المحتوى الرئيسى

طاير يا حمام | المصري اليوم

07/13 00:30

«طاير يا حمام مرسال الغرام/ تهدى الشوق لخلّى، وتجيب لى السلام. طاير يا حمام».

هناك أغان لا تبدو كأغان، بل تبدو كقطعة من السماء مكدسة بالنجوم يقتطعها الملحن. وربما كانت أيضا قطعة من روحه، يريدنا أن نعرف كم هو رقيق وشفاف خلف قناع الوجه المتجهم.

وبرغم الشهرة التى ينالها المطربون، فالحقيقة أن الملحن هو كل شىء بالنسبة للأغنية. الشاعر لا يقدم أكثر من كلمات، والمغنى ليس أكثر من مجرد آلة موسيقية بشرية، يوظفها الملحن.

«طاير يا حمام»، لم تكن أكثر من كلمات مكتوبة بخط اليد فى ورقة مكرمشة عندما قرأها الملحن أحمد صدقى. مر بعينيه المتعبتين على الكلمات، وبدأ اللحن يتشكل فى وجدانه. «طاير يا حمام». الملحن العبقرى جعل اللحن يبدو وكأنه يطير، درجة بعد درجة فى السماء، مثلما يخفق الحمام جناحيه ويعلو. لكن الحمام ليس طائرا مستوحشا يغيب فى الأفق ولا يعود. الحمام أليف يعود لأصحابه. إنه الرمز الذى توافقت عليه البشرية للسلام. منذ أن أرسله نوح، محملا ببركات نبى، وسط بحر لجى، ليعرف هل توقف الماء على الانبثاق أم لا؟ وحين عاد بغصن الزيتون، ومنذ ذلك العهد، توافقت البشرية على اعتباره رمزا للسلام ولكل شىء طاهر نقى، أبيض كجناحيه، رسولا للحب والمحبين.

«طاير يا حمام مرسال الغرام/ تهدى الشوق لخلّى، وتجيب لى السلام».

وهكذا خرجت الجملة الموسيقية العبقرية، جملة لن تصدق أنها موجودة حتى تسمعها، مفعمة بالطرب الشرقى. لحن يحمل رائحة البخور. ويعيد لك صورة الشبابيك المطعمة بالمشربية، حين كانت الجميلة التى ترتدى اليشمك تصرع بعينيها المؤطرتين بالكحل جدع الحارة بنظرة من عين واسعة.

«طاير يا حمام. مرسال الغرام». كانت العاشقة قد برحها الشوق إلى الحبيب الغائب، فوجئت بسرب من الحمام الأبيض ينطلق من صدرها، ظل هذا الحمام كامنا فى قلبها حتى عرفت العشق، لحظتها غادر الحمام القفص الصدرى، خرج كموجة بيضاء طائرة إلى الحبيب الغائب.

«يا طير ياللى طاير جانى الليلة حِبّى/ وطبول البشاير دقّت له فى قلبى.

طول ما الحلو جنبى/ عالدنيا السلام.

طاير يا حمام، يا حمام طاير».

ومن أين لهذه الغريرة العاشقة أن تعلم أن حبّها (حبيبها) الغائب قد جاء هو الآخر يحمل الشوق فى قلبه. قلبها دق لحظتها كالطبول. لم يعد يعنيها سوى أن حبيبها الحلو بجوارها. هذا كل ما يهمها فى اللحظة الراهنة.

«لأوقد له شموعى بالشوق من ضلوعى

وأسقى ورد خده من الفرحة، بدموعى.

يا ناس ما عليَّ فى حبه ملام».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل