك، الحكومة سلمتهولكم عشان محدش يتوه هناك بين الجنسيات التانية، إنتى معاكى الكارت وعليه علم مصر واسمك، وما تقلعهوش من رقبتك، وخدى بالك من شنطتك».

السيدة الريفية التى لم يسبق لها السفر لأى دولة فى العالم كانت فى حيرة من أمرها، لعدم معرفتها القراءة والكتابة وتعليمات السفر، ولم تكن تفرق بين تذكرة الطائرة وجواز السفر «خدى بالك من الجواز لو ضاع منك مش هتعرفى ترجعى، هو دا روحك هناك، إوعى تنسيه فى أى حتة يا حاجة» نصائح مشددة كان يقولها ابنها الثلاثينى. تضيف السيدة الخمسينية بنبرة مرتفعة ممزوجة بالفرح: «بنقدم بقالنا 4 سنين أنا وجوزى، لكن جت ليّا أنا والراجل لا، جيت فى ميكروباص واحد أنا وواحدة جارتنا من البلد وهنقعد مع بعض، الناس كلها طيبة وقعدتها حلوة ربنا يمتعنا هناك ويعوّض صبرنا خير».

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل