المحتوى الرئيسى

قناديل البحر | المصري اليوم

07/06 23:44

الظواهر البيئية من توابع الاحتباس الحرارى وارتفاع حرارة المحيطات والبحار مع عمليات تلويث البحار بكل أنواع القمامة على مدار قرن يتوج كل هذه كوارث الصيد الجائر بكل أنواعه وبكل الطرق الجهنمية مع وقوف أجهزة الدولة موقف المتفرج رغم كم القوانين التى سنتها طوال عشرات السنين والاتفاقيات الدولية التى وقعتها مصر لحماية البيئة البحرية، وحتى لو اتفقت عدة وزارات على تفعيل القوانين وحماية التنوع الحياتى البحرى فى قطاع معين يضم محميات بحرية يقوم محافظ بوقف التنفيذ ومنع تطبيق منظومة الحماية المتفق عليها لأسباب غير منطقية وغير مقبولة ليستمر نشاط الصيد الجائر الكارثى أمام سواحلنا، وهو ما يتسبب فى توابع بالغة السلبية.

سبب مقالتى هذه ظاهرة انتشار أسراب قناديل البحر اللاسعة (وهى جوفمعويات هلامية على شكل مظلة تطفو فى المياه السطحية تقتنص طعامها بزوائدها المكتظة بالخلايا اللاسعة السامة) أمام وعلى معظم شواطئ الساحل الشمالى، ما تسبب فى إجبار المصيفين وعائلاتهم لفترات على إخلاء الشواطئ والحرمان من متعة السياحة والسباحة وكامل النشاطات البحرية والاستمتاع بإجازة الصيف.

هذه الظاهرة بدأت حوالى عام ١٩٨٧ أمام سواحل العريش وتسببت فى توابع سلبية للنشاط السياحى وإصابات حارقة مؤلمة لعدد كبير من السابحين ومنهم الأطفال، استدعت علاجا تعدى الشهر. وبالتدريج بدأت هذه الظاهرة فى الزحف غرباً عاماً بعد عام، حيث بلغت بورسعيد ثم دمياط ثم الإسكندرية، وعام ٢٠١٧ ضربت مساحات كبيرة من الساحل الشمالى من منتصف شهر يونيو وستستمر حتى منتصف شهر أغسطس. وقد ضربت هذه الظاهرة معظم سواحل دول حوض البحر المتوسط. مع وجوب الإشارة إلى أن الأنواع المعنية بالبحر المتوسط ليست بالقاتلة، فقط تسبب حروقا والتهابات مؤلمة للغاية وإفرازات جلدية تحتاج لعلاج وعقاقير، والسبيل الوحيد لوقف تفاقم هذه الظاهرة محلياً هو تحرك وزارة الزراعة ووزارة البيئة والمحافظات الساحلية لتطبيق منظومة القوانين المنظمة للصيد والحظر التام والقاطع لصيد السلاحف البحرية بأنواعها وتشييد مزارع لإكثارها، حيث من المعروف أن غذاءها المفضل هو قناديل البحر، فطوال نصف قرن نشاط الصيد الجائر لهذا الكائن أمام سواحل مصر أخل بالتوازن الحياتى بالبحر.

أما دولياً، فواجب تفعيل اتفاقيات التعاون الموقعة مع دول حوض البحر المتوسط والبحر الأحمر بالتكاتف لمواجهة هذه الظاهرة قبل استفحالها، فمن المؤكد أن هناك أساليب حديثة متطورة تسهل مقاومته والحد من انتشار هذا الكائن البحرى الضار.

ويهمنى سرد معلومات عامة عن هذا الكائن الذى ظهر ببحار العالم منذ خمسمائة مليون سنة بأحجام تبدأ من سنتيمتر مكعب وهى أصغر الأنواع شفافة اللون، صعب جداً تمييزها وسط المياه ولسعاتها مؤلمة للغاية، أما أكبرها حجماً فهى التى تطفو بالمحيط الأطلنطى مقاربة للقطب الشمالى، فقطرها يتعدى المترين وطول زوائدها ستة وثلاثون متراً، وتلقب بقنديل الأسد، وسوف أعتمد على الأسماء العامية المتداولة وتفادى الأسماء العلمية المعقدة.

من رحمة الله تعالى أن الأنواع القاتلة حتى اليوم لم تصل للبحر الأحمر ولا البحر المتوسط، فأخطر كائن سام فى عالمنا اليوم هو قنديل البحر الصندوقى وهو الذى يفرز سماً توابعه أضعاف أضعاف سم أخطر الأفاعى والمصاب يموت بعد أربع دقائق، وضحايا هذا الكائن البحرى أضعاف ضحايا هجمات القروش القاتلة، فسم قنديل صندوقى واحد كفيل بقتل ستين إنسانا، ورأس هذا الكائن فى حجم كرة القدم تخرج منه ستون زائدة بطول خمسة أمتار تضم ملايين الإبر السامة، وهذا النوع منتشر أمام السواحل الشمالية للقارة الأسترالية وأمام السواحل الجنوبية الشرقية لآسيا، وفِى مواسم انتشارها تتسبب فى إخلاء مساحات هائلة من الشواطئ وحظر دخول البشر لفترات طويلة حتى عند انحسار هذه الظاهرة، حيث تشكل رمال الشواطئ خطرا داهما لمن يسير عليها لتشربها بملايين الإبر السامة التى قذفتها الأمواج.

يلى هذا النوع قنديل البحر الملقب بالمحارب البرتغالى وهو الذى يطفو مع تيارات المحيط الأطلنطى ورأسه يشبه بالونة الأطفال الفارغة تشكل شراعا يدفعها الهواء وطول زوائدها خمسون متراً، وأذكر أن هذا النوع كاد يقتل المغامر المصرى جورج سوريال وزميلا له أثناء عبور المحيط على السفينة المشكلة من سيقان البردى رع واحد عام ١٩٧٩.

وقد تسببت أسراب قناديل البحر فى خسائر جسيمة لشركات وأساطيل الصيد المملوكة للدول المطلة عليه بلغت ٣٥٠ مليون دولار وقتها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل