المحتوى الرئيسى

بريطانية ساخنة بقلب ألماني

07/12 13:54

من ما لا شك فيه أن بايسمان JCW ليست سيارة مثالية ولكن من المؤكد أنها واحدة من قلة من السيارات القادرة على توفير إنغماس كلي في عملية القيادة

لا أعتقد أنه يوجد أي محب للسيارات على وجه الكرة الأرضية لا يحب سيارات ميني. فهذه السيارات ومنذ إنطلاقتها تميزت بتصميمها الفريد وبحجمها الصغير وبعملانية إستعمالها والأهم من ذلك المتعة العالية التي توفرها قيادتها ولدرجة أن المعدلين بدأوا بتناول سيارات ميني وتحويلها الى سيارات سريعة ورياضية التأدية ولعل هذا كان واحداً من الأسباب التي دعت ميني كشركة مصنعة الى إشراكها في بطولة العالم للراليات خلال الستينات محققة الفوز في رالي مونت كارلو أعوام 1964 و1965 و1967، في وقت يعتبر هذا الرالي واحداً من أعرق راليات البطولة وأكثرها صعوبة كونه يجري على طرقات جبلية متعرجة ومتطلبة ومكسوة بكميات كبيرة من الثلوج والجليد، الأمر الذي يجعله ولغاية اليوم من الراليات التي تتطلب سيارة متفوقة وسائقين ماهرين.

ومع شراء شركة بي ام دبليو لـ ميني وعملها على إعادة إحياءها من خلال طراز جديد تم تقديمه في مطلع الألفية الحالية، قررت ميني ومن خلفها بي ام دبليو أن تنتهج سياسة الطرازات المتعددة التي يتوجه كل منها الى شريحة صغيرة من المستهلكين الراغبين بسيارات فريدة وهذا ما أدى الى تحول إنتاج ميني من الطراز القياسي الذي يتوفر بفئتي الكوبيه والمكشوف الى عائلة شبه متكاملة من السيارات الصغيرة التي تتشارك فيما بينهما بالحجم الصغير والمعالم التصميمية المتماثلة.

ومن هنا نصل الى طراز بايسمان الذي يشكل الإضافة الأخيرة الى مجموعة سيارات ميني والذي لا يمكن للمرء أن يراه من دون أن يتساءل عن السبب بقرار ميني بتوفير فئة كوبيه من سيارتها كانتريمان الرباعية الدفع والأهم من ذلك عن السبب بقرار ميني بإشراك كانتريمان في بطولة العالم للراليات، في وقت تعتبر بايسمان التي يمكن تسميتها بـ «كانتريمان كوبيه» أنسب للراليات كونها تتحلى بتصميم يمكن وصفة بالرياضي في حال قمنا بمقارنته بتصميم كانتريمان التي يمكن القول أنه صندوقي الشكل. ولكن مع علمنا بأن كانتريمان أقدم من بايسمان وأنها نالت من التطوير والتعديل ما يكفيها لفرض نفسها في عالم الراليات، قررنا أن لا ننهك أنفسنا بهذا السؤال وأن نركز على بايسمان كسيارة معدة للقيادة اليومية وذلك على الرغم من أنها تحمل شعار JCW (جون كوبر ووركس)، أي الشعار الذي يعني أنها مزودة بكل التجهيزات الرياضية التي يفترض بها أن ترفع من قدراتها على توفير متعة قيادة متقدمة وبالأخص للسائقين المتطلبين.

وعن سيارتها هذه التي لا تنتمي فعلياً الى أي قطاع، تقول ميني أن بايسمان تنتمي الى فئة سيارات الكوبيه المتعددة النشاطات (SAC) وأنها لا تخرج من خطوط إنتاج طرازات كلابمان وكوبيه ورودستر في بريطانيا، بل من مصانع ميني النمساوية في منطقة غراتز حيث يتم بناء طراز كانتريمان وهذا أمر طبيعي ذلك أن بايسمان وكانتريمان تتشاركان بالقاعدة والقسم الأمامي، في وقت عدلت ميني تصميم كانتريمان إبتداءً من الزجاج الأمامي ولغاية القسم الخلفي لتخرج بـ بايسمان.

وفي سياق الكلام عن التصميم، نشير أن بايسمان تخلت عن خط الوسط الأفقي الذي يميز كانتريمان لصالح خط وسط جديد يرتفع عن الأرض كلما إتجه الى الخلف وذلك على عكس خط السقف الذي ينحني نحو الأسفل كلما إتجه الى الخلف وليعزز ذلك طابع سيارات الكوبيه ويساعد بايسمان على التحلي بشخصية مميزة وقريبة من القلب ويوحي أن بايسمان تتمتع بإنسيابية متقدمة تمكنها من إختراق الهواء على السرعات العالية بسهولة بالغة. وفي مواجهة مقدمة السيارة التي تؤكد إنتماء بايسمان الى عائلة ميني،، لا يمكننا إلا أن نتوقف عند الواجهة الخلفية وبالأخص المصابيح الخلفية التي تخلت عن التصميم العمودي الذي طالما طغى على الواجهات الخلفية لسيارات ميني. وعلى الرغم من أن بايسمان مرتفعة نسبياً والمقارنة هنا مع باقي سيارات ميني، إلا أن هذه السيارة تتميز بتناسق هندسي بين مختلف أجزائها الخارجية وهذا ما يوفر لها حضوراً مميزاً على الطريق وبالأخص عند طلبها بألوان غير تقليدية.

أما في الداخل، فتعتمد هذه السيارة على شقيقتها كانتريمان أيضاً. فمن يجلس في أي من المقعدين الأماميين يعتقد أنه خلف مقود كانتريمان ذلك أن لوحة القيادة مشتركة بين السيارتين وتركز على عداد وسطي كبير في منتصف القسم العلوي من اللوحة للإشارة الى سرعة السيارة وكمية الوقود المتبقية في خزانها مع شاشة في منتصف العداد لعرض معلومات جهاز الملاحة، في وقت جرى وضع عداد دوران المحرك خلف المقود الذي تم تزويده بنظام لتعديل وضعيتيه الأفقية والعمودية لتمكين كل السائقين من التعامل معه بسهولة، خصوصاً في ظل إمكان تعديل وضعية مقعد السائق في كافة الإتجاهات. وفي هذا الإطار، لا بد من الإشارة الى أن وضعية الجلوس في أي من المقعدين الأماميين توحي للمرء أنه داخل سيارة من فئة الـ SUV أكثر منها لسيارة كوبيه، خصوصاً أن وضعية المقعدين مرتفعة نسبياً شأنها لمقبض علبة التروس الطويل.

أما القسم الخلفي من المقصورة، فيسهل الوصول اليه والخروج منه بفضل بابي بايسمان الطويلين وإمكانية إنزلاق المقعدين الأماميين الى أقصى الأمام. وفي الخلف، هناك مقعدين منفصلين بسكة تشكل إمتداداً للكونسول الوسطي وهي مزودة بمقابض مدمجة يمكن إستعمالها لتثبيت حاملات خاصة للأكواب أو الهواتف النقالة أو علب توضيب النظارات الشمسية والتي يمكن لحاملاتها أن تنزلق على سكك خاصة بهدف وضعها في متناول يدي الراكبين الخلفيين. وعلى الرغم من خط السقف المنحني في الخلف، إلا أن المساحات الخلفية المخصصة لرأسي راكبي الخلف في بايسمان كبيرة لشخصين يراوح طول كل منهما في حدود 180 سم، في وقت تبدو المساحات المخصصة لركبهما متدنية نسبياً وبالأخص عند إرجاع المقعدين الأماميين الى أقصى الخلف. وفي سياق الكلام عن الخلف، تعلن ميني أن سعة صندوق الأمتعة في بايسمان تبلغ 330 ليتراً وأن هناك حيز لا بأس به تحت أرضية صندوق الأمتعة يمكن إستعماله للتوضيب الطويل الأمد.

وفي الداخل أيضاً وعلى الرغم من أن التصميم شبابي ومماثل لما يتوقعه المرء من مقصورات سيارات ميني، إلا أن الجودة التصنيعية متقدمة في وقت يوحي التصميم العام للمقصورة بأنها صلبة وقادرة على التحمل، إلا أن هناك بعض القطع البلاستيكية التي تمنينا لو كانت ذات نوعية أفضل وبالأخص في بطانات الأبواب وتحديداً في الأماكن التي تتلامس مع ركب الجالسين في الأمام. وفي هذا الإطار، لا بد من شكر ميني التي قررت أخيراً أن تنقل مفاتيح فتح وإغلاق النوافذ الكهربائية الأمامية من أسفل القسم العمودي من الكونسول الوسطي حيث كان الوصول اليهما صعباً الى بطانتي بابي السيارة وتحديداً قرب مقابض فتح الأبواب، أي في المكان الذي يفترض وجودهما فيه. كذلك تمنينا لو كان مفتاح التحكم بجهاز iDrive أكبر بقليل، خصوصاً أنه يتحكم بعدد كبير من أجهزة السيارة ومعايير عملها.

ومع وجود شعار JCW، يعني ذلك أن ما يدفع السيارة ليس محركاً قياسياً، بل محرك ينطلق من المحرك القياسي المتوفر لباقي سيارات ميني لجهة عدد أسطواناته الرباعي وسعته البالغة 1,6 ليتر. ومع فئة JCW، نال هذا المحرك جهاز توربو بنظام حلزوني ثنائي مع بخاخ مباشر وجهاز للتحكم بتوقيت عمل الصمامات مبني على تقنية فالف ترونيك، الأمر الذي رفع قوته الى 218 حصاناً يمكن إستخراجها كاملة عند إيصال المحرك الى مستوى 6000 دورة في الدقيقة. وتترافق هذه القوة مع 280 نيوتن متر من عزم الدوران الذي يتوفر إبتداأً من 1900 ولغاية 4500 دورة في الدقيقة تنتقل الى العجلات الأربع من خلال علبة تروس أوتوماتيكية متتالية سداسية النسب تعمل بالتناغم مع ترس تفاضلي كهربائي مغناطيسي يقوم بتوزيع القوى بين عجلات المحورين الأمامي والخلفي مناصفة خلال القيادة العادية مع العلم أن هذا الترس قادر على تحويل 100 بالمئة من قوة الدفع الى عجلتي المحور الخلفي، خصوصاً أنه يعمل بالتنسيق مع جهاز DSC للتحكم الديناميكي بالتماسك. ومع هذه المعطيات، تعلن ميني أن بايسمان JCW قادرة على التسارع من حالة الوقوف التام الى سرعة 100 كلم/س في غضون 6,9 ثانية ولتصل بعدها الى سرعتها القصوى البالغة 224 كلم/س. وعلى الرغم من حجم المحرك المدمج، إلا أن وزن بايسمان JCW مرتفع نسبياً ولعل هذا هو السبب توقيت بتسارعها الذي يتوقع المرء أن يكون أقل مع شعار JCW.

الإنطلاق بـ بايسمان JCW يؤكد أنها ليست سيارة سوبر رياضية ولكنها مع ذلك ممتعة. فمحركها يوفر قوته وعزمه بشكل ثابت ولكنه سيتطلب منك في حال كنت على طرقات ملتوية ومتعرجة، أن تبقي دورانه في حدود 4000 دورة في الدقيقة كي تتمكن من إستخراج طاقاته بشكل مستمر والإستمرار بالتمتع بالقيادة التي عززتها ميني بجهاز مكابح يرفع ثقة السائق بهذه السيارة. ولكن من ناحية أخرى وعلى الرغم من أن بايسمان مزودة بنظام دفع رباعي مستمر، إلا أن القيادة العادية تؤدي بإنتقال القوة والعزم بشكل رئيسي الى عجلتي المحور الأمامي اللتان تبقيان عرضة لإنزلاقات متتالية تحت تأثير التسارعات المفاجئة. ومع أن هذه الإنزلاقات تؤدي الى تفعيل الترس التفاضلي الوسطي الذي يبدأ بنقل قسم من قوة الدفع الخلف، إلا أن إنزلاقات المقدمة موجودة وستتطلب منك أن ترفع قدمك عن دواسة التسارع لتثبيت المقدمة والعودة للضغط عليها ولكن بشكل تدريجي لمنع المقدمة من الإنزلاق مجدداً. ومع ذلك، تشعرك بايسمان أنك صاحب القرار وهذا ما يزيد من إتغماسك في قيادتها ويرفع بالتالي من متعتك خلف مقودها.

أما في حال كنت تعتمد القيادة الهادئة، فستلاحظ أن تعديلات JCW مميزة لأن هذه السيارة لا توفر مستويات الراحة التي تتميز بها السيارة المترفة والمريحة جداً ولا تعتمد على القساوة العالية التي تنفرد بها السيارة الرياضية بإمتياز، بل تأخذ لنفسها مكاناً في الوسط وهذا ما يلعب في صالحها، خصوصاً أن الراغبين بها لا يريدون سيارة قاسية جداً أو أخرى ناعمة جداً. أما تصميمها، فيعكس صورة مفادها أن مالكها يتحلى بروح شبابية ومغامرة وأنه محب للسرعة. وعلى الرغم من بعض الإنتقادات، إلا أنه لا يمكن لإثنين أن ينكرا أن بايسمان JCW توفر لسائقها متعة قيادة عالية وهذا من صلب أسس سيارات ميني وهذا ما يدعونا ومن جديد للتساؤل عن موعد إنتقال بايسمان الى ساحات الراليات لتأخذ مكان شقيقتها كانتريمان.

1,6 ليتر ـ 4 أسطوانات متتالية ـ توربو ـ دفع رباعي

218 حصان عند 6000 دورة في الدقيقة

280 نيوتن متر بين 1900 

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل