المحتوى الرئيسى

القانون في إجازة بالمدن الجديدة

08/03 20:34

القاهرة الجديدة في الطريق إلى العشوائيات، هذه هى خلاصة المشهد الراهن في مناطق التجمع الخامس والتجمع الأول والتي يمكن أن يلمسها أي زائر للمنطقة.

وهذه العشوائية لا تزحف على القاهرة الجديدة وحدها، وإنما إلى المدن الجديدة ومنها السادس من أكتوبر والشروق.. لكن الوضع يبدو أكثر استفزازاً في القاهرة الجديدة التي يتحدى فيها المخالفون جهاز المدينة، والذي اكتفى بدور المتفرج دون أن يحرك ساكناً حتى إن بعض المخالفات الصارخة لا تبعد سوى أمتار قليلة من مبنى جهاز المدينة، ورئيس الجهاز يمكن أن يشاهد المخالفات من شباك مكتبه.

سكان المدينة يتحدثون عن حالة التواطؤ الصامت بين المخالفين الذين يملك بعضهم المال والنفوذ وبين مهندسي الجهاز الذين وجد بعضهم في هذه المخالفات بابا ًللإثراء غير المشروع.

والعشوائية في التجمع الخامس لا تقتصر فقط على بناء أدوار مخالفة بل تمتد لتشمل استيلاء البعض على الحدائق العامة وضمها لمبانيهم، وإزالة الجزر الوسطى في شوارع رئيسية بدعوي التوسعة وحل الاختناقات المرورية ناهيك عن الباعة الجائلين الذين ينتشرون في كل مكان تقريباً دون رادع.

بدأت أزمة الأدوار المخالفة في المدن الجديدة بقرار مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية بجلسته رقم 93 في مايو 2016 بالموافقة على زيادة دور واحد لجميع الأراضي السكنية الصغيرة عدا الأراضي الصادر بشأنها قانون الإسكان الاجتماعي، وكذا أراضي «ابني بيتك» المخصصة للأفراد والأهالي بالمدن العمرانية الجديدة.. وبمقتضى القرار يصبح من أرضي ودور أول إلى أرضي ودورين فقط للفيلات، أو من أرضي ودورين إلى أرضي و3 أدوار للعمارات وبعض الفيلات، ومن أرضي وثلاثة إلى أرضي وأربعة أدوار للعمارات، ومن أرضي وأربعة أدوار إلى أرضي و5 أدوار للعمارات بشرط وجود مكان للمصعد.

وتضمن القرار 15 اشتراطات بالنسبة لأراضي الفيلات والعمارات بالمناطق تمثلت في عدم الحصول على علاوة دور سابقاً.. وحال أن سبق العمل بالموافقة على زيادة دور بالمجاورة السكنية يعتبر عدد الأدوار بعد تلك الزيادة وهو العدد النهائي المسموح به للأدوار بتلك المجاورة، لتوحيد الارتفاع بالمجاورة السكنية الواحدة لكل من الفيلات والعمارات، كذلك استيعاب المرافق والخدمات بالمنطقة واشتراطات بعدم التعارض مع قيود الارتفاع المحددة من هيئة عمليات القوات المسلحة.

وفي يوليو من العام الماضي أعلن أعضاء لجنة الإسكان بمجلس النواب رفضهم القرار لأنه لم يراع من وجهة نظرهم حالة المرافق بالمدن الجديدة وضعفها، كذلك رفضت القرار قطاعات عريضة في الشارع المصري لأن مثل هذه القرارات كانت سبباً في انتشار وتفاقم كارثة العشوائيات في مصر.

وبعد ذلك أعلن الدكتور مصطفى مدبولي وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية إعادة النظر في القرار، وعليه تم إيقاف العمل به مؤقتاً بعد تأكيده على أن القرار سيطبق قريباً لمن يتقدم بطلب رسمي بذلك بعض وضع آليات تنفيذه وفقاً للمناطق التي تسمح المرافق فيها بالتنفيذ.. وأنه لا تطبيق لهذا النظام على الأدوار المخالفة بالفعل.

وأكد وزير الإسكان أن الوزارة بالفعل سمحت بزيادة دور في مناطق محددة بعينها في القاهرة الجديدة و6 أكتوبر مقابل علاوة يدفعها المالك للوزارة واعترف أيضاً بأن بعض الملاك رفعوا دعاوى قضائية علي الوزارة. وتكبدت الأخيرة ملايين الجنيهات التي ردتها للملاك بعد حكم المحكمة.. بما يعني أن الملاك أقاموا مبانيهم بالمخالفة بالقانون ثم ضحكوا على الحكومة واستردوا بالقضاء ثمن المخالفات التي تحصلت عليها الوزارة.. إلى هنا كان قرار التأجيل لإجراء المزيد من الدراسات لكل مدينة على حدة للتأكد من عدم تأثر أي منطقة ونسيجها العمراني بهذا القرار مع إجراء الدراسات المرورية اللازمة أيضاً.. كأن يكون الجراج بالعمارة أو الفيلا به أماكن تستوعب الزيادة، وقبل كل ذلك ضرورة أن تستوعب شبكة الصرف الصحي بالمنطقة وشبكة الكهرباء أيضاً الزيادة السكانية في حالة التعلية.

وحالة الجدل التي صاحبت صدور قرار السماح بزيادة دور سكني للعمارات والفيلات بالمدن العمرانية الجديدة وخاصة ما قد يؤدي به إلى تشويه للوجه المعماري الحضاري لتلك المدن، رد عليه مسئولو «الإسكان» بأنه سيزيد المعروض من الوحدات ومن ثم يخفض الأسعار الجنونية.

والأهم وبحسب المهندسة رجاء فؤاد مشرفة قطاع التخطيط والمشروعات بهيئة المجتمعات العمرانية، رصدته الهيئة من قيام أعداد كبيرة من المواطنين بارتكاب مخالفات وبناء كامل مساحة السطح أو ما يعرف بـ «الروف».. وكان الإجراء وقتها الهدم والإزالة، ودائماً ما يتم وقف التنفيذ لقيام مرتكب المخالفة بإدخال الهيئة في «دهاليز» المحليات والمحاكم ومن ثم تتفاقم المشكلة دون رادع.. لذلك قررنا مواجهة المشكلة ليس بالتصالح وإنما بتقنين الوضع والواقع ومنع العشوائية الحادثة وبالتالي كان القرار بالسماح بزيادة دور مع ضوابط صارمة تضمن عدم تسرب العشوائية أو الفساد حال التنفيذ ومتضمناً أيضاً حق الدولة في تحصيل مقابل مادي لأي بناء معلن وليس من «تحت الترابيزة».

«الوفد» نفذت جولة يوم 23 يونيه الحالي، والذي وافق يوم الأحد، ومعروف أن أيام العطلات الرسمية والإجازات تشهد ارتكاب مخالفات باعتبار أن «الدولة تكون في إجازة».

الجولة كانت في التجمع الخامس ووافقت يوم احتفال المصريين بالذكرى الـ65 لثورة يوليو المجيدة.. وهو يوم كغيره من المناسبات يوم احتفال المخالفين والضاربين بالقانون عرض الحائط.

جولتنا أكدت وبحسب ما التقطته كاميرا «الوفد» أن مسئولي الإسكان وجهاز مدينة التجمع الخامس «نائمون في العسل»، وأن القانون في إجازة.

نذكر على سبيل المثال وليس الحصر أن الشارع الرئيسي والذي يقع في مدخله مقر جهاز مدينة القاهرة الجديدة يضم عدداً هائلاً من المخالفات وأعمال البناء والتعلية على الفيلات دون غيره من الشوارع، لدرجة أن إحدى الفيلات بالشارع في الحي الرابع ورغم أن تخصيصها فيلا فقد بنيت شقق على دورين بل وقام مالكوها بتعلية دور رابع وهو في الأساس «الروف»، وبعد شكوى بشأنها شاهد السكان إزالة الأخشاب المعدة لإتمام صب الدور الرابع وأعمدته.. ثم فوجئ السكان وخلال إجازة الجمعة والسبت و23 يوليو بإعادة البناء بل وصب الخرسانات رغم قرب تلك الفيلات من جهاز المدينة.

نفس التعلية للدور الرابع تتم جهاراً نهاراً وعلى مرأى ومسمع من مسئولي جهاز مدينة القاهرة الجديدة بطول الشارع المتواجد به الجهاز.

جولتنا أكدت أن التلاعب يبدأ بعد استخراج تراخيص الكهرباء بعد تمام تشطيبات الواجهات وعليه يتم تركيب عدادات للمبنى بما فيها لـ «الروف» مما يسهل إتمام مخالفة بناء دور زيادة.. من المخالفات التي رصدتها جولتنا أن جراجات معظم الفيلات تحولت لمشاريع تجارية رغم اشتراطات التراخيص بوجود جراجات للعمارات والفيلات.

ورصدت «الوفد» استيلاء بعض أصحاب النفوذ على حدائق عامة وحولتها إلى حديقة خاصة بهم ممنوع اللمس أو الاقتراب وبمساحات قد تفوق مساحة المبنى ذاته، اللعبة تبدأ بإحاطتها بسياج من الشجر أو النخيل وذلك بشوارع عدة بالقرب من جهاز مدينة القاهرة الجديدة وخاصة بالأحياء القريبة من شارع التسعين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل