المحتوى الرئيسى

ثقافة انتهازية وقادة مجانين.. فليحذر العرب

08/03 21:14

ما الذى يعنينا ــ نحن العرب ــ عندما تكتب «نعومى كلاين» فى كتابها الأخير المعنون « ليس كافيا أن نقول لا» عن بلاد تعيش منذ عقود أيديولوجية بالغة الخطورة والقسوة واللاإنسانية، وعن رئيس لديه كل الاستعداد للاستفادة الانتهازية من كل ما تطرحه تلك الأيديولوجية من أفكار وشعارات ووسائل؟ البلاد هى الولايات المتحدة الأمريكية، والرئيس هو دونالد ترامب.

فى تلك البلاد ترسَّخت الثقافة النيوليبرالية التى تقول بأن الطمع صفة حميدة، وأن منطق السوق من يحكم، وأن المال هو المهم فى الحياة، وأن الرجل الأبيض هو الأفضل، وأن الطبيعة وثرواتها هى للاستغلال والنهب، وأن الفقراء والضِّعاف يستحقون مصيرهم البائس، والواحد فى المائة من ساكنى الأرض الذين يعيشون حياة الترف والبذخ هم الأنموذج الأفضل والأشطر والأذكى، وأن الخدمات العامة التى تقدمها الدولة لعموم المواطنين يجب أن تكون فى حَدّها الأدنى إذ أنها مصدر للكسل والتواكل، وأن مهمة الدولة الأساسية فى هذا العالم هى حماية المصالح الذاتية الأنانية بكل الطرق والحيل، حتى إذا اقتضى ذلك خوض الحروب والصراعات.

إنها ثقافة بائسة خطرة، لكنها تتجذر ولديها مراكزها وقواها ومريدوها وإعلاميوها الذين ينشروها ويبرّرون ضرورة تواجدها من أمثال عرّابها الأكبر ميلتون فريدمان ومدرسة شيكاغو.

أما الرئيس فإن تاريخه الشخصى ــ خصوصا ممارساته فى حقلى المال والتجارة ــ وحاضره يشيران إلى تصرفات تحمل الكثير من علامات الاستفهام من جهة وإلى انتماء كامل للمدرسة النيوليبرالية الرأسمالية البالغة التوحُش. الكتاب كله عن شخصية الرجل وتاريخه وأقواله، ولذلك سنكتفى بذكر النقاط التى تهمنا.

فالرجل يوصف بأنه أحمق وجاهل، يكُن احتقارا واضحا للمرأة، مراوغ فى حديثه، مؤمن بأن فقر الفقراء هو بسببهم أنفسهم وقلة طموحهم وكسلهم، مختالا بأن ثراءه الفاحش يعطيه الحق فى أن ينتخب كرئيس للدولة، متبجحا أمام ناخبيه بأنه أفضل من يصلح العفن فى الدولة الأمريكية لأنه يعرفها من الداخل فقد مارس أحيانا دفع الرشاوى للسياسيين ونجح فى عدم دفع الضرائب المستحقة عليه، مبديا عدم الحساسية الإنسانية تجاه المعاقين مثل استهزائه بصحفى بقسوة وعدم مبالاة.

وفى الحاضر، بعد تسلمه الرئاسة، أبانت تعييناته لأعضاء حكومته ولكبار مستشاريه ولموظفى البيت الأبيض وغيرهم بأنه يريد إدارة أمريكا من قبل أصحاب البلايين والملايين، ومن قبل من لهم صفات القسوة فى إدارة مختلف المؤسسات، ومن لهم تاريخ مخجل فى تعاملهم مع المرأة. كمثال على ذلك هو العدد الكبير من المعنيين ممن كانوا موظفين كبارا فى مؤسسة جولد مان ساكس المالية العملاقة وفى شركات البترول من مثل إكسون ــ موبيل.

ومع ذلك فإن هذا الرئيس لا يتوانى عن طرد موظفيه بصورة غير لائقة، ومذلة، بل وعن طريق التويتر الشخصى أحيانا. هناك أُلُوف التفاصيل التى جاءت بها الكاتبة الأمريكية ــ الكندية عن ذلك البلد وذلك الرئيس.

ما يهمنا ــ نحن العرب ــ من ذكر كل تلك التفاصيل المملة هو طرح السؤال التالى: هل مثل هذا البلد وهذه الشخصية كانا يستحقان ذلك التتويج من قبل رؤساء أربعين دولة عربية وإسلامية والاعتقاد بأنهما جديران بالثقة والاعتماد عليهما فى المستقبل؟ هل أن أيديولوجية البلد وصفات وتصرفات رئيسه وخلفية غالبية مسئوليه تجعل الإنسان مطمئنا إلى صدق ما قاله الرئيس فى خطابه الشهير، وإلى متانة ما التزم به، وإلى عدم الاستدارة الكلية فى المواقف والالتزامات إذا وُجد إن ذلك فى مصلحة الدولة الأمريكية ومصلحة مؤسساتها المالية والاقتصادية والعولمية؟

أليس فى المواقف الأمريكية المنحازة كليا للكيان الصهيونى، وفى الاستباحات والأكاذيب والألاعيب الأمريكية فى العراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها ما يؤكد هذا الخوف من أيديولوجية تلك الدولة ومن تاريخ وحاضر قائدها الحالى؟

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل