من الذى يدير الملف الخارجى؟ | المصري اليوم

هل تفتقد مصر إلى وزارة للخارجية؟ هل تفتقد مصر إلى قيادة سياسية معززة بإدارة سياسية ومستشارين سياسيين يخرج عنهم القرار السياسى ويشكلون رد الفعل السياسى فى أى موقف يتعرض لأطراف خارجية بالذات؟ إذا ما كانت الإجابة بلا وأن مصر تمتلك أعرق مدرسة للخارجية فى المنطقة يصبح السؤال إذن: لماذا تدار الشؤون الخارجية بالأمن؟ لماذا يخرج رد الفعل المصرى عن طريق الأمن؟ لماذا تتولى وزارة الداخلية العلاقات الخارجية المصرية؟

أطرح هذا التساؤل بناء على الكثير مما جرى فى الأيام السابقة بالذات.. عندما نجد فى خضم الأزمة القطرية مظاهرة من المواطنين الشرفاء فى الإسكندرية يحملون اللافتات التى كُتب عليها «الحقى يا موزة تميم لبس البلوزة» وعبارات من هذا القبيل الذى لا يندرج سوى تحت بند «الشرشحة». أما هؤلاء المواطنون الشرفاء فالكل يعلم من الذى يجمعهم ومن الذى يقبضهم فما الهدف من هذه الصورة البائسة؟ هل الهدف داخلى لتعبئة الجماهير شعبيا فى وقت الأزمة الاقتصادية بخلق عدو خارجى أم أن الهدف خارجى ضد قطر بالشرشحة والسوقية وهل تدار معارك الدول السياسية بمثل هذه الطريقة؟

الأسوأ من هذه الصورة البائسة التى سبق أن عايشناها على أبواب نقابة الصحفيين من استخدام بائس لهؤلاء المواطنين الشرفاء.. الأسوأ حقا هو إدارة الأزمة سواء مع قطر منذ بداية الأزمة الأخيرة أو مع حماس بعد استشهاد أبنائنا فى سيناء بوصلات الردح والشرشحة الليلية على الشاشات.. عندما أتابع هذه الوصلات المليئة بالسباب أتساءل حقا: من الذى يدير السياسة الخارجية فى مصر؟ ومن الذى يعبر عنهم رجال الخارجية بتقاريرهم وبياناتهم وتحليلاتهم أم رجال الداخلية بوصلات السب؟ كيف يؤخذ القرار الخارجى فى مصر؟.. إذا ما تابعنا ما جرى بعد استشهاد أبنائنا سنرى أنه قبلها بأيام جرت اتصالات ما بين مصر وغزة، وبعد الهجوم الغادر سعت غزة لإثبات عدم مسؤوليتها عن القبض على عدد ممن تورطوا فى الحادث.. حماس مدانة أم حماس متورطة؟ ينتهى دور وزارة الداخلية عند التحقيقات والأدلة والبراهين تماما كما ينتهى دور المخابرات العامة والمخابرات الحربية عند تقديم المعلومات للقيادة السياسية التى ترى ما تراه فى إعلان موقف مصر بطريقة سياسية مدروسة، ويخرج رد الفعل إما فى خطاب لرئيس الجمهورية أو بيان لوزير الخارجية بشكل سياسى يليق بدولة فى حجم مصر، لا أن تسارع وزارة الداخلية لطرح المعلومات على الشاشات عن طريق إعلامها مسبوقا بالسباب مقرونا بالشرشحة.. ليس هذا دور الداخلية إلا إن عدمنا وزارة للخارجية وإدارة سياسية تدير البلاد بشكل سياسى محترم يليق بدولة مصر.. الداخلية أصبحت تدير الملف الخارجى لمصر كما اعتادت أن تدير الملف الداخلى مرة أخرى، هل هذا دورها؟ وهل هذا هو حجم مصر وطريقة أدائها فى الصراعات الخارجية سواء مع قطر أو حماس أو تركيا أو غيرهم؟