المحتوى الرئيسى

أفغانستان.. انتماء ممزق بين جرائم الحروب

07/10 16:26

الانتماء أهم دليل على وجود الإنسان وهو أكبر دافع لاستمرار الحياة وتحمل أعبائها؛ مادمت تملك ما يستحق هذا العناء، وتختلف أنواع الانتماء بأختلاف شخص كل منا وميوله؛ فهناك من ينتمى لقضية، ومن ينتمى لإنسان فالأختيارات عديدة بتعدد الثقافة والقناعة والإيمان.

يعد الانتماء إلى الوطن والأهل هو أهم أنواع الانتماء؛ حتى عرف أنه إحساس بالفطرة، لكن يظل أصدق أنتماء هو ما يختاره الإنسان بنفسه دون قيود خارجة عن إرادته.

حول صور مختلفة للانتماء تدورأحداث رواية «ورددت الجبال الصدى» للكاتب «خالد حسيني»، الصادرة فى نسختها العربية الأولى عام 2015 عن مؤسسة قطر للنشر للمترجم «إيهاب عبدالحميد».

تأتى الرواية فى تسعة فصول، تروى أكثر من حكاية؛ كأنها مجموعة من القصص المختلفة لا يجمع بينها سوى انتماء أبطالها الى وطن واحد هو أفغانستان.

تبدأ أحداث الرواية بحكاية الطفلة «بارى»، التى وافق الأب على بيعها لأحد الأسر الثرية فى مدينة «كابل» العاصمة؛ لإنقاذ باقى أفراد أسرته من هلاك الفقر فى قرية «شدباغ». بهذا القرار يقطع الأب رابط قوي بين الطفلة وأخيها الأكبر«عبدالله» الذى يقررالرحيل للبحث عن انتماءه الحقيقى فى هذه الحياة «بارى» أخته الصغرى التى عرف من خلالها مشاعر الأبوة، ومعنى المسؤولية وهو لم يتعدى العشرة أعوام من عمره.

ثم يأخذنا الكاتب إلى حكاية «الخال نبى»؛ صاحب فكرة بيع الطفلة «بارى» للأسرة التى يعمل لديها، والتى جمعته بسيدتها قصة حب ظل مخلصا لذكراه حتى بعد رحيل هذه السيدة عن أفغانستان هربا من التعصب الدينى والقيود الاجتماعية.يظل "نبى" فى خدمة رب الأسرة المريض لأكثر من خمسون عاما حتى انتهت ملكية كل شئ إليه.

خلال تلك الفترة تعاقبت الحروب والنزاعات على أرض أفغانستان بداية من حركات الأنقلاب الداخلية التى أدت إلى الغزو السوفيتى عام 1979 وصولا الى الغزو الأمريكى للقضاء على حركة طالبان عام 2001.

لم يهتم الكاتب بسرد تفاصيل النزاعات والحروب مكتفيا بالإشارة إليها بتاريخ وقوعها، أما آثارهذه الحروب من دمار فقد تمثلت فى وصف الحالة التى وصل إليها منزل الأسرة من دمار وهلاك؛ أدى إلى اختلاف معالمه الحضارية فقد تحول إلى قطعة صماء من الحجارة دون معالم واضحة يحمل بين جدرانه أثاث يعبر عن ماضى الأسرة الأرستقراطية الثرية المؤمنة بتعدد الحضارات والثقافات، كما أنه شاهد على دمار وتخلف الحاضر الجاهلى، مشيرا بذلك إلى وطن فقد ثقافته وحضارته وتشوهت هويته جراء تلك الحروب.

فى بداية عام 2002 بدأت حركة إعمار أفغانستان، وتوالت العديد من لجان الإغاثة؛ لإعادة البناء وعلاج ضحايا الحروب بالاضافة الى مساعدة اللاجئين بالعودة مرة أخرى. يمثل دور هذه اللجان داخل الرواية الطبيب اليونانى «ماركوس» الذى تخلي عن حلم الشهرة والمكاسب الخيالية كجراح للتجميل مقابل إيمانه بمساعدة ضحايا الحروب فى جميع أنحاء العالم، حتى انتهت رحلته بإقامة لا تنتهى فى أفغانستان لتتجمع فى يديه خيوط العديد من الحكايات لأبطال الرواية.

بالرغم من أن الكاتب لم يسلط الضوء على حركة الحروب وتفاصيلها، لكنه لم يتجاهل أن يتحدث عن أحد مجرمى الحرب دون أن يشير إلى أى الجهات المتنازعة كان ينتمى؛ فهو لم ينتمى سوى للمال الذى حصل عليه عقب انتهاء دوره فى جريمة الخراب، ثم عاد مرة ثانية فى عباءة رجل دين مغتصب للأراضي والممتلكات ثم يشارك بها في حركة الإعمار!

يذهب بنا الكاتب إلى حكاية أخرى «تيمور وإدريس» أبناء العم؛ الذين عادوا مرة أخرى بانتماء شكلى، فقد تظاهروا بالعودة إلى أفغانستان من أجل المساعدة، وهم فى حقيقة الأمرعادوا لاستعادة ممتلكاتهم التى خلفوها ورائهم للهروب من ويلات الحروب، كما أختصر الكاتب معاناة المواطنين الأفغان فى حال الطفلة «روشى» التى أصبح التبنى هو كل أحلامها، وطوق النجاة الوحيد من الفقر والمرض وأنتهاك حقوق الإنسان فى أبشع صوره.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل