المحتوى الرئيسى

«المستشفى الجامعى».. فوضى فى «الاستقبال» ونقص فى «التخصصات الدقيقة»

08/07 10:13

ارتفاع درجات الحرارة مع وصول قرص الشمس الهائل إلى منتصف السماء، كان يجبر الكثير من المواطنين على عدم السير فى الشوارع والتزام البيوت، إلا من ساقته الظروف، أو دفعته الأحداث دفعاً، إلى قسم الاستقبال بمستشفى جامعة قناة السويس بالإسماعيلية الذى يستقبل حالات الطوارئ لمدة 4 أيام فى الأسبوع، داخل الطابق الأرضى بقسم الاستقبال كان يجرى تقديم الإسعافات الأولية إلى عشرات المرضى على قدم وساق، من خلال أطباء نواب كثيرين، لم تكن تمر 5 دقائق دون وصول حالة مصابة فى حادثة طريق أو سقوط من مكان مرتفع، أو حدوث مضاعفات شديدة للمرضى المزمنين، وأمام هذا التدفق الشديد كان يقوم المسعفون بنقل المصابين إلى غرفة الإسعافات الأولية بسرعة، وبعد دخول جميع المرضى إلى الداخل كانت تظهر كمية كبيرة من دماء المصابين بوضوح على أرضية قسم الاستقبال وكان يسير البعض بشكل سريع ومتعجل، فوق الدماء، وظل الوضع على هذا الحال لمدة نصف ساعة حتى قامت إحدى عاملات النظافة بتنظيف الدماء.

على أحد الأسرة الموجودة بساحة الاستقبال كان يرقد ميخائيل جورج، 55 سنة، يبدو من وجهه الشاحب، وصوته الضعيف، أنه مصاب بمرض مزمن. أشار بيده إلى شاب كان يسند ظهره إلى الحائط، ليأتى إليه، واستجاب الشاب الثلاثينى لطلبه، ومشى خطوات معدودات حتى وصل إليه، وظن أنه سيطلب منه أن يساعده فى النهوض، أو النداء على الأطباء لمتابعة حالته، لكن الرجل المريض طلب منه بعض النقود حتى يستطيع العودة إلى قريته بمركز القصاصين، التابع لمحافظة الإسماعيلية، وبالفعل استجاب الشاب لطلبه وأعطاه نقوداً بعد أن سأله عن طبيعة مرضه فقال إنه مصاب بتليف كبدى وإنه أتى إلى قسم الاستقبال ليقوم بإجراء عملية بزل سريعة لإنزال المياه الزائدة من جسده فى أكياس بلاستيكية يصل حجمها إلى 500 جرام، وقال إنه يأتى إلى الاستقبال بشكل دورى عندما تزيد نسبة المياه فى جسده لأن الأطباء فى مستشفيات القصاصين والتل الكبير لا يستطيعون عمل البزل له.

«ساهر»: «24 سرير رعاية مركزة بيخدموا مليون مواطن وربع».. و«الجاويش»: أعددت تقريراً عن الوضع الصحى بالمحافظة والنتيجة سيئة

فى زاوية متسعة من قسم الاستقبال جلس محمد عبدالسلام 55 سنة على ترولى منتظراً أحد المسعفين، بعد أن أخذ بطاقته كرهن حتى يعيد إليه الترولى مرة أخرى، وظل الرجل جالساً هكذا لمدة تزيد على ساعتين حتى مل من الانتظار وظل يسأل العاملين عن هوية الشخص واسمه دون جدوى، ودخل فى مشادات كلامية مع أقاربه تارة ومع بعض العاملين بالمستشفى تارة أخرى وكان صوته وهو ينادى على المسعفين بالاستقبال والمسعفين التابعين لهيئة الإسعاف مرتفعاً جداً حينما كان يقول: «والنبى يا أستاذ ما تعرفش توصلنا بواحد زميلكم أخد منى البطاقة لحد ما أرجّع الترولى تانى، سألته عن اسمه قال لى أنا واقف هنا على طول، وبعد ما طلعت الحالة اللى معايا ورجعت له مش لاقيه»، قلق الرجل الخمسينى على بطاقته الشخصية لم يخففه طمأنة موظفى قسم الاستقبال: «افرض أنا مشيت دلوقتى وسبت البطاقة واحد ياخدها ويعمل مصيبة بيها ويلبسنى أنا، مش ماشى إلا لما أشوف بطاقتى راحت فين، هو أنا يعنى كنت هاخد الترولى وأروح بيه بيتنا، دا أنا ماشى بيه جوا المستشفى، إيه الهم اللى إحنا فيه دا يا ربى، يعنى هنلاقيها من المرض ولا تناحة الموظفين».

بعيداً عن زحام قسم الاستقبال كان عشرات المواطنين يفترشون البلاط فى طرقات المستشفى المتسعة انتظاراً للصعود إلى أقاربهم من المرضى فى أوقات الزيارة الرسمية بداية من الساعة 2 ظهراً، وتفاوتت آراء المواطنين حول مستوى الخدمة الطبية المقدمة بمستشفى الجامعة، حيث أشاد البعض بتعاون الأطباء والعاملين وانتقد البعض الآخر طول الإجراءات الروتينية وغياب بعض الأطباء ومعاملة الممرضين الحادة.

«القناوى»: صرفت 15 ألف جنيه على الأشعة فى محافظة تانية و«عبدالسلام»: «الموظفين أخدوا بطاقتى رهن عشان الترولى»

أمام مبنى الأورام كان يجلس محمد القناوى، 55 سنة، مقاول بناء على دكة خشبية تعلوها مظلة بلاستيكية، منتظراً خروج ابنه من المستشفى ليبلغه بانتهاء إجراءات الدخول والحجز بها، حيث أمضى ابنه العشرينى ساعات طويلة فى إنهاء الأوراق الخاصة بالحجز. يقول «القناوى» بصوت واضح والابتسامة تعلو وجهه: «رُحت لـ3 دكاترة فى الإسماعيلية عشان يكشفوا عليا بعد ما بطنى تعبتنى جامد، وكلهم ما عرفوش فيا إيه، وبعتونى على الزقازيق وعملت أشعة وتحاليل بـ15 ألف جنيه، عشان الزقازيق أفضل من الإسماعيلية فى الخدمات الطبية، وبس برضه بدون فايدة، بطنى كانت تعبانى من تحت وهما كانوا بيكشفوا على المعدة والكبد والكلى والبنكرياس لكن مفيش حد فيهم فكر إن القولون ممكن يعمل فيّا كدا، لحد ما فى يوم رحت للدكتور اللى كان متابع معايا وشغال هنا فى الجامعة وشتمته واتخانقت معاه فى العيادة وقلت له أنا اتبهدلت ومفيش حل، أنا آخر جزء فى بطنى هو اللى بيوجعنى اكشف عليه بس، وبعتنى عملت أشعة واكتشف أن القولون تعبان وفيه ورم». ويضيف الرجل بنبرة مرتفعة: «بعد ما اكتشفنا الورم الدكتور قال لى عشان تعبك ولفك على معامل التحاليل أنا هأخدمك. وفعلاً خدمنى خدمة كبيرة جداً، عملت قرار العلاج على نفقة الدولة فى يوم واحد أو يومين اتنين، بعد ما دخلت الجامعة واتحجزت عشان أعمل العملية وفعلاً عملت عملية استئصال القولون وبتابع أخذ جرعات الكيماوى كل شهرين، وفى الوقت دا عرفت قيمة إنه خدمنى لأنى شفت ناس حالتها على قدها، كانت تعبانة من كتر اللف والدوران على إنهاء قرار العلاج على نفقة الدولة وقعدت أكتر من أسبوع منتظرة القرار، وهما فوق بيخافوا منى، لأنى بأزعق وبأشخط فيهم لما بيلعبوا ومحدش بييجى فى وقته». ويقول محمد صبرى الجاويش، باحث طبى مقيم فى الإسماعيلية: «كنت مشاركاً فى إعداد تقرير عن متابعة الأداء الحكومى فى قطاع الصحة وللأسف المنظومة الصحية فى الإسماعيلية إن لم تكن فاشلة فهى سيئة جداً، على مستوى الأطباء والأدوات والمعدات والمبانى، وكل عناصر هذه المنظومة تحتاج إلى إعادة تأهيل، وقياس درجة تقدم الطب وانضباطه لا يتوقف على درجة جمال مبانى المستشفيات من الداخل والخارج، لكن بمستوى الخدمة المقدمة للمريض ومدى جودتها وانضباطها لكن المرضى فى الإسماعيلية يشترون الأدوية من خارج المستشفيات على نفقتهم الخاصة، ولا يجدون بعض التخصصات الدقيقة التى تنقذهم من معاناة السفر إلى القاهرة».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل