المحتوى الرئيسى

من أمريكا إلى الشيخ إمام.. كيف تناول الفن فضيحة الرئيس "نيكسون"؟

08/08 22:55

في الثامن من أغسطس 1974 جلس الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون أمام مواطني الولايات المُتحدة الإمريكية، ممسكا بأوراق يقرأ منها، فيما ينتصب علم الدولة على يساره. صمت قليل ساد المشهد، قطعه نيكسون بقوله "هذه المرة السابعة والثلاثين التي أتحدث لكم من هذا المكتب.. حيث تم اتخاذ قرارات كثيرة غيّرت التاريخ".. كانت تلك مقدمة فقط لما أذاعه الرئيس السابع والثلاثون؛ إذ استقال من الحكم، بعدما تمّت إدانته في القضية المعروفة باسم "ووتر جيت".

عام 1968 فاز نيكسون مُرشح الحزب الجمهوري، على منافسة هيوبرت همفري بنسبة 43.5 %، ما جعل عملية فوزه في جولة انتخابية أخرى عام 1972 أمرًا عسيرًا.، هكذا بدأت القصة الأشهر في الصحافة العالمية؛ إذ تم القبض على خمسة أشخاص يزرعون أجهزة تنصت داخل مقر الحزب الديمقراطي المنافس، لتتجه أنظار التحقيق إلى معاوني الرئيس نيكسون، وفي تلك الأثناء كان صحفيا جريدة الواشنطن بوست، بوب وودوارد وكارل برينستن ينشران تقاريرا معتمدة على مصادر مجهولة مقربة من مؤسسة الرئاسة تحدثت عن ذلك التجسس.

انتهى الأمر عام 1974 حين أدانت المحكمة الدستورية العليا نيكسون بتهمة الكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي، وأفضى الأمر في النهاية لتقديم الرئيس استقالته. وبذلك يُعتبر هو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي ترك الحكم قبل انتهاء ولايته.

مصراوي رصد بعض الأفلام الروائية والتسجيلية التي تناولت جوانب مختلفة من حياة الرئيس المثير للجدل، فيما تحدثت عنه أغنية مصرية واحدة.

3 ساعات و12 دقيقة هي مُدة فيلم "نيكسون". ذلك العمل الذي جسّد فيه الممثل البريطاني أنتوني هوبكينز دور الرئيس الراحل. في الخامس من يناير 1996 عُرض الفيلم في الولايات المتحدة الأمريكية. لم يركز فقط على فضيحة "ووتر جيت"، بل تناول حياة نيكسون المُتوفي عام 1994، منذ طفولته وحتى آخر لحظة له داخل البيت الأبيض.

في ولاية كاليفورنيا وُلد الرئيس عام 1913. فقد أخويه بسبب مرض السُل. لم تكن طفولته سعيدة، لذا حاول المخرج أوليفر ستون ربطها بحياته التالية وقراراته. نيكسون –داخل الفيلم- رجل مُعذب. يعاني من "أشباح ماضيه".

حاز الفيلم على آراء جيدة من النُقاد. أثنى بعضهم على أداء هوبكينز، والتفاصيل الإخراجية لستون. لكن آخرين رأوا أن العمل دفع الجمهور للتعاطف مع الرئيس المُستقيل، رغم أنه يُحمله مسئولية "العار الذي جلبه للرئاسة الأمريكية".

رُشح الفيلم الشهير لأربع جوائز أوسكار؛ عن أفضل ممثل، ممثل مساعد، أفضل سيناريو مكتوب بمشاركة كل من ستيفن ريفيل، كريستوفر ويلكنسن، وأوليفر ستون، كما رُشح لجائزة أفضل موسيقى تصويرية.

لم تُركز الأفلام التي تناولت نيكسون على شخصه فقط؛ فعقب استقالته بعامين اُذيع فيلم "كل رجال الرئيس"، ليتحدث عمّا فعله الصحفيان وودوارد وبرنستن كي يحصلا على ما أُطلق عليه "أكثر قصة استقصائية مدمرة في تاريخ القرن العشرين".

في ساعتين و18 دقيقة نقل الممثلان داستن هوفمان وروبرت ردفورد دور الصحفيين اللامعين. بداية من تفنيد المعلومات التي نُشرت عن أجهزة التنصت في مكتب الحزب الديمقراطي، وحتى تهديد حياتهما بعد البحث في شبكة متداخلة من الأشخاص الذين ساعدوا الرئيس للتجسس على منافسيه، واستخدام تلك المعلومات للفوز في الانتخابات.

لم يمر الفيلم مرور الكرام؛ إذ حصل صانعه جايسون روبرتس على جائزة أفضل مخرج في أوسكار 1977، فيما حصل الكاتب ويليام جولدمان على أفضل سيناريو، كما حصد جائزة أفضل ديكور، وأفضل أصوات، كما رُشح لأربع جوائز أخرى من الأكاديمية، وحصل على جوائز عديدة من الجولدن جلوب والبافتا.

بعد أقل من عام على حرب أكتوبر عام 1973، وتحديدا في الـ 7 من يونيو عام 1974، زار الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون مصر، في زيارة هي الأولى تاريخيا لأي رئيس أمريكي إلى مصر.

تم استقبال نيكسون بحفاوة كبيرة من قبل الرئيس الأسبق أنور السادات، وكانت الزيارة ملمح من ملامح انتقال السياسة المصرية تجاه القطب الأمريكي، بعد عقود من التحالف المصري الروسي في خضم صراع طويل مع العدو الإسرائيلي.

بعد وصول الرئيس الأمريكي إلى مصر، كتب شاعر العامية أحمد فؤاد نجم قصيدته "شرفت يا نيكسون بابا"، التي حملت كلماتها نقدا حادا في الحفاوة التي تلقاها الرئيس الأمريكي على يد الرئيس المصري وزعماء العرب، في الوقت الذي يعاني فضيحة الاشتراك في التجسس على الحزب الديمقراطي، وهو المنافس الانتخابي لحزب نيكسون الجمهوري.

لحن الشيخ إمام كلمات نجم وغناها بعد ذلك، مما استفز السلطات المصرية في حينها، خاصة أن الأغنية حملت سخرية نجم من سياسة الرئيس الراحل أنور السادات، بعدها تم معاقبة نجم وتلفيق له قضية حملت رقم "501 أمن دولة عليا"، وقد وجهت النيابة له تهمة الإساءة لرئيس الجمهورية.

تحاشت السلطات اتهام نجم بإهانة رئيس دولة أجنبية، نظرا لما تعرض له الرئيس الأمريكي في بلاده من حملة صحفية شرسة، كما حظيت الأغنية الشعبية بانتشار واسع في أوساط الدول العربية.

عقب ثلاثة أعوام من استقالة الرئيس نيكسون أقنعه الصحفي والمذيع البريطاني دايفد فروست بالظهور على التلفاز ليشاهده العالم أجمع. وافق الرئيس على الخروج من عزلته، ظنا أن الحديث قد يُحسّن صورته، غير أن الوضع اختلف، إذ تحول نيكسون لفريسة إلى المذيع، واستطاع الأخير انتزاع اعتراف منه يقول فيه إنه خذل الدولة والمواطنين... كانت تلك القصة حقيقية، إلا أن فيلم "نيكسون وفروست" استطاع اللعب عليها قليلا والاعتماد على خيال الكاتب، والاستعانة بكواليس حقيقية من الحوار.

رون هوارد هو مُخرج الفيلم الصادر أوائل عام 2009 في الولايات المتحدة، فيما لعب الممثل الأمريكي فرانك لانجيلا دور الرئيس، والممثل مايكل شين دور فروست.

خلال ساعتين استطاع الفيلم نقل حالة التوتر داخل الاستديو بين الرئيس والمذيع، وحالة النديّة والتحدي التي ظهرت أحيانا. ورغم عدم حصوله على أي من جوائز الأكاديمية، غير أنه تم ترشيحه لخمس جوائز؛ أهمها أفضل دور لممثل رئيس، وأفضل مخرج، وأفضل نص مأخوذ عن قصة حقيقية لبيتر مورجان.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل