المحتوى الرئيسى

مستقبل مكتبة الإسكندرية | المصري اليوم

07/13 00:02

فى لقاء حوارى، اليوم وغدا، تناقش مكتبة الإسكندرية- من خلال بعض المثقفين- الأفكار والمقترحات المتعلقة بدور المكتبة فى المستقبل، شريحة المثقفين كما هو معلن تضم مختلف الأعمار والتيارات العلمية والتخصصات الفكرية، هى نظرة بعيدة المدى أرى أنها تتعلق بمستقبل مكتبة الإسكندرية أكثر من كونها تتعلق بدور المكتبة فى المستقبل، ذلك أنه لم يعد ممكناً التعامل مع المكتبة الحديثة التى بين أيدينا الآن بالطريقة نفسها التى كنا نتعامل بها مع المكتبة القديمة قبل أكثر من ألفى عام، بعد أن أصبح ممكناً الآن الدخول على معظم محتويات المكتبة من خارجها، وذلك من خلال جهاز هاتف صغير أو حاسوب آلى أكبر قليلاً.

أعتقد أن ذلك هو الفكر الجديد الذى جاء به المدير الجديد، الدكتور مصطفى الفقى، إلى المكتبة، فى مايو الماضى، وهو المتعلق بإيقاظ المكتبة من حالة قد تستمر معها إلى ما لا نهاية له، إذا نحن تعاملنا معها بمنطق ما قبل الميلاد، ذلك أنه فى عدم وجود تكنولوجيا الإنترنت المعمول بها الآن، لم يكن ممكناً السيطرة على المترددين على المكتبة، أو حتى إمكانية تنظيمهم، ذلك أننا سوف نكون أمام أعداد بالملايين من كل بقاع العالم، أما وقد تغيرت مجريات الولوج إلى المعلومة بهذه السرعة الفائقة، فقد أصبح من الطبيعى مسايرة ذلك التغير بالجديد فى أداء ذلك الدور الثقافى والتنويرى الذى يقع على عاتق المكتبة والقائمين عليها.

منذ افتتاح المكتبة قبل 15 عاماً، كانت برامجها فى معظم الأحوال تدور حول استضافة المثقفين، مع أننى أعتقد أن غير المثقفين يجب أن يشكلوا الهدف الأول، بهدف تثقيفهم، أو بهدف توسيع رقعة الثقافة، لم أتذكر أيضاً أن المكتبة قد وسّعت من أنشطتها الثقافية إلى خارجها بالأقاليم، أيضاً خلال السنوات الست الأخيرة لم أرَ المكتبة وقد انشغلت أو اشتغلت بالهَمّ الوطنى المطروح على الساحة، ذلك الهَمّ المتعلق بما يسمى «الربيع العربى» أو «الربيع الثورى»، أو ما شابه ذلك مما يتعلق بقضايا البلاد المصيرية، وهو ما أراه مهماً الآن من عدة وجوه، ينبغى التركيز عليها خلال اللقاء الحوارى الذى نحن بصدده كالتالى:

* فى غياب أحزاب سياسية حقيقية، أعتقد أن مكتبة الإسكندرية كان يمكنها تنظيم ندوات على قدر كبير من الأهمية، تحمل على عاتقها تنوير المواطن بشأن قضية جزيرتى البحر الأحمر «تيران وصنافير»، من خلال استضافة أصحاب كل التوجهات ذات الصِّلة، حتى وإن تعارضت فى معظمها مع التوجه الرسمى، أو توجه مدير المكتبة شخصياً، مع الأخذ فى الاعتبار أن المكتبة بها من الوثائق والخرائط والكتب فى هذا الشأن ما كان يُغنى عن الذهاب إلى مكتبة برلين أو مكتبة الكونجرس الأمريكى أو غيرهما.

* فى غياب حوارات مجتمعية حقيقية، كان يجب على مكتبة الإسكندرية المبادرة بالإعلان عن حوار مفتوح لا ينتهى، حول سد النهضة الإثيوبى، وأثره على الحالة المصرية، من زراعة ورى، ومياه وغذاء، وجفاف وفيضان، وتوليد كهرباء، وأثر ذلك على البيئة، إلى غير ذلك من كثير لم تستطع مراكز البحث أو حتى الجامعات الإيفاء به من أجل المواطن، ولا من أجل المفاوض المصرى، أو الدولة المصرية ككل.

* هناك الكثير من القضايا التى كانت تحتاج إلى مناقشات مستفيضة، من خلال جهة موثوق بها، وليس هناك أوثق من مكتبة الإسكندرية فى مثل هذه الأمور، مثل تفريعة قناة السويس، أو تعويم الجنيه، أو ترسيم الحدود البحرية بالبحر المتوسط، أو الأزمات السياسية بالمنطقة، بدءاً باليمن ومنطقة الخليج، مروراً بسوريا والعراق، حتى ليبيا وما يجرى فى سيناء، ثم ما آلت إليه المنطقة أخيراً من تطورات غريبة تتعلق بالحصار المفروض على قطر من كل من مصر والسعودية والإمارات والبحرين.

بالتأكيد لم يعد ممكناً القبول بخضوع مكتبة الإسكندرية للاعتبارات أو اللوائح نفسها التى تعمل من خلالها مكتبة البلدية بالمحلة الكبرى، أو مكتبة قصر ثقافة دمنهور، أو حتى مكتبة نادى الشمس بالعاصمة، نحن أمام ثراء تاريخى وعالمى يجب استغلاله الاستغلال الأمثل، من خلال استقدام أو دعوة المسؤولين والمتخصصين من كل أنحاء العالم، وليس من مصر فقط، ليدلى كلٌّ بدلوه فى القضايا المصيرية التى تشغل المنطقة على الأقل، فما بالنا بقضايانا الداخلية، التى أصبحت متشابكة وعصيّة على الحل، إلى الحد الذى لم تعد تُجدى معه الحلول الوسط.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل