المحتوى الرئيسى

من يقود الإخوان بقطر؟

06/23 12:54

فى فترة التسعينيات انقسم جسم الجماعة القطرى، تحديدًا عام 1999، أصبح هناك قسمان إخوانيان، فبرز تيار ركز على الأمور التربوية والمؤسسات التعليمية، وحلقات حفظ القرآن، والأُسَر، والتعليم الشرعى، والقسم الآخر تعاون مع التنظيم العالمى للجماعة، إلا أنه فيما بعد أعلن عن حل نفسه فى عام ٢٠٠٣، بعد ضغوط، وخوفًا من أن ينال الجماعة أى تفتيت بعد الضغط الخليجى، وحرصًا على أن تمرر الجماعة ذاتها بسهولة فى المجتمع القطرى.

كان من أهم الأسباب لحل الجماعة وتفكيكها بقطر، هو الاتفاق الضمنى الذى يشبه إلى حد ما ذلك الاتفاق الذى حدث فيما بعد بين قناة الجزيرة مع الحكومة القطرية، وهو ألا تتناول القناة أى أحداث داخلية خاصة بالإمارة، بينما تتحرك وتنقل ما يجرى خارجيا بحرية، فحلت الجماعة نفسها داخليا، إلا أنه سمح لها بالعمل دوليا.

كما من أهم الأسباب هو ملاحقة حكومات دول الخليج الجماعة التى تتآمر طوال الوقت على تقويض هذه الأنظمة، مما سبب حالة من الإرباك فى أوساط التيار الإخوانى بقطر، فاتخذ البعض قرار إلغاء الجماعة وتفكيكها فى عام 2003، لكن الجماعة فى مصر عارضت الحل على لسان الدكتور عصام العريان القيادى الإخوانى المصرى، الذى قال: «إن الحالة القطرية لم تصل بعد إلى النضج الكافى الذى يجعلنا نحكم عليها».

خلال تلك الفترة جاء الدكتور عبد الله النفيسى إلى الدوحة واستقبلته المجموعة التى اقترحت حل الجماعة وأقنعته بالفكرة، فخرج النفيسى من ذلك المجلس وكتب مقالته الشهيرة عن الإخوان المسلمين فى قطر، التى أيد فيها قرار الحل أو التفكيك، ودعا لأن يكون مثالًا يحتذى.

كان القرضاوى فى هذه الفترة ساهم هو والجماعة فى تأسيس وزارة التربية والتعليم وكذلك معهد الدراسات الدينية، ثم قام بإنشاء مشروع فكرى وصحفى كبير تمثل فى مجلة «الأمة القطرية» التى صدر منها (72) عددًا حتى توقفت، ثم تولى تأسيس وعمادة كلية الشريعة الإسلامية فى جامعة قطر، كما أصبح مديرا لمركز بحوث السنة والسيرة النبوية بجامعة قطر.

أما عبد البديع صقر فقد وصل إلى قطر، وأحضر إلى قطر رجلين هما د. عز الدين إبراهيم والأستاذ كمال ناجى، وتوالت الدفعات بعد ذلك، وبعدها تم تعيينه مستشارًا ثقافيا لحاكم قطر.

اختار الإخوان فى إمارات الخليج عز الدين إبراهيم مسؤولًا لهم، ووصل الدوحة بعد أن تم طرده من الإمارات بعد مؤامراته هو الجماعة هناك، وبعدها جاء كمال ناجى وعلى شحاتة من السودان، وعبد الحليم أبوشقة ومحمد مصطفى الأعظمى.

كانت هناك شخصية قطرية مهمة، وهى جاسم سلطان الذى كان زميلًا لعبد المنعم أبو الفتوح وعصام العريان فى كلية الطب، وحين عاد للدوحة اصطدم بضيق أفق للقيادة، وقرر عمل مراجعات على تجربة (الإخوان) فى مصر وتجارب (الإخوان) خارج مصر.

عملية المراجعة الداخلية استمرت طيلة عقدى الثمانينيات والتسعينيات، ونشر ذلك بعنوان «حول أساسيات المشروع الإسلامى لنهضة الأمة.. قراءة فى فكر الإمام الشهيد حسن البنا».

استمر الجدل الداخلى فى الجماعة القطرية، وانتهى إلى قرار حاسم اتخذه مجلس شورى الجماعة بحل الجماعة لنفسها، واندماج أفرادها فى مؤسسات المجتمع المدنى القائمة وتكوين تيار إسلامى آخر، إلا أن القرضاوى رفض ذلك، وتم الاتفاق على إنشاء الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، بتمويل الدوحة.

لقد اعتمدت قطر على سياسة الأبواب المفتوحة والدعم المالى والإعلامى الواسع مع التيارات الإسلاموية ومنها الإخوان، بينما اعتمدت دول مثل مصر على مقاربة أخرى تعتمد الحصار الأمنى وتجفيف المنابع.

قطر رأت أن احتضان الجماعة هو فرصة مثالية لاستثمار نفوذها فى عدد من الدول العربية، فاحتضنت مؤتمراتهم ومنتدياتهم، كما استقبلت رموزهم، وقدمت لهم مختلف أنواع الدعم الإعلامى والسياسى والمادى.

فبالنسبة لقطر، يبلغ عدد سكانها حوالى مليون و700 ألف نسمة حسب إحصاء 2010، لا يتجاوز المواطنون القطريون فيهم 300 ألف، وهو عدد قليل مقارنة بسكان المملكة العربية السعودية مثلا أو حتى الإمارات، والعلاقة بين ذلك وسياسة قطر تجاه الإخوان، أن السياسة القطرية تتحرك فى غياب عنصر الشعب، وهو ما يحرر حكام الإمارة من أى خوف من أن يراهن الإخوان على قلب موازين الحكم داخل البلد.

عنصر آخر يتعلق باختلاف الأدوار فى صياغة التوجهات السياسية الأمريكية فى المنطقة، فقطر تلعب دورا وظيفيا فى بلورة التوجهات الأمريكية الجديدة القائمة على إشراك التيارات الإسلامية المعتدلة فى الحكم وفقا للسيناريوهات الغربية فى عدد من الدول، وأمريكا تشجع الإسلام السياسى المعتدل وتشجع فى الوقت نفسه القوى المعارضة والمناوئة له لخلق نوع من الضغط عليه وضمان استمرار التوازن المطلوب، وقطر بلغت فى علاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية مستويات كبيرة، إلى حد احتضان قواعد عسكرية أمريكية، فضلًا عن أن قطر الدولة الصغيرة سعت إلى لعب أدوار كبيرة تتجاوز حدودها وتصل المغرب الأقصى مرورا بمصر ومالى.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل