المحتوى الرئيسى

ملابس العيد.. أحلام مؤجلة فى عيون الفقراء

06/24 21:31

العيد فرحة فى عيون الأبناء والآباء، وترتسم ملامحه عند الصغار بالملابس الجديدة والعيدية.. وينتظر الصغار العيد كل عام آملين فى تحقيق ما يتمنون ليبدوا فى أبهى صورهم عند لقاء الأهل والأصدقاء.

واعتاد المصريون على شراء ملابس العيد خلال شهر رمضان المبارك حيث تتحول محلات وسط البلد ووكالة البلح إلى «خلية نحل» وتنافس فى الأسعار والموديلات تنتعش معها الأسواق على مدار الساعة.

الوضع هذا العام بات مختلفًا تمامًا تبدلت الأحوال مع الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى يعيشها المصريون وموجات الغلاء غير المعقولة، ما أصاب الأسواق بحالة كبيرة من الركود وسكن الصمت شوارع المدينة وبات أصحاب المحلات يستجدون المشترين دون جدوى.

الأزمة انتقل صداها للأهالى الذين فاقت الأسعار قدراتهم الشرائية قاصمة لظهورهم وفوق مقدرة جيوبهم الخاوية.. الجميع اكتفى بالفرجة.. أما الصغار فباتت أحلامهم مؤجلة فى لبس العيد الجديد.. ولا عزاء للمصريين.

«عيد بأية حال عدت يا عيد: بما مضى أم بأمر فيك تجديد» هذا المطلع لقصيدة الشاعر الشهير المتنبى هو الأكثر تعبيرًا عن حال موسم بيع الملابس خلال عيد الفطر فهناك تجديد وهو ارتفاع الأسعار بشكل كبير لعدة أسباب أهمها تعويم الجنيه وارتفاع الدولار، فى الملابس الجاهزة.

تنقلت «الوفد» بين ثلاث مناطق لبيع الملابس لرصد حركة البيع والشراء وكانت المنطقة الأولى في شارع جزيرة العرب وشارع شهاب بالمهندسين وهو أرقى الأحياء فى محافظة الجيزة، ويشهد تواجد أكثر من ماركة ملابس عالمية.. فى جزيرة العرب شهدت بعض المحال التجارية والماركات إقبالاً متوسطًا على شراء الملابس استعدادًا لعيد الفطر وكان معظم الرواد من الشباب، أما الأسعار فكانت مرتفعة، فالتيشيرت الرجالى يتراوح أسعاره بين 145 و250 جنيهًا، والبنطلون الجينز يبدأ من 360 حتى 640 جنيهًا والقميص الرجالى من 240 إلى 480 جنيهًا، أما الأحذية فوصلت إلى أكثر من 650 جنيهًا فى بعض المحلات و«الكوتشى» من 380 إلى 690 جنيهًا، و«البدى» الحريمى من 350 - 550 جنيهًا والحذاء الحريمى من 290 إلى 490 جنيهًا.

كان الحال مختلفًا فى منطقة وسط البلد بالقاهرة حيث شهدت إقبالاً كبيرًا من الأسر والطبقة المتوسطة على شراء الملابس ولكن حركة البيع والشراء كانت ليست بمستوى الإقبال، فمعظم الزبائن تشاهد الأسعار ولا تشترى رغم أن الأسعار أقل إلى حد ما مقارنة بالمناطق الراقية، فوصل سعر القميص الرجالى من 140 إلى 270 جنيهًا، والتيشيرت الرجالى من 90 إلى 160، والشورت الرجالي من 100 إلى 170 جنيهًا، والبنطلون الجبردين من 140 إلى 250 والحذاء من 250 إلى 500 جنيه والكوتشى من 170 إلى 320 جنيهًا أما العباية الحريمى فتراوحت أسعارها بين 200 و 400 جنيهًا والجينز الحريمى من 120 إلى 250 أما الأطفال فالطقم بنطلون وتيشيرت وصل إلى 300 جنيه والترنج من 140 إلى 240 جنيهًا والحذاء الأطفالى من 90 إلى 170 جنيهًا.

فى منطقة وكالة البلح كان المشهد مختلفًا «هدوم العيد عندنا وبس.. قرب وشوف.. أفضل الملابس على قد الايد» شعارات يطلقها بائعو وكالة البلح لجذب المواطنين من أجل بيع بضائعهم لحثهم على الشراء.

وتعد «وكالة البلح» مقصدًا يلجأ إليها الفقراء لشراء الملابس الجديدة استعدادًا لاستقبال عيد الفطر، وسيطرت حالة من الانتعاش فى حركة البيع والشراء على أسواق الملابس بالوكالة، وتراوحت الأسعار للتيشيرت الرجالى من 55 إلى 75 جنيهًا ومن 75 إلى 110 للبنطلون الجينز والقميص الرجالى من 65 إلى 100 جنيه، والكوتشى من 65 إلى 95 جنيهًا والبنطلون الحريمى من 75 إلى 110 جنيهات والبدى الحريمى من 70 إلى 90 جنيهًا.

وعلى «فرش» أحد الباعة الجائلين بشوارع وكالة البلح وقفت «سماح مصطفى» موظفة، لا يتخطى عمرها الـ 40 عامًا شاكية من أسعار الملابس.. قالت: «السنة دى الأسعار غالية أوى.. واللبس مش حلو خالص» كلمات تفوهت بها لوصف حالها المرير ومعاناتها مع ارتفاع الأسعار، مؤكدة أنها تقوم بشراء قميص أو بنطلون لكل ولد من أولادها لتتماشى مع الملابس الجديدة الموجودة من العام الماضى.

حسام نصر«32 عاما» عامل، يفضل منطق وسط البلد للشراء لأن الأسعار متوسطة ولكن الموسم العام الحالى مختلف ويقول: «السنة اللى فاتت جايب القميص بـ 140 السنة دى اشتريته بـ220 يعنى كده فى زيادة كبيرة اوى وعلى كل الأنواع».

وقال سعيد يوسف «21 عاما»، طالب: كل الملابس زادت وكل البائعين يعلقون الزيادة على ارتفاع الدولار والتعويم، ولكن ما ذنب المستهلك فى تلك الزيادة الكبيرة ويضيف: السنة اللى فاتت تيشيرت وبنطلون وكوتشى كنت بجيبهم بـ 500 جنيه السنة دى علشان اجيبهم لقيتهم بـ 850 جنيه فاشتريت تيشيرت بس».

فيما قال منتصر سيد، مالك أحد المحلات التجارية للملابس بمنطقة وسط البلد: إن حركة البيع والشراء قد اختلفت هذا العام وقلت بنسبة 60٪ مضيفًا أن الإقبال هذا العام على ملابس الشباب، أما ملابس الأطفال والحريمى فقلت بطريقة كبيرة، وكل هذا بسبب الحالة الاقتصادية وارتفاع الدولار والتعويم وقلة الاستيراد وأيضًا عدم توافر العملة الصعبة.

وأضاف سيد: إن سعر البنطلون المستورد والمحلى زاد الضعف، على الرغم من عدم توافر الخامة المستوردة، فالبنطلون المحلى كان سعره 80 جنيهًا أصبح الآن بـ 140 جنيهًا، أما المستورد فوصل سعره إلى 250 جنيهًا فأكثر.

وتابع سيد أنهم يعانون الفترة الأخيرة بسبب غلاء الأسعار، وأن المستهلك يعتبر الأسعار مبالغ فيها ولكن ما باليد حيلة.

وقال عدد من أصحاب المحلات إن المواطنين اكتفوا بالفرجة فقط على عروض العيد والقليل منهم من يقوم بالشراء.

أكدت شعبة الملابس الجاهزة بالاتحاد العام للغرف التجارية تراجع حجم مبيعات الملابس بنسبة 30٪ مقارنة بالعام الماضى فضلاً عن ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ بلغ 70٪ للمحلى و100 إلى 150٪ للمستورد.

«مفيش موسم عيد ولا فيه فرحة.. الناس بالعافية بيجيبوا الأكل والشرب».. بهذه الكلمات استهل أحمد سلامة، بائع ملابس، حديثه قائلا: ان ارتفاع أسعار الملابس بنسبة 40٪ أثر بشكل كبير على حركة البيع والشراء، والتى قلت بنسبة 60٪ مشيرا إلى أن أزمة البيع ترجع لشهور طويلة وليست وليدة هذه الفترة.

واستكمل حديثه قائلا: إن الكثير من المواطنين غير قادرين على شراء الملابس واستكفوا فقط بشراء المتطلبات الأساسية بعد فصال ومشاجرات عديدة بين البائع والزبون.

وتابع: «الزبون دلوقتى مش هاين عليه يدفع مليم على اللبس وبيقول الأكل والشرب أهم».

وأضاف «سلامة» قائلا: تراجعت قيمة المبيعات كثيرًا عن الأعوام الماضية ما دفعت إلى الاستغناء عن العاملين فى المحل وأصبح يعمل بمفرده.

وقال «مراد حامد» بائع ملابس والذى يعمل بالمهنة منذ 20 عاما إنه لم يشهد طوال هذه المدة مثل تلك الأزمة الطاحنة التى تشهدها مصر حاليًا، مؤكدًا أن فى مثل هذا الوقت من كل عام تتحول محلات الملابس إلى خلية نحل مع بداية النصف الثانى من شهر رمضان وحتى العيد.

وأشار إلى أن عددًا كبيرًا من أصحاب المحلات فى وسط البلد يتعرضون لخسائر شهرية لا تقل عن 8 آلاف جنيه بسبب الركود، كما أن موديلات هذه الملابس وظهور موديلات جديدة يزيد من خسائر صاحب المحل فضلاً عن زيادة ايجار المحلات التى تفوق أضعاف ما يكسبه البائع حاليًا. ويبين أنه خلال الأعوام الماضية كانت محلات وسط البلد تعمل قبل العيد على مدار الساعة دون توقف أما الآن فالأيام كلها متشابهة.

وداخل وكالة البلح «قبلة الفقراء» التى يقصدها الأهالى من كل مكان نظرًا لأسعارها الرخيصة فضلاً عن كونها مكانًا لبيع الملابس المستعملة لم يكن الوضع مختلفًا وفقًا لمنعم عادل بائع ملابس، والذى أكد أن ارتفاع أسعار الملابس المستوردة حال دون الإقبال عليها وبات الفقير عاجزًا عن الشراء، وتابع: «بشوف دموع الناس لما بيحاولوا يشتروا اللبس المستعمل، خاصة لما يعجزوا عن شرائه علشان ارتفاع أسعاره، واللى معاه 3 أطفال بقى بيكسى واحد بس».

ومن الباعة إلى المستهلكين والذين عبروا عن غضبهم الشديد من ارتفاع أسعار الملابس بشكل ملحوظ ما أطفأ فرحة العيد فى عيون أطفالهم عن شراء الملابس الجديدة وحاول اللجوء لشراء المستعمل.

خيم الحزن والألم على وجوه المواطنين الذين يحاولون شراء ملابس العيد لأطفالهم، ورصدت عدسة «الوفد» طفلة لا يتجاوز عمرها الـ 10 أعوام تضع يدها على أحد الفساتين داخل المحل وهى تشعر بالحزن لعجز والديها عن شرائه لها، وتنساب دموع الطفلة وتحاول الأم تهدئتها وقالت: «معايا 4 عيال ودى أصغرهم ومش قادرة اشترى لهم غير طقم واحد بس بدل طقمين زى ما كنت بعمل زمان».

«لما يكون البنطلون الجينز النضيف بـ 300 جنيه.. نجيب ايه وبكام» بغضب شديد استهل أمجد صابر، موظف، حديثه قائلا: لدى 3 أبناء فى المرحلة الجامعية وعجزت عن شراء الملابس لهم، مشيرًا إلى أنه حاول اللجوء لشراء الملابس المستعملة لرخص ثمنها لكنه فوجئ بارتفاع أسعارها مما جعله يكتفى بشراء نصف الكمية المطلوبة من الملابس المستعملة.

وتابع: «حتى وكالة البلد اللى هى أرخص مكان بيبع لبس بقى زى محلات أولاد الذوات رفعوا السعر والشاطر اللى يقدر يشترى».

«عيالى زعلوا بس بقولهم انتم حالكم أحسن من غيركم اللى ملبسش خالص».. يشير «صبرى» إلى أن هناك المئات من الأسر عجزت عن شراء لبس العيد خاصة بعد ارتفاع أسعار الملابس المستعملة فى وكالة البلد، وتابع: «أقل عيل علشان يلبس دلوقتى عاوز 500 جنيه، اما الشاب مش أقل من 2000 جنيه».

وقالت «فاطمة»، ربة منزل: منذ أيام وأنا أبحث لأولادى عن ملابس العيد بلا جدوى وأشارت إلى أن زوجها يعمل باليومية ولا تملك سوى 1000 جنيه وتريد شراء ملابس لطفلين ولكن مع ارتفاع الأسعار عجزت عن الشراء.

وتابعت: «طبعًا مش هقدر اشترى لعيل بس والتانى لا، وفى نفس الوقت المبلغ مش مكفى وشم عارفه أعمل ايه.. بجد حرام».

وأوضح يحيى الزنانيرى رئيس شعبة الملابس الجاهزة باتحاد الغرف التجارية أن حجم الملابس الجاهزة المستوردة من الخارج بالسوق المصرى لا يتجاوز بالوقت الحالى 15٪ من حجم المعروض، وذلك لانخفاض حجم الاستيراد خلال الفترة الماضية لارتفاع سعر العملة وتعويم الجنيه مما اضطر التجار إلى الاعتماد على السوق المحلى بشكل كبير.. وقال: تكلفة إنتاج الملابس زادت بنسب لا تقل عن 70٪، فيما لا تغطى الزيادة الحالية فى أسعار الملابس الارتفاع الحالى فى تكلفة مستلزمات الإنتاج ويتحمل المصنعون والتجار تلك الزيادة من أجل إرضاء المستهلك والمساعدة فى تنشيط حركة البيع.

وقال جمال السمالوطى، رئيس غرفة صناعة الجلود: إن أسعار المنتجات الجلدية، على رأسها الأحذية وغيرها مثل الكوتشى والشنط الحريمى، تشهد ارتفاعًا يصل إلى 40٪، مقارنة بالعام الماضى، بسبب الارتفاع غير المسبوق فى أسعار مستلزمات الإنتاج، وارتفعت أسعار الخامات ومستلزمات الإنتاج لنسب تتراوح من 120٪ إلى 130٪.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل