المحتوى الرئيسى

صحراء الوادى.. جبال مكسوة بالأعشاب والأشجار ونوبات مطر فى «الخريف والشتاء»

08/09 10:15

تمتلك «أرض الجمال»، ظهيراً صحراوياً متميزاً مكسواً بالجبال والأشجار، وسط تأكيدات من العاملين بمحمية وادى الجمال بأنه فى فصل الشتاء تكتسى الأرض بالأعشاب والخضرة، رافقنا فى جولتنا الجبلية والصحراوية أحمد عبدالرازق، مسئول الحياة البرية بـ«وادى الجمال»، وسعد منصور، سائقنا أحد أبناء قبيلة «العبابدة» وهم السكان المحليون لمنطقة المحمية.

بداية «الوادى» من ناحية البحر عبارة عن دلتا خضراء، مكونة من أشجار بلح السكر، ونخيل، ثم باستمرار سيرك فيه تجد «الوادى» مكسواً بأشجار وأعشاب، ولكنها ليست بالكثافة التى تظهر فى فصل الشتاء، حسب «عبدالرازق».

واستهل مسئول الحياة البرية بـ«المحمية»، حديثه لـ«الوطن» بوصف سكان القاهرة والأماكن المزدحمة بالسكان بـ«المظاليم»، موضحاً أن أغلب توقيتات عمله فى المحمية جعلته يعيش وسط الهدوء، والجمال، والهواء النقى، إضافة للمساحات الواسعة التى تريح الأعصاب، وتجدد نشاط وحيوية النفس البشرية، وأضاف أن «المحمية» سميت باسم وادى الجمال، لأنه يعتبر أحد المعالم المميزة للصحراء الشرقية، حيث يعتبر ثالث أكبر وادٍ فيها، ولفت إلى أن وادى الجمال يعتبر المصب الرئيسى لمعظم الأودية الموجودة فى المنطقة لو كانت هناك سيول فى المنطقة، لأنه محكوم بسلسلة جبلية، كما أنه منخفض عن معظم الأودية الفرعية الموجودة فى المنطقة، ما جعل المياه المنصرفة منه تؤسس «دلتا وادى الجمال»، وأضاف أن منطقة «وادى الجمال - حماطة»، تصنف ضمن المناطق الجافة الحارة التى يبلغ معدل سقوط الأمطار عليها نحو 4 ملليمتر سنوياً، موضحاً أن الأمطار تتساقط عليها بصفة رئيسية فى شهور الخريف والشتاء، ولكن ليس بصفة سنوية وإنما موسمية ومحلية، وغالباً ما تكون فى شكل نوبات مطر قصيرة وكثيفة تتسبب فى حدوث سيول، وأوضح أن درجات الحرارة بها تتراوح بين 14 و21.7 درجة مئوية خلال فصل الشتاء، وبين 23.1 و46 درجة مئوية خلال فصل الصيف، وشدد «عبدالرازق» على أن «الوادى» تبلغ مساحته 1840 كيلومتراً مربعاً، ويعتبر من الأماكن التى لها خصائص فريدة ومميزة؛ فمثلاً تعيش به حيوانات برية مثل الغزال، والتيتل، والقط أم الريشات، والضباع، بالإضافة لسكان محليين يعتبرون مورداً من موارد المحمية، وهم قبيلة «العبابدة».

مناجم أحجار كريمة منذ آلاف السنين.. وجبال غنية بـ«الحديد وأحجار الزينة والمنجنيز والبازلت والكوارتز».. وأبحاث لاكتشاف اليورانيوم

وبمواصلة السير داخل «الوادى» تجد عن يمينك ويسارك سلسلتين جبليتين مختلفتى الألوان، وقال «عبدالرازق»، إن بهما الكثير من الموارد والخيرات الطبيعية، والخامات التعدينية ذات القيمة الاقتصادية؛ فهناك جبال منها من الكوارتز، وآخر البازليت، وحجر جيرى، وحديد، إضافة للزمرد، وأحجار الزينة ذات الانتشار الواسع، والرصاص، والمنجنيز، والتلك، والألمنيت، والذهب، وأشار مسئول الحياة البرية فى المحمية إلى أنها تمتد لمسافة نحو 50 كيلومتراً داخل الصحراء الشرقية، بطول نحو 50 كيلومتراً، مشيراً إلى أن تلك المساحة تزخر بموارد جيولوجية ومناظر ذات قيمة جمالية عالية، ولفت إلى أن المحمية يوجد فى نطاقها الصحراوى تراث حضارى يتمثل فى آثار ما قبل التاريخ، ورسومات صخرية تنتشر فى المنطقة، التى تسجل أنشطة الإنسان فى تلك الحقبة، كما تضم رفات العارف بالله «أبى الحسن الشاذلى»، الذى أصبح مزاراً سياحياً للزوار المصريين، والعرب، والأجانب الذين يرتادون الصحراء الشرقية، وتنتشر فى النطاق الجبلى لـ«المحمية»، بكثرة أشجار وأعشاب لها قيمة طبية عالية فى مجال علاج أمراض المعدة، ومنها «السواك»، وهناك أبحاث تجرى على بعض المناطق التى قد يوجد بها خام اليورانيوم فى الجبال.

وأثناء رحلتنا توقف «ابن العبابدة» بالسيارة، ليتفقد آثار سيارة فى الرمال، قبل أن يتم التعرف على السيارة من آثارها فقط أنها تتبع أحد الأفراد الذين يعرفونه، لنستمر فى السير، وقال مسئول الحياة البرية إن هناك 37 موقعاً تعرف بـ«الحزام النارى» داخل المحمية، يوجد بها خام الذهب، مشيراً إلى أن هناك بعض الأفراد الذين ينقبون فيها بشكل عشوائى، وغير شرعى، وأن الدولة تتخذ الإجراءات القانونية حيالهم، فضلاً عن وجود 141 نوعاً من النباتات فى المحمية، منها 55 نوعاً من النباتات المعمرة، و70 «نوع حولى» من النباتات سريعة الزوال، و16 نوعاً شبه دائم، وأوضح أن النباتات تمثل أهمية كبرى للسكان المحليين فيها، حيث تم تسجيل 135 نوعاً ذات أهمية رعوية لهم، سواء للجمال أو الغنم، ومنها «السيال»، والبسلة»، و«العضيد»، والأرا»، و«السهانون»، بالإضافة لوجود 38 نوعاً من النباتات تستخدم فى الطب الشعبى التقليدى مثل «بلح السكر»، و«الحنضل»، و«العفين»، و«الأراك»، و«الحرجل»، بالإضافة إلى 30 نوعاً مستساغة للأكل أو كمشروبات، و12 نوعاً تستخدم كمصادر وقود، و8 لصناعة المعدات، والأثاث المنزلية، وإنشاء المساكن التقليدية، ومن الممكن دراسة استغلال النباتات الموجودة فى نطاق المحمية بما لا يؤدى لتدهورها بشكل اقتصادى، ما قد يساعد على ضخ استثمارات كبيرة فى صناعة الدواء.

وتسلقنا عدداً من الصخور فى النطاق الجبلى للمحمية، لنشاهد بها عدداً من الكائنات الحية، مثل الماعز والأغنام، وحيوان «العجمة»، أو ما يعرف باسم «حردون البحر الأحمر»، ثم ظهرت مجموعة من الأحجار المبنية بشكل يشبه أطلال غرف قديمة، وقال «عبدالرازق» إنها كانت غرفاً لاستخلاص الزمرد من الجبال، وبيعها، حيث إنها أحجار لها قيمتها الاقتصادية، ووجدنا فى أرض تلك الغرف بقايا صغيرة للغاية من تلك الأحجار، وكانت ذات لون أخضر، وقيل إن الرومان فى قديم الأزل كانوا يستخدمون الأفيال، والجمال فى البحث عن الزمرد ونقله لمكان استخلاصه، والتعامل معه. وبمواصلة رحلتنا شاهدنا أعداداً كبيرة من الجمال المنتشرة تحت ظل الشجر، للاحتماء من حرارة الشمس المرتفعة خلال فصل الصيف، فيما كان بعضها يأكل من تلك الأشجار.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل