حكايات من مدبح مصر (1) | المصري اليوم

صدر مؤخراً عن الهيئة العامة لقصور الثقافة كتاب: (درب المسمط) للكاتب والفنان التشكيلى «سعيد الجزار»، ويتناول فيه العالم الفريد الثرى لمدبح مصر والقوى المسيطرة عليه من مُعلمين، جزارين، صبيان، خطافين، ويتناول فيه تقاليد الذبح عند اليهود المقيمين فى مصر، والمجوس الذين كانوا فى خدمة الاحتلال البريطانى ويذبحون مواشيهم أيضاً فى مذبح مصر، كما يأخذنا إلى عالم المسمط (وهو المطعم المتخصص فى بيع اللحوم رخيصة الثمن، التى تتمثل فى رأس وأحشاء الذبيحة، وهى ما يطلق عليها الفقراء «الحلويات»، وهى لحوم الذين لا تسعفهم ظروفهم بشراء اللحوم الحمراء، وحاليا لم يقتصر شراؤها على الفقراء، بل يقبل عليها الأغنياء والنخب). ولأننا فى أيام مباركة وسيحل عيد الأضحى قريبا، رأيت أن أورد لكم بعض حكايات هذا الكتاب الجميل.

والحكاية الأولى عن «سوق الحتت»، وهى سوق القطع الصغيرة من الذبيحة، وكان الجزارون من أصحاب الذبائح يتخلصون من هذه الحتت إما لسرعة فسادها بعوامل الجو مثل قطع الحلويات والنفوس وزوائد الكبدة، وإما لعدم جودتها مثل الشغت و«الدبر» (عضو التذكير عند الحيوان) الذى يطلق عليه اسم شائع آخر هو «الحلايل» ويُنادى به على الملأ من طرف بائعات الطبالى: «حلايل عمدان السراير وستر البيوت من الجراير»، أو يحمل النداء بعداً اجتماعياً مثل «حلايل تغنيكى عن الضراير».

كذلك كان من هذه الحتت قطعة «اليهودية» نسبة إلى اليهود الذين كانوا يعيشون بمصر ويعطونها كأجر للبشكار الذى يقوم بتجهيز ذبائحهم، لأنها حسب شريعتهم محرمة عليهم فى التوراة، وكانت قطعة «اليهودية» عبارة عن غشاء سميك يفصل البطن عن باقى الجسم، وهى خليط من نسيج اللحم الأحمر والدهن تزن حوالى ثلث كيلو جرام.