المحتوى الرئيسى

حكاية شارع "ونجت".. من الياسمين والفيلات إلى التكاتك والعمارات الشاهقة - إسكندراني

08/08 14:26

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

“من على بعد كنتي تشمي ريحة الياسمين فايحة، والفيلات كانت من أول الشارع لآخره، وكانت الكارِتَّات رايحة جاية في الشارع، بس عيبه الوحيد كان إنه بعد الساعة 5 هادي وضلمه، ترمي الإبره فيه ترن”، بهذه الكلمات وصف خالد البوريدي، أحد أقدم سكان شارع ونجت، لمحررة “إسكندراني”، مشهدا للشارع في منتصف القرن الماضي.

يقع شارع ونجت بمنطقة بولكلي بالإسكندرية، هو شارع متفرع من شارع مصطفى كامل.

أما في منتصف الثمانينيات تبدل هذا المشهد، كما يوضح البوريدي قائلا “فقد بدأ حال الشارع يختلف”، مضيفا، وتختفي الفيلات تدريجيا، لتحل محلها العمارات الشاهقة، و تحل معها السيارات والميكروباصات بدلا من الكارِتَّات، ثم حديثا مع الألفية الجديدة، ظهرت التكاتك، وحلت الضوضاء محل الهدوء، وأصبح الشارع مزدحما يعج بالضوضاء، عكس مشهده في القرن الماضي.

ويضيف البوريدي قائلا “آخر الشارع في حتة اسمها “حجر النواتية”، ديه ماكنتش زي دلوقتي زحمة وزبالة وتكاتك، كانت غيطان مزروعة وجميلة”.

وعند دخولك لشارع ونجت، في حالته الحديثة، فإن أول ما يصادفك هي أكوام القمامة المتراصة بجوار مكان انتظار “الأتوبيسات والمشاريع”، أمام نادي القضاة الذي يقع على يمين الشارع، بالإضافة لوجود عدد كبير من التكاتك التي ينادي سائقيها “حجر ..حجر” .

ويشير البوريدي بإصبعه ناحية الفيلتين الوحيدتين الباقيتين في الشارع، إحداهما في أول الشارع، والأخرى في نهايته، قائلا “فهذا كل ما تبقى من ذكريات شارع الياسمين في الماضي، ومثله شارع لافيزون المجاور له، الذي أيضا كان يشتهر بالفيلات”، ويروي البوريدي أن من أقدم العائلات التي سكنت الشارع، هي عائلة “طبليه”، وعائلة “محمد حسن“، وعائلة “محمد مصطفى”، وعائلة “إبراهيم حبشي”، لافتا إلى أن أغلب سكان الشارع في الماضي، هجروه بعد تبدل مشهده إلى شكله الحالي.

و عند السير في شارع ونجت، تجد الميكروباص تتحرك من أول الشارع إلى “منطقة حجر النواتية“، وعلى جانبي الشارع تجد العديد من العمارات المرتفعة متعددة الطوابق.

و يذكر أنه في الفترة الماضية تعددت شكاوى المواطنين سكان الشارع، من تجاوزات قائدي مركبات التوك توك والدراجات النارية بالمنطقة، وقامت في مايو الماضي، حملة مرورية مكبرة بقيادة للواء مصطفى النمر مدير أمن الأسكندرية السابق، استهدفت شارع ونجت وسيدى جابر لضبط مركبات التوك توك المخالفة، لكن لايزال مشهد الشارع الذي تبدل كما هو.

يقول حسني كريم، مهندس زراعي ووكيل وزارة سابق على المعاش، و أحد أقدم سكان الشارع، إن العقار الذي سكنه منذ ستينيات القرن الماضي، كان هو العمارة السكنية الوحيدة وسط الفيلات المشيدة على جانبي الشارع، ويسرد من ذاكرته قائلا “كان صاحب العقار يدعى الحاج علي عبد العال، والمقاول كان يدعى عاشور متولي، قاما ببناء العمارة على الأساس المعماري لفيلا قد قاموا بشرائها، وأخدنا شقة فيها،وتزوجت وعشت هنا“، ويضيف “كانت هناك مواعيد للتاكسيات تدخل فيها الشارع، غير المنظر الموجود حاليا، وكان في آخر الشارع يوجد تاجر موز شهير، أصبح مكانه مقر لشركة نحاس”.

و يضيف “كان الشارع متسفلت، والصرف فيه معمول صح، لكن حديثا لما جددوا شبكات الصرف الصحي، مابقتش زي الأول، والمجاري بتتطفح”.

و يتابع كريم “كانت منطقة حجر النواتية كلها غيطان, لكن كل المعالم ديه اتغيرت، و أولادي ما بقوش عرفين يعيشوا في المنطقة بعد التغير اللي حصل فيها، اللي بدء من الثمانينيات، بهدم الفيلات واستبدالها بالأبراج الشاهقة، ورغم أنه تم تغيير اسم الشارع من ونجت إلى محمد فريد، لكن ظل اسم ونجت هو المتداول بين الناس”.

تقول أمنية محمد، من سكان الشارع في نهاية العقد الثاني من العمر، “إنها ولدت في هذه المنطقة و عاصرت وجود بعض الفيلات فيها، وعاصرت أيضا هدوءها والأشجار التي كانت تملؤها ورائحة الزهور فيها، و صوت العصافير الذي كانت تستيقظ عليه في طفولتها”.

وبشيء من الحزن و الحسرة تستكمل حديثها “رويدا رويدا بدء الهدوء و الشكل الجمالي للشارع يتغير، وتبدل بالعمارات الشاهقة، وبصوت الزحام وضوضاء السيارات والتكاتك”، مما دفعها هي وأسرتها إلى ترك المنطقة .

وأوضح الدكتور محمد عوض، رئيس اللجنة الفنية للحفاظ على التراث بالإسكندرية،  لـ”إسكندراني” أن شارع ونجت هو أحد الشوارع الموجودة في حي “بولكلي”، و حي بولكلي يرجع تسميته لضابط في الجيش الإنجليزي كان يسكن في الشارع، وهو أحد مؤسسي سكة حديد الرمل، و هذه المنطقة خططت بواسطة شركة إنجليزية, و هذا الحي كان يقطنه الكثير من الإنجليز، لأن منزل المندوب السامي البريطاني كان في منطقة رشدي، وكانت جميع المباني بها فيلات، وأغلب أسماء الشوارع بها سميت على أسماء إنجليز.

و يتابع عوض “تعتبر عائلتي من أوائل من أمتلك فيلات في هذا الشارع، و كانت مكونة من طابقين، ولاتزال في الشارع حتى الآن، وكان لدينا فيلا أخرى ملك أخي، قمنا ببيعها و هي مدرجة في مجلد التراث، لكن في غفلة أحرقت وتصدعت وسقطت من الحريق”.

ويختتم حديثه “للأسف أغلب الفيلات اللي كانت في الشارع قام ملاكها برفع دعاوى قضائية لإخراجها من مجلد التراث، ولقد صدر لهم أحكام بخروجها من التراث، وبذلك أصبح –للأسف- أمر هدمها سهل بالنسبة لهم”.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل