المحتوى الرئيسى

اليمن: كارثة الكوليرا نداء تحذير في أزمة مهملة

08/06 16:09

عادت روث كونده، من منظمة أطباء بلا حدود مؤخرًا من إدارة فعاليات الممرضين في مستشفى عبس، بؤرة علاج وباء الكوليرا اليمني. تصف كونده جهود فريقها في تجنب الكارثة الوشيكة.

"أذكر نظرات الحزن على وجوه فريقنا في مستشفى عبس عندما جاءت النتيجة إيجابية للكوليرا. وكنا أصلًا مُجهدين من العمل. فقد كانت هناك حالات تفش لمرض الحصبة والسعال الديكي وذروة الملاريا، كما كنا نعالج عددًا كبيرًا من جرحى الحرب. وكان الكوليرا آخر ما نريد ظهوره.

عندما تفكر بالعوامل التي تعرض الناس للإصابة إلى الكوليرا، تجد أن اليمن بشكل عام، وعبس بشكل خاص، لديها كل ذلك. فلديك نظام صحي تهالك بشكل كبير بعد أكثر من عامين من الحرب المستمرة. ولديك قلة في الطاقم الطبي الذي لم يتلق أجره منذ شهور والذي تتصف موارده بالمحدودية. كما لديك الشعب النازح الفقير الذي ليس لديه إلا القليل من ماء الشرب النظيف، وليس لديه الغذاء الكافي، ومنه الكثيرون الذين يعانون من أمراض أخرى أيضًا.

في البداية كانت الكوليرا متقطعة الحالات في عبس. كان لدينا عدد محدود من المرضى الذي أتوا جميعًا من نفس المنطقة. مع ذلك كان من الواضح لدينا في منظمة أطباء بلا حدود أن علينا أن نعمل بسرعة. لذا قمنا بحملات استكشافية، وأنشأنا شبكات تواصل في المنطقة، وتبرعنا بالمعدات الطبية ودرّبنا الطاقم الطبي في المراكز والمنشآت الصحية في المنطقة لضمان علاج الحالات المعتدلة على الأقل في المناطق النائية.

ولكن في مايو / أيار، انفجر الوضع. وصرنا نستقبل من 20 إلى 30 مريضا في اليوم الواحد، ومن مناطق أبعد. وقُرعت أجراس الإنذار وشعرنا أن الوضع بدأ يخرج عن السيطرة. لذلك ضاعفنا جهودنا وقمنا بإنشاء مركز علاج للكوليرا في مدرسة مجاورة، بالإضافة إلى المستشفى. لدى المستشفى حاليًا 100 سرير وقد قمنا بتوظيف 100 موظف صحي إضافي.

عبس ليست الوحيدة التي تفشى الكوليرا فيها، ، وإنما هي المنطقة التي انتشر فيها المرض بأسرع وقت ممكن. فقد حصد المرض حياة ما يزيد على 1600 مريض وأصاب ما يزيد على 269 ألف شخص. ففي آخر يونيو / حزيران، استقبلنا ما معدله 400 مريض يُحتمل إصابتهم بالكوليرا في كل يوم.

أذكر يومًا حين بدأ الوباء بالتفشي. كنت أحضر محلول مياه فموي عندما استقبلنا على حين غرة عددًا هائلًا من المرضى. من بين المرضى كانت فتاة عمرها يقارب الستة عشر عامًا في حالة من الصدمة. وحالما وصلت انهارت وتوقفت عن التنفس. ووضعناها على جهاز تنفس اصطناعي، وسرعان ما حقنها الفريق بالسوائل حتى استطاعت أن تتنفس لوحدها من جديد. وفي اليوم التالي استطاعت أن تعتني بنفسها. وكان تعافيها مذهلًا.

لحسن حظنا، كانت تلك النغمة السائدة. وبعمل فريقنا على مدار الساعة استطعنا أن نبقي معدلات الوفاة بين واحد واثنين بالمئة. فبدون العلاج المناسب الذي يتلقاه المريض في الوقت المناسب، بإمكان معدل الوفيات بسبب الكوليرا أن يصل إلى خمسين بالمئة. لا يهم إن كنت غنيًا أو فقيرًا، أو ذكرًا أو أنثى، أو شابًا أو مسنًا – فطالما أن العلاج جيد وسريع، ستكون النتائج سحرية. حتى المرضى الذين يأتون بحالة بائسة لا يظلون على حالهم بعد أربعة أيام. قد يكون التغير بالغ السرعة. ويمكن أن نُخرج المريض بعد بضع ساعات إذا كانت حالته مبكرة بشكل كافٍ وبإمكانه أن يعيد إماهة نفسه.

في حالة الفتاة تلك، لا يسعك إلا أن تفكر بماذا لو لم نكن هناك لنقدم العون، أو لو وصلت إلى مركز العلاج بعد خمس دقائق. كما لا أستطيع أن أنسى الخوف الذي كان في أعين الناس الذين لا يفهمون ماذا يحدث، كما لن أنسى توسلاتهم للقادة المحليين وآخرين غيرهم، وعجزهم عن التأقلم مع أزمة تزداد سوءًا.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل