المحتوى الرئيسى

الرسالة الأخيرة (قصة قصيرة)

07/12 14:54

- صديقي العزيز.. أكتب إليك خطابي رقم مائة وخمس وستون، ومازلت أنتظر منك رداً حتى الآن ولم يحدث..

الأمر قد ازداد صعوبة، الآن أصبحت لا أري شيئا واختلطت الأمور بعضها، اختلط الليل بالنهار، واليقظة بالنوم.. فدوما ما تطاردني ذكرياتي السوداء منغصة حاضرا أعيشه ومنذرة بمستقبل لا ينم عن شيء! هل تعلم أنني أراهم أمام عيني كل ليلة، يجلسون أمامي هنا ويواجهونني بسؤال واحد "لم فعلت بنا كل هذا؟".

أعلم.. أعلم حقا يا صديقي أنني لم أقترف أي خطأ، وصفحتي بيضاء طوال سنوات حياتي، ولكن هم يرون غير ذلك ولا يتركوني بمفردي، دوما ما يحتلون منزلي بأصواتهم الرديئة وخطواتهم العبثية.

أصبحت مستيقظا دوما، لا أكف عن التدخين وشرب القهوة.. هل تتذكر نجلاء، نعم نجلاء، الحب الحقيقي الذي راودنا بطفولتنا سويا وتركتنا بمفردنا ورحل، بالأمس.. لا، لا أعلم، ربما منذ ساعات وجدتها بينهم هنا.. نعم هنا تواجهني وتتهمني هي أيضا، تخيل يا صديقي أصبحت مثلهم.. الجميع يراني سيئا ولا أحد سواك يشعر بي، لكن أين أنت؟! لماذا لا ترد على رسائلي؟ وأين اختفيت ومتي ؟!

يمسك بمجموعة من الأوراق والأظرف المغلقة ويسير في الشارع بملابس ممزقة وشعر طويل وذقن غير حليق، بشكل يذكرك بالمجاذيب، بخطوات متسرعة قليلا يصل إلى إحدى البيوت القديمة ويقوم بطرق الباب بشدة.. يهم أن يدس أحد المظاريف تحت الباب فيفتح باب المنزل فجأة ويقف حارس المنزل مواجهاً له..

- عايز مين يا أستاذ؟!

- أ أ أ.. حسين.. أستاذ حسين المهدي

- حسين بيه؟! ده مات من أكتر من عشر سنين

- إيه اللي بتقوله ده؟ مات إزاي.. لا لا إنت مش فاهم حاجة أنا هخليه يعرف شغله معاك

يستدير مسرعا تاركا المنزل، تسقط منه الأوراق والأظرف من يديه فلا يهتم بها ويترك نفسه لخطواته المسرعه الجنونية.

بداخل غرفته الضيقة المليئة بالكتب وبعض أغراضه الشخصية ومنضدة بها أوراق وأظرف كثيرة، وفي تلك الإضاءة الصفراء المعتمة بجدران الغرفة المليئة بصفحات الجرائد القديمة يجلس ويستعد لكتابة خطاب جديد..

ازادات الأمور سوء اليوم، وأنا أقوم بإرسال خطابي لك فوجئت بحارس منزلك يخبرني بجمل مبهمة.. موت وأنت، وليس لك وجود؟! لابد من التصرف معه، لابد أنه اتفق معهم ضدي، عموما الآن أكتب إليك وأنا بمفردي بالغرفة، لم يأت موعدهم بعد ولم يتلصصوا علي، صدقني يا صديقي أنا لم أكن بهذا السوء الذي يرونني عليه، لماذا يراني الجميع هكذا وأنت لم تفعل ذلك؟! أنت من وقف بجانبي حين ذهب الجميع، ولكن اختفائك غير مبرر يا صديقي، فالآن أحتاج إليك بشدة لتحمني من تلك الزيارات الليلية، فهم يحطمونني نفسيا، كم أود أن تكن معي الآن وتسمعهم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل